حكاوي القهاوي (26)
(112)
يا مصيبتي
إن كانت إسرائيل قد بكت عند رحيل بئس العابدين بن علي؛ فإن أقل وصف لها الآن مع قرب رحيل بن مبارك هو أنها تلطم وترقع بالصوت زي ما يكون أبوها هو اللي هيرحل. طبعاً ده يورينا إزاي الراجل كان الصديق الوفي والخادم الأمين المطيع لكل ما تريده إسرائيل. كمان أمريكا ما بقتش عارفة تعمل إيه تدعم مبارك ولاً تدعم الشعب المصري. لو دعمت الشعب يبقى بترسم على بكرة وعايزه سمعتها في مصر تكون كويسة بالدرجة أنها ممكن تعمل شغل مع أي نظام جديد في مصر.
بس كمان دعم مصر يعني التخلي عن مبارك وهي الحقيقة مش خايفة عليه ولا متوقعة أنه حيستمر لأن الثورة مش ممكن تفشل لا سمح الله؛ فهي هي عارفة كويس أنه نظام انتهى بالنسبة لها. ولكن خايفة من الأنظمة اللي شبه نظام مبارك ولسه ما انتهتش وموجودة في المنطقة. خايفة إنْ الأنظمة دي تقلب على أمريكا وتبوّظ مصالحها لما تشوف إن أمريكا بتتخلى عنها. علشان كده أمريكا مقسومة نصين؛ نص بيدعم والتاني بيرفض وبكده تبقى مسكت العصايا من النص. بالظبط زي ما بتعمل أحزاب المعارضة الفاشلة بتاعتنا في مصر؛ تلاقي الحزب الواحد عامل نفسه فريقين؛ فريق يؤيد إصلاحات التاتا تاتا؛ وفريق تاني متشدد زي المتظاهرين. وبكده يضمنوا لهم لقمة عيش في كل الأوضاع.
(113)
يموت الطبال وصوابعه بتلعب
أكبر دليل على إنه مفيش فايدة في رجال الأمن وكل بقايا النظم الفاشية وأن عمر حالهم ما بينصلح أنهم قتلوا شابين في تونس في المظاهرات أول أمس. رغم أن تونس دلوقت مستقرة وبدأت تعمل نظام ديمقراطي والمفروض من هؤلاء أن يحترموا المواطن، وخصوصاً أنه لولا الشعب ده ما كان لأي كلب منهم قاعد في مكانه دلوقت وعامل أسد وبطل. اللي قتلوا واللي صرحوا للأمن إنه يقتل أول أمس لسه مش قادرين يفهموا إنْ الدنيا إتغيرت.
نفس الأمر في مصر فرغم إن اللي بيحصل على الأرض يخلّي أي حمار يفوق ويقول مفيش قتل للمتظاهرين وكفاية وساخة بقى؛ إلا إنْ رجال الأمن والنظام الفاشي اللي بيشغلهم قتلوا المتظاهرين في الوادي الجديد؛ رغم الوعود الكاذبة لشفيق العاشق بأنه لا قتل بعد توليه رئاسة الوزارة. ده معناه أن النظام ورجال الأمن لا يمكن لهم أن يغيّروا من أنفسهم وبالتالي لا مكان لهم في المرحلة القادمة ويجب الإلقاء بهم في مزبلة التاريخ. كمان نبقى أغبياء لو وثقنا لسنتيمتر واحد في أي وعود من النظام وأركانه سواء كان شفيق يا راجل أو سليمان يا عم. فكلهم كذّابين ومش مفروض يكون لهم مكان في المرحلة الجاية لا هم ولا غيرهم من أتباع النظام الحالي. أصل الحكاية باختصار يا جماعة أن من شب على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء مات عليه؛ ومن مات على شيء بُعث عليه، ونتقابل يوم الحساب إن شاء الله.
