عندما قرر سعيد زيارة أهله في بلده الحبيب العراق الذي لم يره منذ أكثر من عشرين سنة مرّ أمام عينه شريط من ذكريات الطفولة والمراهقة التي افتقدها بشدة، وصلت الطائرة إلى مطار بغداد وأخذته سيارة الأجرة إلى بيت الأهل الذين لم تسعهم الأرض من فرحة اللقاء. وفي غمرة الأحضان والقبلات بين الأهل والأصدقاء لم ينتبه سعيد إلى عدم وجود تيار كهربائي في البيت ولكن وبعد الجلوس في البيت لأكثر من ساعتين انتبه سعيد إلى هذا الأمر وسأل والده:
- هل تنقطع الكهرباء كثيراً يا أبي؟
- لا ليس كثيراً فقط 20 ساعة يومياً!!
- ماذا عشرين ساعة مستحيل وكيف تعيشون؟ لا يمكن الحياة بدون كهرباء عشرين ساعة يومياً.
- وهل ترانا أمواتاً يا ولدي؟ لقد تكيفنا مع الوضع.
انتبه سعيد إلى الزاوية فرأى التلفزيون يعمل تعجب وسأل أباه:
- كيف إذن يعمل جهاز التلفاز بدون كهرباء؟
- لا يا ولدي لقد قمنا بإخراج محتويات جهاز التلفاز ووضعنا بدلاً منها حوض أسماك وما تراه الآن ليس برنامج عن عالم الطبيعة بل هي أسماك حقيقية!!!
تعجب سعيد ولكنه ظل صامتاً من الدهشة ولكن أبوه سأله:
- هل تريد أن تغير ثيابك وترتاح؟ سأعطيك بيجاما من عندي ريثما تفك حقائبك، يا أم سعيد أعطيني بيجاما من الثلاجة الله يرضى عنك. تعجب سعيد وقال:
- ولم تضع بيجامتك في الثلاجة يا أبي أتخاف عليها أن تفسد؟
ضحك الأب وقال:
- لا يا ولدي فالفساد عندنا لا تمنعه ثلاجات ولا القطب الجنوبي نفسه ولكننا ولعدم وجود الكهرباء وعدم إمكانية حفظ أي شيء في الثلاجة قررنا الاستفادة منها كدولاب للثياب!!!
- طيب والإضاءة ماذا تفعلون بشأنها؟
- هناك الشموع!!
- والتكييف؟
- نستعمل المراوح اليدوية!!
- سبحان الله أنتم تعيشون في القرون الوسطى إذاً.
- تقريباً!!
وهنا شاهد سعيد من النافذة أولادا تسلقوا عمود الكهرباء إلى أعلاه انتابه الخوف ونادى:
- أسرع يا أبي دعنا ننزل هؤلاء الأولاد فقد يصعقهم التيار الكهربائي!
ضحك الأب وقال:
- استرح يا ولدي هناك خطر أن يسقط عليهم نيزك من السماء أكثر من خطر الصعق بالتيار الكهربائي.
عندما كان سعيد في طريق العودة إلى البلد الذي يسكنه اشترى جريدة محلية في المطار وقرأ العنوان العريض:
(وزير الكهرباء يصرّح بأن الانقطاعات الكهربائية أصبحت من الماضي وأن الوزارة قد صرفت 4 مليارات دولارات على إصلاح الشبكة الكهربائية هذا العام)
ضحك سعيد وقال:
- هذا إنجاز علمي جديد للعرب واسمه الطاقة الكهرو انقطاعية!
وكل انقطاع وأنتم بخير
واقرأ أيضاً:
الندم في هوس كرة القدم / المقامة العوجاء في وصف الرؤوس الصلعاء