(أ)
طوبى لكُمْ ! طوبى لكمْ !
يا واصِمي الأرضِ الفقيدَهْ
فالنِفْطُ أقدَسُ عِندَكُمْ من قدْسِ أقداسِ العقيدَهْ !
واللهُ راضٍ يا طوالَ العمرِ ما تُبْقونَ "أمريكا" سعيدَهْ !
(ب)
بغدادُ كانتْ شُعلةً والشمسُ في الميلادِ شعلهْ
بغدادُ كانت شَتْلَةً للمستحيلِ ولم يكنْ في مشْتلِ الأعرابِ شتلهْ !
بغدادُ كانت قبْلَةً في خدِّ أعرابٍ نسَوْا:
أن الرِجالَ لهمْ شوارِبُ، والشواربُ ما يَغُزُّ قُـبَيْلَ قُبْلهْ !
بغدادُ كانت أروعَ المدنِ التي من أجلها ينسابُ دجلهْ
بغدادُ كانت نخْلةً في طولها لم ترتفعْ في الأفْقِ نخلهْ
كانت إذا اهْتزَّتْ تدَغْدغُ بالشذا إبِـطَ السماءْ !
كانت إذا ضَحِكتْ تشَكَّكَ في المقاماتِ الغِـناءْ
كانت إذا الْتفَتتْ تزيِّنُ "نيْنَوى" عُنُقَ الفراتْ
بغدادُ كانتْ آخرَ الحُلْواتِ كانت آخرَ الضحكاتِ /
كانت آخرَ النبضاتِ هلْ من بعدِها تبقي الحياةْ ؟؟
(ج)
يا عاصِراتِ المَنِّ ما حالُ الندَى؟
أفلمْ يزلْ مُسْتصبحًا ورقَ النباتْ ؟
هلْ ظلَّ شِبْرٌ لم تطَلْهُ الطائراتْ ؟؟؟
الناسُ في بغـدادَ دونَ كِمامَةٍ يَتـنفَّسونَ الطـائراتْ !
الطائراتُ تُعَـدُّ ما بينَ التنفسِ والتنفسِ بالمئاتْ !
والنارُ تدخلُ في الشهيقِ وليس تخرجُ في الزفيرِ وليسَ تنْسَدُّ الرِئاتْ !!
الطائراتُ تخُشُّ في خصَلِ البناتْ !
فتشُدُّ خصْلَةَ "نينوي" للْـ"ناصِريهْ"
وتفُكُّ كلَّ ضفيرةٍ في"القادسيهْ"
الطائراتُ تمُصُّ سُكَّرَ دِجلةٍ !
وتصِيدُ أسماكَ الفراتْ !!
الطائراتُ تفاجِئُ الأفكارَ من بينِ الخلايا !!
وتحاصِرُ الأطفالَ ما بينَ الشظايا !
وتصادِرُ اللبَنَ المحاصرَ في صدورِ الأمهاتْ !
الطائراتُ الطائراتُ الطائراتْ
لا شيء في بغدادَ ضدُّ الطائراتْ
(د)
يا شهرَ زادْ
يا شهرزادَ سمِعتُ في "لندنْ": بأنَّ الديكَ ماتْ !
بالطائراتْ
وبأن طائرةً تدُكُّ بكلِّ ليْلهْ
"مِلْيونَ" ليلهْ !
وبأنَّ مسْئولاً رقيعًا !! في وزارةِ حربِ أمريكا يقولْ :
[ الطائراتُ تدمِّرُ الليلاتِ لكنْ شهرزادُ تعود تحكي كل ليلهْ
بِحَمِيَّةٍ عربيةٍ "مليونَ" ليلهْ !
وبذاكَ تصبحُ شهرزادُ بشحمِها وبلحمِها هدفًا مباحًا عسكريًّا
واتِّصالاتٌ تتِمُّ الآنَ بالمفتي البتولْ
كي يصْدِرَ الفتوى بأنَّ: لِشهرزادَ علاقةٌ بتسَرُّبِ النفطِ المهولْ
ومُحلَلٌ دمُها العَفِنْ
في ظرفِ ساعاتٍ إذنْ :
سنبِيدُ ليْلاتِ العربْ !
من أجلِ إطْباقِ السلامِ، ومَطِّ صحراءِ النَّقَبْ ]
يا شهرزادَ أشُكُّ في "لندنْ"!، وأومنُ أن مثلَكِ لا تطالُ الطائراتْ
يا شهرزادُ فهلْ ؟ وكيفَ الديكُ ماتْ ؟
(هـ)
أينَ ادِّعاءاتُ العربْ !