(114)
جنينة حيوانات
جاء القول العفوي لوزير الإعلام المصري أنس الفقي؛ دليلاً قوياً على وصف العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مصر. فقد وصف الوزير مصر بأنها "جنينة حيوانات". الوزير بالتأكيد لا يُعبر عن وجهة نظر شخصية ولكنه يعبر عن رؤية النظام للشعب المصري؛ مجرد حيوانات وأن مصر هي جنينة حيوانات مفتوحة. ويعني ذلك بالضرورة أن بقاء النظام راجع لأنه يجيد ترويض تلك الحيوانات ليس أكثر، وأن أعضاء النظام هم المروضون. وأن الرئيس هو كبيرهم الذي يعلمهم السحر، وأخشى أن أقول أنهم هم أيضاً مجرد حيوانات في حديقة حيوان خاصة للرئيس الذي يجيد ترويضهم هو أيضاً. ولأن حديقة الحيوان بها العديد من الحيوانات؛ فإن بها العديد من المروضين كل حسب كفاءته وقدراته. فقد يكون سيادة الوزير أنس الفقي مثلاً القراداتي في النظام الذي يقوم بترويض القرود من المصريين ليقوموا بتقليد "نومة العاذب" و"عجين الفلاحة" حتى ينبسط ويضحك سيادة الرئيس وعائلته.
أما وزير الداخلية فيقوم بترويض الحيوانات المفترسة ومن يكن منهم غير قابل للترويض فيجب وضعه في أقفاص من حديد حتى تتم السيطرة عليه. وعندما يحدث أن يثور حيوان أو يهيج إلى درجة يهاجم فيها ولي نعمته؛ فهنا ووفقاً للعرف السائد يجب قتل هذا الحيوان إذ لا أمان له بعد اليوم. فما بالكم لو أن كل الحيوانات تهيّجت وأقدمت على افتراس أسيادهم. هكذا ينظر إلينا النظام؛ وهكذا يتعامل معنا فنحن مجرد حيوانات في عزبة سيادة الرئيس؛ إذا تمردت يجب أن تقتل.
(115)
سؤال
واحد طيب سألني وقال يا سلام لو ربنا يتوب على الرئيس ونلاقي الراجل بيقول "فهمتكوا" ويرجع لنا كل الفلوس اللي سرقها هو وعائلته ويحاسب كل الحرامية ويسلم السلطة في آمان، ويعتزل الحياة السياسية ويقعد يعبد ربنا اليومين اللي فاضلين له في الدنيا. ضحكت وقلت له لو ربنا تاب عليه أنا ح أزعل قوي من ربنا. قال الراجل بلاش كفر عيب. قلت الكفر اللي أنت بتقول له.
إبليس عارف ربنا أكتر مني ومنك وعارف إنه غلطان وعارف إنه رايح في داهية، ولا تاب ولا ربنا كان ممكن يتوب عليه. وربنا وعد أبو جهل بعدم التوبة وبأن مثواه النار. وكان ممكن يتوب ويسلم حتى من باب العند علشان يثبت إن القرآن غلط؛ بس برضه ما تابش ومات كافر. وفرعون ربنا بعت له موسى يدعوه بالحسنا علشان يبطل ظلم ع الخلق؛ وبرضه ما فكرش إنه يتوب إلا من باب المناورة لما قال هو كمان "فهمتكوا" وهو بيغرق. الموضوع باختصار إن ربنا عادل وعلشان هو عادل مش ممكن يتوب على الريس؛ ولاّ الريس بيفكر يتوب. أصل الحكاية يا صاحبي إن كل واحد من دول لهم خاصية واحدة "إتبع هواه" وبالبلدي "راكب دماغه" وبلغة الريس "معاه دكتوراه في العند".
