التهمة خطيرة. إنه أمن مصر القومي الذي يريد دكتور سمير فرج ومن خلفه الدكتور أحمد نظيف اغتياله وإهدار دمه على ضفاف نيل الأقصر بالاستيلاء على قرية مصرية وطرد سكانها المزارعين وتبوير مئات الأفدنة من أجل إقامة منتجع سياحي ومرسى للبواخر السياحية. إنها مأساة المريس يا سادة. لقد وقع تحت يدي تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية الذي يتعلق بتنمية مدينة الأقصر تحت إشراف السيدة سوزان مبارك، يتحدث التقرير عن خطط تفصيلية تهدف لتنمية الأقصر كمنطقة سياحية عالمية ويقول التقرير بشكل واضح وقاطع عن تفاصيل مطولة تتعلق بسبل التنمية الريفية والاهتمام بالزراعة من خلال تكوين قرى نموذجية ومجتمعات زراعية صغيرة مع إقامة مرسى للبواخر في منطقة الطود باعتبارها أكثر المناطق ملائمة لظروف الأرض والسكان دون مساس بالتكوين الطبيعي لهذا أو ذاك، ويؤكد التقرير أن تطوير المجتمع الزراعي بمشاركة الأهالي هو محور أساسي في التنمية السياحية للأقصر متحدثا عن ضرورة أن يتم هذا التطوير بالتعاون بين الحكومة والأهالي وتحت إشرافها وبدعمها باعتبار أن ذلك بحسب وصف التقرير هو أولوية قومية.
أقف كثيرا عند مدلول الأولوية القومية وأتألم فالأولوية القومية كما يراها برنامج الأمم المتحدة تحت إشراف السيدة سوزان مبارك يهتم بالإنسان الذي يجب أن يعيش كريما ويزرع الأرض أما أولوية دكتور سمير فرج ومن خلفه السيد رئيس الوزراء فهي طرد الإنسان وتدمير أرضه وإقامة منتجع سياحي يتمتع به بشر من نوع آخر ينامون باسترخاء تحت شمس الأقصر على أنقاض إنسانية هؤلاء.
أتخيل حجم المأساة ودرجة المرارة عندما يقض مضجع أهالي القرية مشهد سيارات الأمن المركزي المرعبة تقف على مبعدة مستعدة لكل أنواع البطش والتنكيل. هذه إذن هي ترجمة سمير فرج وأحمد نظيف للأولوية القومية التي تتحدث عنها الأمم المتحدة، إنهم يجهزون المفرمة للناس الذين اضطروا لإقامة المتاريس والاستعداد للدفاع عن بيوتهم بأجسادهم. ولا يبقى أمام هذا التغول والانتهاك سوى أن أرفع صرخة ضد هذا الظلم وهؤلاء الظالمين، أرفعها لسيادة النائب العام لأقول له إننا جميعا في هذا البلد مجرد ضيوف على هذه الحكومة التي تتصرف في بلدنا تصرفات المالك بعقد مسجل، تطرد من تشاء وتستبقي من تشاء بقرار منفرد سقط بمضي المدة وبقرار فردي آخر لم تكلف الحكومة نفسها أن تجتمع لإصداره طبقا للقانون ودون حتى أن تكلف نفسها نشره في الجريدة الرسمية باعتبار أن شعبنا من المحكومين ليسوا إلا حفنة من المطاريد لا حساب لهم، يا سيادة النائب العام حتى الملاك بعقد مسجل لا يستطيعون طرد الحائزين إلا بحكم محكمة ولكن هؤلاء هم الحكم وهم المحكمة وقواتهم تستعد على أول الشارع.
اقرأ أيضاً:
المخاض/ حمال الأسية