دعيت هذا الأسبوع لمقابلة على إحدى قنوات التلفزيون المصري وقبلت حبا وكرامة لمن غامروا ودعوني.. ودخلت التلفزيون حيث تدربت وتعلمت على أيدي أساتذة أجلاء في الإذاعة والتلفزيون وعلى رأسهم الأستاذ صبري سلامة رحمه الله والأستاذة هالة الحديدي والأستاذ محمود سلطان ربنا يديهم الصحة وبالطبع غيرهم كثر. كل هذا مقدمة لزوم الشجن.. عموما عندما أقبل مثل هذه الدعوات أول ما يخطر على بالي صديقي إبراهيم عيسى الذي دائما ما يسألني لماذا؟.. وأنا على باب "المبنى" هكذا نطلق على مبنى ماسبيرو، رأيت صحفيا كان يوما ما ناصريا معارضا واليوم أصبح حكوميا معدا بأحد البرامج أو كبيرا للمعدين لا أدري فأنا بشكل عام لا أتابع الشاشة إلا للأخبار ولا أتفرج حتى على نفسي في الإعادة. ومن هذا البعد الشديد عن الشاشة المصرية دعوني ألقي عليكم بعض انطباعاتي من عين خارجية.. المذيعة ممتلكة لأدواتها ملامحها مصرية خالصة والديكور مقبول والمخرج هادئ وإن كان صوته قد خرق أذن المذيعة على مدى ساعة هي مدة الحلقة وهو سلوك منتشر بين المخرجين في كل القنوات خاصة كانت أو حكومية، مشفرة أو مفتوحة ولابد أن يجدوا حلا لأن ذلك يشتت المذيع عن الحوار.
كل ذلك مقدمة لما بدأت المقالة لأعترف به لكم ولا ألوم زملائي لا سمح الله ولكني أكتب للسادة المسئولين في ماسبيرو ربما أعطوا توجيهات مغايرة إذا هم اتفقوا معي في رؤيتي.. فقبل ظهوري على الشاشة طلبت مني المذيعة الشابة متحرجة وآسفة بأن أنزع دبوس "ضد الفساد" الذي أرتديه دائما، وفعلت لعدم إحراج أحد وسألت الضيف الذي كان يشاركني الحلقة عن مغزى هذا الطلب فأجاب ساخرا بأن الأمر منطقي للغاية فإني بارتدائي دبوس "ضد الفساد" أشير علي كل الفاسدين في المبنى وأدركت كم أننا لم نتحرك قيد أنملة في الإعلام المصري، هل تعلمون لماذا؟ لأني أعرف أن تقريبا كل العاملين في البرنامج يحبون ارتدائي للدبوس ولكنهم ليسوا أحرارا، إنهم دائما خائفون من أن يغضب عليهم رؤساؤهم، إنه الخوف الذي يعشش داخل ماسبيرو فتحس أنك في مبنى أمني وليس دارا للإعلام والابتكار فتجئ الممارسات وبالتالي الشاشة متخلفة وهذا بيت القصيد فقد وجدت كل "الكليبات" وكنا يوم فوز مصر بكأس الأمم اللأفريقية بها لقطات لعلاء وجمال مبارك وبالطبع الرئيس مبارك وهي دعاية رديئة لا أشاهدها إلا إذا عبرت على التلفزيون الأردني فأرى الأغاني الوطنية والملك عبد الله في الصحراء أو وهو يتدرب مع الجنود.
يا أيها المسئولون في ماسبيرو تلك الطريقة الدعائية لا تختلف عن إعلام الستينات والسبعينات ولا تجوز في 2010، إنها دعاية مسيئة وإن دلت على شيء فعلى أننا لا نعيش في بلد ديمقراطي والأدهى والأضل هو أن كل المداخلات من الفنانين والرياضيين المعتزلين لابد أن تهدي الفوز للسيد الرئيس وأحيانا لأنجال السيد الرئيس.. هل يمكن أن تفرق معكم كلماتي هذه وتفهمون أن مثل ذلك الإعلام قد ولى وأنه يضر أكثر مما يفيد، يشوه أكثر مما يجمل؟.. والحقيقة أنه وبرغم كل هذا فقد سعدت باللقاء لأن جمهور الشاشات المفتوحة بيوحشني فأنا مذيعة الراديو الترانزستور والمساجين والمجندين وهم سهرانين في الصحراء أو ماعرفش فين.. المهم إن فيه جمهور معين بيوحشني.. أو يمكن أنا طماعة؟! وماله..!!
وأخيرا أشكر السيدة هدى من جمهوري الأرضي الحبيب التي أخبرتني على الهواء أن ابنها مصطفي يشبهني من كثرة ما كانت تحبني وتتابعني على الشاشة وهي حامل.. والله ليكم وحشة..
اقرأ أيضاً:
الأقباط فعلا في حاجة إلي حماية/ الفساد حتى مع متضرري السيول