أين الرجولةُ والشهامةُ والنبالةُ والكرامةُ والخطَبْ ؟
أين التأسُّدُ والتخَوْلُدُ والتعوْمرُ والتعَنترُ والغضبْ ؟
أينَ ادِّعاءاتُ العربْ !
من نصفِ قرْنٍ مُوجِعٍ من نصفِ قرنْ
لا شَكْلَ يأخُذُهُ المماليكُ العربْ
غيرَ الْتِواءاتِ الذَّنبْ !
يتصَرَّفُونَ كما الذنبْ
من نصفِ قرنٍ موجعٍ من نصفِ قرنْ
يمشونَ يهتزونَ يحتدونَ يمتدونَ يرتدونَ يسترخونَ /
يخْفونَ القذارةَ كالذَّنبْ !
فإذا همُوا وقفوا تذَكَّرْنا السحُبْ
كل المواقِفِ كالسحُبْ
لا تستطيعُ بأن تلُمَّ كِيانها !
لا تسْتطيعُ بأن تظلَّ مكانها !
لا فرقَ يوجَدُ مطلقا بين المواقفِ والسحبْ
إلا بأن مواقفَ الأذنابِ في قِطَعِ العربْ
لا تستطيعُ بأن تكونَ مطيرةً مثلَ السحُبْ !
(و)
بغدادُ يا بغدادُ يا قمَرَ العروبهْ
هل مُطْفِئُ القمرِ الوحيدِ بليلنا صارَ البطلْ ؟
هل قصفُ أيَّةِ هامةٍ مرفوعَةٍ صار الأملْ ؟!
بغدادُ: أللأعرابِ في تاريخِهمْ نذْلٌ قتِلْ ؟؟
كل الذينَ تكتَّلَ العربُ القدامَى ضدَّهمْ
كانوا من الأبطالِ أو فمنَ الرُّسُلْ !!
(ح)
في أي أيامٍ نعيشُ؟ وهل يعيشُ منِ اغْتُصِبْ؟
بغدادُ ترقصُ في القنابلِ واللهَبْ
ويُرَدِّدُ الأطفالُ:
لا ... بالخوفِ تحتَ القصْفِ لا لن نعْتصبْ
بغدادُ تصْمُدُ في الحصارِ وفي الدمارِ وفي المرارِ وفي الكَرَبْ
بغدادُ تنْحَتُ وحدَها التاريخَ تسْقِطُ وحدها المريخَ تخْتصِرُ العروبةَ والعربْ !!
(ط)
بغدادُ يا بغدادُ أنهَكَني التقلُّبُ في الإذاعاتِ اللعُـوبهْ !
فجَمِيعُها تقْتصُّ أمريكا وأمريكا كَذُوبهْ !!
بغدادُ يا بغدادُ هل نبكي العروبةَ ؟
أم نسيرُ على خُطاكِ إلى العروبهْ ؟؟
(ي)
بغدادُ يا بغدادُ يا أمَّ المعارِكْ !
كل الكلابِ من اللقيط إلى العبيط عليك شارك ْ
كل الشيوخ من الحَلوب إلى اللعوب أحلَّ ذلكْ
لكنَّ ربًّا في سمائكِ غيرُ هالِكْ
سيَصُدُّ نارَ نبَاحِهِمْ !! ويرُدُّ عنكِ على الممالِكْ
بغدادُ يا بغدادُ يا أمَّ المعاركْ
(ك)
خَذَلُوكِ يا بغدادُ أي جريمةٍ تلكْ ؟
تلك التي فاقت سفاح البنت والشرك الزؤام؟
خذلوكِ لكنَّ العروبةَ لا تموتْ
وكطامَّةٍ يومًا سينْفَجِرُ السكوتْ
وسيعرِفُ الأذنابُ أن لِغَارِهمْ
لا اللهُ جاءَ ولا الحمامُ ولمْ يَجِئْهُ العنْكَبُوتْ !!
طاووس "طواويس مشاكسة"
السبت 19/1/1991
واقرأ أيضًا:
"خُبط" أصبحنا / رسالة من إفريقي إلى إيما لازار / أصواتُ العربِ / قـلَّـةُ فَـهْـمٍ قـليـلَـةُ الأدَبِ / تقوى