قال لي دكتور أوسم وصفي الطبيب النفسي المشغول دوما بتهذيب النفس المصرية من سلبيتها "مصر في حالة مخاض ونأمل أن يأتي المولود صحيحا". خلال أسبوع واحد خضت مع المصريين مواقف تؤكد حالة المخاض التي نتكلم عنها. في أول الأسبوع كان لقائي وثلاث عشرة شخصية نسائية مع دكتور محمد البرادعي، الذي قال لنا "لا تروجوا للأشخاص ولكن للأفكار" وقال أيضا "إن المصري يجب أن يدرك أنه لن يستطيع تأمين لقمة عيشه ما لم يكن له دور فعال وحقيقي في رسم سياسة بلده".
وفي منتصف الأسبوع كانت إيمان مراد تقود اعتصاما أمام مجلس الشعب، إيمان مراد هي فتاة عمرها 27سنة وحاصلة على ليسانس حقوق وليسانس آداب وكان اعتصامها مع زملائها من ذوي الإعاقة للمطالبة بتطبيق القانون الذي يلزم جهات العمل بتعيين نسبة 5% منهم في كل منشأة، تلقيت دعوتها الكريمة وكان شرفا لي أن أشارك. وفي نهاية الأسبوع يتواصل الكفاح من أجل إنقاذ قرية المريس من براثن الحكومة ورجال أعمالها الذين يريدون نزع ملكيتها وطرد سكانها من عليها وتبوير أرضها الزراعية الخصبة من أجل مشروع استثماري واحد.
طارت الكاميرات إلى هناك لتنقل واقعها على الطبيعة، وكان أن اتصل بي من هناك عم عبد العزيز ليخبرني أن قوات الأمن تدخلت أثناء التصوير لمنعه، وكان المشهد العجيب الذي يتلخص في مئات من الجنود والضباط يمنعون الكاميرات بحجة عدم وجود تصريح، والأغرب أن الضباط أنفسهم عبروا عن تعاطفهم مع قضية أهل المريس إلا أنهم محكومون بالأوامر العليا هكذا دار الحوار بينهم وبين الأهالي، وكان أن اتصل مدير الإنتاج باللواء سمير فرج محافظ الأقصر طلبا للتصريح فكان رده الغريب العجيب أنه لا يريد وجع الدماغ، وأنهم إذا أرادوا التصوير فليصوروا معه هو فقط، وأنه في سبيله لتنفيذ نزع الملكية في أقرب وقت ممكن ومش عايز قلق. وكان أن تجمهر الأهالي لحماية الكاميرات.
هذا هو المنع الثاني من جانب سمير فرج، أما الأول فكان عندما تدخل شخصيا لدى نقيب الصحفيين قبل أسبوع لمنع ندوة قانونية هندسية في النقابة للدفاع عن أهل المريس وأرضها. ملخص كل هذا في كلمتين "مصر تتحرك"، إن الزمان حولي يتغير ولا أظن أن المصريين في مستقبل أيامهم سيقبلون مرة ثانية أن يتم حكمهم على ذات النحو الأثري الذي حدث في الماضي، لقد تعلم المصريون بثمن غال أن يطالبوا بحقوقهم وهذه خطوة عظيمة على طريق نزع الخوف المتأصل في نفوسنا نحن المصريون والخطوة التالية هي أن نتخلى عن صنع السيناريوهات المحبطة التي تتنبأ بفشلنا حتى قبل أن نبدأ. خطوة في الاتجاه الصحيح تجعل مستقبل هذا الشعب أمامه وفي ذات الوقت تجعل مستقبل هذه الحكومة خلفها.
اقرأ أيضاً:
هذا ما أريد أن أقوله للبرادعي/ بلاغ إلى النائب العام من أهالي قرية المريس