(116)
كوميديا
يبدو أن عم سليمان أصابه الخرف هو كمان ومش عارف إيده اليمين من الشمال. فالرجل من كثر ما بيقعد مع اليهود والفلسطينيين في مفاوضات، الدنيا بقت عنده يهودي وفلسطيني. وقد أثر هذا على مفرداته في الكلام مع المصريين فقال لنا نعمل خارطة طريق، ليقدم لنا فاصلاً من الكوميديا السوداء للنظام الحاكم في مصر. يا عم سليمان إحنا مصريين مش فلسطينيين، ودي مصر مش غزة، وأنت لا مؤاخذة مصري؛ مش كده برضه؟
(117)
اللي مش عاجبه يطلع بره
هكذا يصرح لنا عمر هامان نائب رئيس الجمهورية: الريس مش راح يخلع، والجيش مش مع الشعب، والجيش مع النظام؛ حتى لو كان النظام ظالم. مش النبي برضه هو اللي بيقول "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"؛ يعني متفرقش مع الجدعان، والريس أخونا وصاحبنا وحبيبنا ومننا فينا. وأنا بقى باسمع كلام النبي؛ حد عنده إعتراض؟!! بتقولوا أيه يا غجر منك له له له. بتقولوا النبي قال أنصر أخويا وهو ظالم بأني أرده عن ظلمه. لا حبيبي مخدنهاش في المدرسة دي؛ كده لازم أوريكم الوش التاني اللي ما تعرفوهوش. شوف يا صايع أنت وهو؛ اللي عندي قلته واللي عنده كلمة يلمها؛ واللي مش عاجبه يطلع بره.
(118)
ما تخافوش
أجمل حاجة بتحصل في مصر إن فيه جيل جديد صغير بينولد في المظاهرات، أطفال بتنولد من بطن الخوف. أطفال هي اللي بتهتف بسقوط الظلم والنظام. اللي أبنه خرج يوم خمسة وعشرين ويوم تمانية وعشرين وانضرب أو شاف حد بينضرب أو حتى حد بيموت قدام عينيه، ماتخافش عليه، ما تخافوش خلّي أبنك يخرج تاني وتالت ورابع وألف. خلّيه يهتف ويصرخ عشان يخرج منه الخوف. خلّيه يقول للظلم لأ، خلّيه يقول لأ وألف لأ للنظام. مع كل لأ بتخرج هيخرج من قلبه الخوف وهيرجع تاني لنفسه ولبلده ولك يا أبوه. أطفالنا دول همّ اللي هيحموا مصر، همّ اللي هيحموا مستقبل عيالهم بكره. أوعى تخاف على اللي نزل المظاهرات، خاف على اللي ما نزلش لما سمع إن ممكن رصاص ينضرب عليه.
(119)
علينا أن نتنحى
أحمد الذي شارك في المظاهرات وقرر أن يتزوج هو وعلا في ميدان التحرير ليبدأ هو وزوجته حياة جديدة في مناخ جديد؛ قال أنه شارك في المظاهرات من أجل صناعة غد جديد له ولأبنائه. قال أحمد أنه سعيد للمشاركة وأيضاً غضبان من أبيه لأنه لم يعترض على هذا النظام ويتحرك لإزالته ليصنع لأحمد حياة جيدة. نفس المعنى قاله الدكتور فاروق الباز تعليقاً على ما يجري على أرض مصر؛ فقال بأن هؤلاء الشباب هم الأصل وهم أصحاب الثورة وأن العواجيز من أمثالنا لا يصح لهم أن يحاولوا التدخل ومحاولة ركوب الثورة أو إدعاء فضل له على الثورة، ذلك لأننا لم نفعل شيء لنخرج البلد مما كانت فيه.
قال الباز إن الشباب يطلب تنحي السلطة ونحن علينا أيضاً أن نتنحى لهؤلاء الشباب؛ فنحن لم نفعل لهم شيء، علينا فقط أن نعطي لهم الرأي حينما يطلبون منا ذلك. ويقول هيكل أيضاً "اللي عايز يتكلم عن المستقبل يتكلم بمقدار إسهامه فيما حدث في خمسة وعشرين يناير مش بسوابق ما عجز عن تغييره". نعم أتفق معكم أيها الرجال تماماً؛ فعلينا أن نكون أمناء وصادقين مع أنفسنا، وأن نتنحنى لهؤلاء الشباب، علينا أن نترك لهم الغد ليصنعوه. علينا أن نشارك معهم لنكون جنوداً تحت قيادتهم. إن أكبر شرف لنا نحن العواجيز أن نأخذ موقعاً للمشاركة معهم في ثورتهم حتى تكون ثورتنا جميعاً بقيادة هؤلاء الشباب.
ويتبع >>>>>>: حكاوي القهاوي (28)
واقرأ أيضاً:
فزورة الثورة: العملاق الأعمى، والكسيح المبصر/ قـراءة نفسيـ تحليليـة للحـدث السياسـي/ حكاوي القهاوي