يا أهلا وسهلا بمصرنا الجديدة،مصرنا الطائفية. ويا ميت مرحبا بالحرب الأهلية وبحور الدم مابين المصريين. تحولنا والحمد لله إلي دولة ظلامية وتحول العقل المصري الذي كان مبعث فخرنا ورأسمالنا إلي عقل غبي جاهل ضيق الأفق يظن أن قتل المسيحيين واجب شرعي. يسعدني حقا أن نقلد إخواننا السعوديين وأن نتخذ منهم مثلا أعلي. أمر طبيعي، خمسون عاما فقط كنا نتولاهم ونفوسنا يملأها العجب من درجة البداوة وحجم الجهل والتعصب والعصبية، والآن نغرق نحن في الفقر المدقع والجهل والتخلف، نرتدي الإزار الباكستاني ونربي الذقون، وترتدي بناتنا كمامات أنفلونزا الخنازير بدلا من النقاب في لجان الامتحانات في منظر هزلي ومضحك وذلك لأن رؤية "المناخير"حرام.
أما الدولة فهي مشغولة بأمور أهم، البقاء في الحكم ثم استغلال هذا البقاء لبيع أرض مصر وكل إنجازاتها التي اعتبرناها يوما مدعاة للفخر. باعوا الساحل الشمالي والعين السخنة والمقطم وعمر أفندي ومؤسساتنا وأرضنا، وهم علي وشك بيع المريس علي ضفة النيل لمن يدفع، ولا يهم حتى أن يدفع أكثر، طالما أنهم يضمنون عمولاتهم. ولا أستبعد أن نستيقظ ذات صباح لنجد أن الأمريكان أو حتى إمارة أبو ظبي قد اشتروا السد العالي ذاته وقبضت الحكومة ثمنه وسوف نشرب ماءنا بأمر الخواجة.
الخليجيون يشترون مصر هم والأمريكان والإسرائيليون، وسنتحول نحن إلي خدم وعبيد نتفرج عليهم من بعيد لبعيد. ولكن كل هذا لا يهم. الأهم هو أن نقتل بعضنا بعضا وأن نستحل ممتلكاتنا البسيطة التي بقيت من حطام الزمن الأغبر. ولن يحل كل كوارث هذا البلد الذي لم أعد أعرفه إلا قتل المسيحيين في ظل دولة رخوة، سايبة، لا انضباط فيها ولا قانون يحمي أحدا من أحد.. أحكام تصدر ولا تحترم، قرارات تصدر ولا تنفذ، قوانين تنظيمية حبر علي ورق والفائز من يدفع أكثر. حتى الوساخة أصبحت تزكم الأنوف في كل مكان في مجتمعنا الإسلامي الجميل.
نعم لقد توحشنا، توحشنا من الجوع كسمك بحيرة ناصر، فأصبحنا نأكل بعضنا بعضا تحت كل مسمي وكل ذريعة، والدولة تقف منا كالصياد علي شاطئ البحيرة يأكلون ويشربون ويتفرجون بلا مبالاة، شرط أن يظل هذا السمك المتوحش بعيدا عنهم. فلا أمن ولا حماية. نعم الأقباط في مصر مضطهدون وعلي كل شكل ولون، وأصبحت حياتهم في مصر جحيما لا يطاق سواء في الأمن أو في الرزق وأكل العيش والأمل في المستقبل لأن هذا هو حكم الشرع فيهم من وجهة نظر هؤلاء البلطجية الذين نصبوا أنفسهم أوصياء علي الدين، حتى في الحواري والأزقة والأحياء الشعبية. نعم إن الدولة مقصرة في حماية الأقباط ولكن، الأكثر مدعاة للأسف هو أن الأقباط اليوم في مصرنا الطائفية أصبحوا فعلا في حاجة إلي الحماية.
اقرأ أيضاً:
شجرة بثينة/ برضه ليها وحشة