(1)
أتجوَّلُ بينَ إذاعاتِ العربِ
كي أعرفَ أنباءَ الوطنِ الممتدْ
- فأنا منذ ولِدتُ وقالوا : أني عربيْ
أتفاخَرُ بالأمرِ وأعتدْ -
أتفاخرُ بالشعرِ الأموِيْ
والخطِّ الكوفيْ
أتفاخرُ بالشعبِ الْ كانَ يسودْ !
والقدسِ الْ سوفَ تعودْ !
أتفاخرُ أحشرُ في رأسي :
أمثالاً مأثورَهْ / وقصائدَ محرورَهْ
وقبورًا محفورَهْ / وحكاياتٍ ووعودْ
وطوابيرَ جدودْ :
يتدافَعُ كلٌّ منهمْ قبلَ الآخرْ
يتظاهرُ كلٌّ منهمْ ضد الآخرْ
يتظاهرُ ضدَّ:
الإحساسِ الإمكانِ الأزمانِ
ضدَّ المعقولِ وضِدَّ المعهودْ
يتظاهرُ كي
يرقصَ كالدبةِ فوقَ لساني
ويغني أغنيةَ الزمنِ المفقودْ
الزمنِ الْ سوفَ يعودْ !!
(2)
أتجولُ بينَ إذاعاتِ العربِ
بيْنَ الأنباءِ وبينَ الخطَبِ
كي أسمعَ أنباءَ الوطنِ المُمتدْ
أتجولُ تشويشٌ وصفيرٌ يحتدْ
يخفتُ صوتُ الناطِقِ يرتدْ
صوتانِ وأكثرَ في وقتٍ واحدْ
صوتُ الشعبِ العربيِّ /
وصوتُ الزحفِ العربيِّ /
وصوتُ المجدِ العربيِّ /
وصوت الجيلِ العربيِّ الواعدْ !
لكني أهتمُّ بكلِّ الأصواتْ !
وأنقبُ ما بينَ الكلماتْ
عن بيروتَ بلا أحزانْ
عن قدسٍ في الإمكانْ
عن بغدادٍ تحضنُ طهرانْ
فأنا عربي قحْ!
كجميعِ العربِ
أحسِنُ تضميدَ الجرحْ
بالكلماتْ
تشفيني الكلماتُ وتكفيني
كجميعِ العربِ
(3)
أتجولُ بينَ إذاعاتِ العربِ
لكنَّ الموقفَ يبدو كاللعِبِ
كل الأخبارِ مؤكدةٌ /
كل الأخبارِ مكذبةٌ !!
النبأ ُ يؤكدهُ صوتانْ
ويكذبهُ اثنانْ
وأنا جَنبَ المِذياعِ يغربلني الغثيانْ
تدخلني كالنفَسِ الأحزانْ
لا أعرفُ لا أعرفُ يوجعني الجرْحْ
فأهاجرُ تحتَ السطحْ
أبحثُ عن كلماتٍ تشفيني
فأنا كالوطنِ العربيْ
حينَ يمزِّقني الجرحُ أهاجرُ للا جرحْ
أتسامرُ والأمواتُ وتحييني كلماتُ الأمواتْ
(4)
أتجولُ بينَ إذاعاتِ العربِ
كي أتعلَّمَ فنَّ الكذبِ
عفوًا يا وطني !
لابدَّ لديكَ منَ الكذبِ
فاسْمَعْ واطرَبْ
يا وطني يا أحلى مَهربْ
أنتَ النبعُ الأعذبْ
أنتَ أبو الدنيا ومُعلمها الأوحدْ
يا وطني يا وطنَ العربِ
يا دفءَ الشمسِ /
وحضنَ الأمنِ ونورَ الفرْقدْ
يا مهدَ الأديانِ /
وظلَّ الرحمنِ /
وأرضَ الإيمانِ وأطهرَ معبدْ
يا وطني يا وطنَ العربِ
يا كل التاريخِ وكل الأمجادِ
ومهدَ التنويرِ وأرضَ الأجدادِ
ويا من طَوَّقتَ العالمَ بالضادِ !!
يا وطني يا وطنَ العربِ
ما رأيكَ هل أحسِنُ تصديقَ الكذبِ؟
هل تعلنُ أني سلطانُ الفكرِ وربَّانُ الأدبِ؟
(5)
يا وطني
يا من أدمنتَ الرسمَ على السحبِ
فكتبتَ التاريخَ علي السحُبِ
والأمجادَ وما زالَ وما زادَ /
وما ظل وما عادَ على السحُبِ
يا وطني يا وطنَ السحبِ
لو سكتتْ كلُّ الأصواتْ
وانْقشَعَ سحابُ الكلماتْ
تقتلكَ الشمسُ !!!!
ويقتلني كذبي!
يا وطني يا وطنَ الكذبِ
لن أنظرَ ناحيةَ السحبِ
لن أكتبَ تاريخَ السحُبِ
لن أسمعَ أصواتَ العربِ !!!
لن أبقي مفقوءَ العينِ ومَعميَّ القلبِ
لن أبقي كجميعِ جميعِ العربِ !!
طاووس "طواويس مشاكسة"
18/12/1986
واقرأ أيضاً:
قصيدة أصبحنا / من قصيدة لبغداد / قـلَّـةُ فَـهْـمٍ قـليـلَـةُ الأدَبِ / تقوى