أقترب من ميدان التحرير في يوم جمعة النصر 18\2\2011م فأجد أعدادا غفيرة، ولكن تغلب عليها هذه المرة الروح الاحتفالية، وكأن الثورة انتصرت تماما وحققت أهدافها، والناس ذاهبون لنزهة اصطحبوا فيها زوجاتهم وأطفالهم وراحوا يلتقطون الصور التذكارية، وكانت الصورة مختلفة كثيرا هذه المرة عن صورة الميدان في الأيام الأولى للثورة وقبل تنحي مبارك حين كان يحتضن الميدان أعظم شباب مصر وشيوخها وفتياتها ونسائها المستعدين للتضحية بأنفسهم في سبيل تحرير بلادهم. وبعد مزيد من التوغل داخل الميدان وسماع الهتافات وقراءة اللوحات المكتوبة بدأت تتضح مظاهر القلق الحقيقية لدى من تواجد داخل الميدان من الثوار (الحقيقيون) الذين تعبوا في الثورة ووضعوا حياتهم على أكفهم ثمانية عشر يوما متواصلة.
إنهم قلقون بشدة من الثورة المضادة، وهذا ليس وهما بل ثمة شواهد واضحة تشير إلى محاولات دؤوبة للالتفاف حول الثور ووأدها أو على الأقل تفريغها من مضمونها وإعطاء شكل الانتصار للشعب المصري يحتفل به ثم ينصرف. وفيما يلي أذكر بإيجاز ما رأيته وما سمعته من مظاهر القلق:
٠ بقاء الحكومة كما هي حتى ذلك الوقت، وهي حكومة جاءت من رحم النظام السابق وأقسمت اليمين أمام مبارك على الولاء لنظامه، ولها علاقات انتماء وولاء للحزب الوطني وجهاز أمن الدولة. إذن كيف تؤتمن هذه الحكومة على مبادئ الثورة، وهي التي عملت على إجهاضها أثناء وجود مبارك في الحكم، كيف تتحول فجأة هكذا من الولاء إلى العداء أو العكس في خلال أيام قليلة. وكيف بحكومة تنتمي إلى عقيدة سياسية معينة تقوم على إدارة البلاد بعقيدة سياسية مغايرة تماما. وهل أصاب مصر الجدب فلا نجد فيها من يصلح لوظائف الوزراء لذلك نستبقي هؤلاء الوزراء نظرا لضيق اليد؟.
وهل تصلح عائشة عبد الهادي أن تبقى وهي التي كانت شديدة الولاء للهانم زوجة مبارك لدرجة تقبيل يدها؟، وهي أيضا –من خلال وزارتها- التي حركت العمال والموظفين بالآلاف ترغيبا وترهيبا ليقفوا منادين باستمرار نظام مبارك إلى الأبد؟. وماذا يقول هاني هلال لطلاب الجامعة عن حزبه الوطني؟. وهل نأتمن سامح فهمي على بترول مصر وغازها الطبيعي بعد ما حدث من تصدير الغاز بأرخص الأسعار ورهنه لمدة خمسة عشر عاما لإسرائيل؟. وهل نثق في أن أحمد أبو الغيط سيعكس روح ثورة يناير للعالم الخارجي أو يطلب تجميد حسابات مبارك وأسرته ورجاله بالخارج؟. وهل يجوز أن تكون مساعدة رشيد السابقة هي وزيرة الصناعة والتجارة، ومن يضمن عدم طمس الحقائق وإخفاء المستندات التي تدين رشيد ورفاقه؟. وهل يصح بقاء أحمد شفيق على رأس الوزارة، وهو الذي كان مصرا على بقاء حسني مبارك حتى نهاية ولايته معاندا ومتحديا لإرادة الشعب؟ وهو الذي سخر من الثوار حين قال سأرسل لهم "بونبوني".
٠ بقاء جهاز أمن الدولة كما هو، ذلك الجهاز الذي ترك أثرا سلبيا هائلا في حياة المصريين حيث اقترن اسمه بالاعتقالات والتعذيب والتعامل مع المعارضين للنظام السابق بمنتهى القسوة وخارج إطار القانون الطبيعي، ولعب دورا أساسيا في إخماد كل محاولات التغيير على مدى سنوات طويلة، وقام بإطفاء أي جذوة مجتمعية نحو الإصلاح، وخنق كل نبض للتغيير وأجهض الحركات الوطنية المصرية بكامل أطيافها، وبدلا من أن يعمل لصالح الوطن والشعب عمل على استقرار الحكم لمبارك والتهيئة لنقل الحكم لنجله جمال كما حمى الحزب الوطني في الانتخابات وسهل له الاستيلاء على مقدرات البلاد وإحكام قبضته على رقاب العباد.
