قالت: سوف تنساني وتنسى أنك كنت يوما تهواني، سترحل عني وتذهب بعيدا ستحلم مع أخرى وتعيش لها ستغني من أجلك وتغني من أجلها، سأضيع من ذاكرتك إلى الأبد حينما تستنشق هواءً غير هواء هذا البلد، ستنسى الحنين والحب والذكريات ستنسى رمل الشط وموج البحر الذي ظل شاهدا على حبنا سنوات عديدة، ستنسى كل الزهور التي قطفتها من أجلك، ستنسى همسنا وكل كلامنا ستنسى كل عمرنا وتصبح إنسانا آخر فقد كل ملامح الماضي، وبدأ يعيد كتابة سطور حياته من جديد في بلد بعيد في بلد غريب، وسط أناس هم غير أهلك وعلى أرض ليست بأرضك.
*****
وبكى لما سمع هذا الكلام بكى من قسوتها عليه، ومد يده في حنان يحتضن كفها الصغير، وأقسم لها أن لن ينساها أبدا ولن تسقط من ذاكرته مهما طال العمر ومهما طال الزمان وأنه سيظل يهواها ولن تقتحم مكانها في قلبه سواها، كيف لا وهي أول من همس قلبه بحبها؟ كيف ينساها وينسى هذه الأرض التي شهدت ميلاده وحيا وشب عليها؟
كيف ينسى كل هذا كيف ينسى مكان لقائهما وهو محفور في قلبه معها؟؟
كيف ينسى زهورها التي كانت تهديها إليه وهي التي كانت تجعله باقيا على قيد الحياة؟؟
كيف ينسى أحلامهما وآمالهما كلَّ أفراحه معها، كل دمعة سالت على خده كانت تمسحها له، كيف ينسى يديها الرقيقتين اللتين كانت تضمه بهما إلى صدرها كيف ينساها وهي كيانه.
*****
وضمها إلى صدره وبكيا معا وعاهدها على أن يعود إليها وعاهدته على أن تبقى على عهده، وتركها واختفى في زحام الركاب، تركها وفي نفسه أقسم أن يعود من أجلها لا ليس من أجلها هي بل من أجله هو كي يبقى................ إنسانا
واقرأ أيضا:
العَرَّافة / اللقاء الأخير