فشل أوباما أو كاد، والذي كان قد كان، خذ عندك بعض عناوين هذا الأسبوع: "خيبة فلسطينية من تراجع أوباما عن وعوده"- "أول أعوام أوباما الأفغانية تنتهي بازدياد نفوذ القاعدة وطالبان" – "أوباما وأخطاؤه في العام الأول" - "سنة 2010 سوف تكون سنة بائسة لأوباما مثل سابقتها" – أوباما يفقد أغلبيته في الكونجرس"..." فشل أوباما في تمرير قانون الرعاية الصحية كما وعد " .. "شخص واحد من بين 3 أشخاص في ولاية نيوجرسي يعتبرون أن أوباما هو المسيخ الدجال". وأخيراً اعترف هو نفسه ببعض ذلك في تصريحاته في أهرام اليوم (23/1/2010) الصفحة الأولى، "أوباما يعترف لعجزه عن حل مشكلة الشرق الأوسط" إلخ.
عدت إلى ما سبق أن نشرته عن هذا الشاب منذ نجاحه في الانتخابات، وحتى قبل تنصيبه رسميا، لأقتطف ما سبق أن تنبأت به، لكنني لم أجد دافعا كافيا لأتباهى ببعد نظري أو أتمنظري بنرجسيتي،
ماذا أستفيد أنا أو يستفيد الناس حين أكتب أنا أو غيري رأيا أو رؤية ثاقبة قبل الحدث المعنى ثم تثبت صحتها؟ يا فرحتي! لمن أكتب؟ ولماذا؟ لا بعد النظر يفيد، ولا التحذير يجدي، وكله محصل بعضه، هذا بالنسبة لمواطن عادي مثل حالاتي، لا يفهم في السياسة أصلا، فما بالك بمرجع فذ مثل الأستاذ القدير محمد حسنين هيكل؟ ما فائدة كل ما يقول، ويعيد، ويحلل، ما فائدة كل ذلك عند أصحاب القرار، بل عند المواطن المصري العادي (باعتباره ناخبا، قال يعني)؟ بل ماذا يفيد مثل ذلك عند الناخب الأمريكي والأمور تدار أعمق بكثير من كل ما يبدو على السطح؟
نشرت صحيفة الشروق، بتاريخ 22 الجاري، تحقيقا، يثبت أن توقعات الأستاذ حسنين هيكل تتحقق، وأوردت الصحيفة جانبا من أقوال هذا الرجل الذكي القدير، بعد خطاب أوباما في جامعة القاهرة، وقد ثبت أن الأستاذ الكبير: كبير جدا، لأنه قال فأصاب الهدف، بحرفية وأناقة كالعادة، خذ مثلا قوله: "إننا أمام تغيير في التعبير، وليس تغييرا في السياسات"، وهذا صحيح، ثم أردف "إن تغيير السياسات مكانه في الكونجرس، وليس جامعة القاهرة"...
رحت أتساءل بكل جهلي السياسي، وتفكيري التآمري: ألا يعرف هذا الأستاذ الكبير، أن تغيير السياسات في أمريكا، وفي أي أمريكا، ليس مكانه الكونجرس، ولا حتى البيت الأبيض، ولكن مكانه في مجالس إدارات الشركات العملاقة عابرة القارات، وقرارات المافيا، وتجار المخدرات؟ " ألا يتابع سيادته كيف أن أنفلونزا الخنازير –وهي عملية شبه عالمية- اشتركت فيها كل الهيئات المحركة للقرار السياسي عبر العالم، وأقامت الدنيا وأقعدتها وكأنها تتكلم عن الأمراض والصحة والعلاج والعلم، وكل هذا ليس إلا سياسة لخدمة القوى التحتية؟ ألم يبلغ سيادته أن إسرائيل بجلالة قدرها هي خدعة مالية استغلالية استعمارية احتكارية تستعمل الدين كما تستعمل أمريكا لتحقق أهداف وتضاعف أموال وسيطرة أصحاب القرار تحت الأرض؟
نبهت هذا الشاب – أوباما- من البداية، من باب العشم، وأنا جالس معه على قهوة البوسطة في أسوان، ما أثبته في تعتعة سابقة يوليو 2009 قلت "... أما أنت (يا أوباما)، فإذا استعملوك، حتى من وراء ظهرك، فسوف تكون أخبث وأخطر" ثم مضى عام بالتمام والكمال، ورجح لنا أنهم لم يستعملوه من وراء ظهره أصلا، بل إنهم استعملوه وقد عقدوا معه صفقة فاحت رائحتها ولم يمضي سوى عام واحد على رئاسته.
كل التقارير تشير إلى فشله في الداخل والخارج، كل ما أحتفظ به من مظاهر النجاح هو فصاحته ورشاقته، ورقصه، وهو ما عبرتُ عنه حتى قبل خطابه في جامعة القاهرة بتعتعة بعنوان "لكن دس السم في نبض الكلام، قتلٌ جبان"، (7/3/2009) ثم جاء خطابه في جامعة القاهرة فأكد أنه بارع في ترطيب قلوب العطشى إلى رضا أمثاله، وزادت التبعية، كما ظهرت في شعري الحلمنتيشي:
إحْمِ الطفلَ من أبويه........، صلّي الجمعة بينا إماما
وفّرْ أمْنَاً لنتانياهو..........، وارقص مع سيرك الإعلاما
ولْيقتلْ أطفالاً أكثر.........، ليس يهُمكَ عندنا "يَامَا"
تْأمُرْ "تهدئة ً"؟! عَالـْبركهْ!........، طيِّبْ حاضرْ "كلُّه تماما"
لأكمله الآن قائلا:
عيّن ريسنا من فضـلكْ فيك البركةُ يالاّ قواما
إرضَا عن الإخوانْ بالمرّة فالمحظورةُ فيها كلاما
ما هذا؟ وقعتُ فيما نهيت عنه في البداية!! أحسن!!
أكتفي بهذا، لأقول: إذن ماذا وقد أصبحت المسألة ليست رأيا نتنبأ به، ولكن واقعا نعيشه؟
ما دورنا نحن الآن؟
هل نظل نتبع ونستجدي وننتظر رضا وموافقة هؤلاء الناس ومـَـن وراءهم؟
إلى أين نحن ذاهبون؟
نشرت في الدستور بتاريخ 27-1-2010
اقرأ أيضا:
اقتراح: تأميم تجارة السلاح عبر الحدود!! / الإبداع المغامرة، والإبداع المؤامرة في السلم والحرب / هذه المحظورة: مصرح لها بالسير في الممنوع!!!