إن وجود هذا الجهاز بتركيبته السابقة وأهدافه المعروفة لكل المصريين لا يتفق أبدا مع مبادئ الثورة حول الحرية والكرامة الإنسانية. وليس سرا أن بقاء قانون الطوارئ على مدى ثلاثين عاما كان ضرورة لاستمرار عمل جهاز أمن الدولة، فهو لم يكن ليستطع أداء مهامه تحت مظلة القانون العادي، إذ كيف يقوم بالاعتقالات الواسعة وترويع الآمنين والتعذيب حتى الموت والتحكم في كل شيء في مصر سواء في الجامعة أو الإعلام أو القنوات التليفزيونية أو الجمعيات الأهلية أو الوظائف المختلفة الكبير منها والصغير دون سلطة مطلقة خارج حدود القوانين الطبيعية. إن هذا الجهاز وممارساته كانا من أهم أسباب ودوافع قيام الثورة، ولا ننس اختيار موعد قيام الثورة في 25 يناير (الموافق لعيد الشرطة)، وأن عددا كبيرا من مفجريها الأوائل كانوا من موقع "كلنا خالد سعيد" (إشارة إلى الشاب الذي عذبته الشرطة حتى الموت أمام الناس في الإسكندرية ولفقوا له تهمة تعاطي المخدرات وذكروا أنه مات بإسفكسيا الخنف إثر ابتلاعه لفافة بانجو) وكانت رسالتهم الأساسية هي إيقاف ممارسات القمع والتعذيب الأمنية.
حقا لقد خنق هذا الجهاز مصر لسنوات طويلة وقام بوظيفة جنود فرعون الذين قتلوا الذكور حتى يضمنوا خلو البلاد من أي رجل يمكن أن يهدد رأس النظام، فما تركوا معارضا إلا وحاربوه في نفسه وماله وولده، وما تركوا حزبا أو تجمعا إلا واخترقوه بالعملاء السريين ليفتتوه من الداخل في الوقت المناسب (كما حدث في حزب العمل وحزب الوفد وحزب الغد وحزب التجمع)، وقاموا على تدجين الأحزاب السياسية وقادتها، وزرعوا مخبريهم وأعوانهم في الصحف القومية وفي التليفزيون الرسمي وفي القنوات الخاصة والجامعات والوزارات، ولم يتركوا شبرا واحدا على أرض مصر لم يسيطروا عليه، وكانت الحجة المعلنة هي الحفاظ على أمن البلد، بينما الواضح لأي عقل بسيط أن الهدف كان الحفاظ على استقرار الحكم لمبارك وتوريثه لنجله جمال، وما يتبع ذلك من تمكين للحزب الوطني على فساده المشهور.
ولن ينس الشعب المصري الدور الذي لعبه جهاز أمن الدولة في كل الانتخابات لمنع مرشحي المعارضة في المحليات والشورى والشعب بل وفي الجامعات حتى يفسحوا الطريق لتحقيق فوز ساحق للحزب الوطني يتباهى به أحمد عز ومبارك بعد ذلك. ولا ننسى حرمان الكثير من كفاءات مصر من التعيين في الوظائف المهمة وغير المهمة بسبب تقارير أمن الدولة التي تحرم كل من له نشاط خارج سياق الحزب الوطني من تقلد الوظائف. ولا ننسى تقارير أمن الدولة التي كانت تفرق بين المصريين بشكل عنصري فتمنع دخول الشرطة والحربية والنيابة على أبناء من لهم أي نشاط لا يرضى عنه الرئيس مبارك أو حزبه الوطني، ثم السماح بعد ذلك بدخول الشرطة والعسكرية والنيابة لأبناء الضباط والمستشارين وأعضاء الحزب الوطني بمجاميع ضعيفة مما أحدث تجريفا منظما لهذه المؤسسات.
وربما تتأكد هذه الصورة مما حدث أيام التظاهرات من توجه بعض المتظاهرين لحرق مقار الحزب الوطني وأقسام الشرطة ومحاصرة مقار أمن الدولة في أكثر من محافظة. ولنا أن نتخيل ماذا يفعل جهاز أمن الدولة الآن!... أغلب الظن أنه يقوم برصد ما يحدث وتجميع كل المعلومات وعمل ملفات لكل الثوار والناشطين، ثم البدء في الوقت المناسب في استدعائهم أو اعتقالهم ومواجهتهم بتهم معدة سلفا أو الضغط عليهم ببعض التسجيلات أو السيديهات، أو مساومتهم أو احتوائهم أو تجنيدهم أو إلصاق تهم العمالة والتبعية للإخوان المسلمين أو لقوى خارجية تحركهم وذلك تمهيدا لتصفيتهم.
٠ بقاء القيادات التي تم اختيارها بواسطة الحزب الوطني وأمن الدولة في أماكنها في كل الوزارات والهيئات كما هي، على الرغم من معرفة الناس لهم وتكرار الاحتجاجات في كل مكان للإطاحة بهم، حيث أن تلك القيادات تشكل البنية الأساسية للنظام السابق، وقد تربوا على مبادئه وأخلاقياته، وكثيرون منهم متورطون في قضايا فساد ومعرضون للمحاكمة ولذلك فمن مصلحتهم الانقضاض على الثورة أو تفريغها من مضمونها أو وقف حركتها الساعية إلى التطهير والتغيير.
٠ استمرار رؤساء تحرير الصحف القومية في مواقعهم ومعهم قيادات التليفزيون الحكومي والخاص على الرغم من أن هؤلاء ظلوا سنوات طويلة يأتمرون بأمر النظام ويدافعون عن قراراته وأخطائه ويخفون تشوهاته ويزينون شعاراته، وكانوا سببا أساسيا في استمراره طوال العقود الثلاثة التي ربض فيها على أنفاس المصريين، وكانوا سببا أساسيا في إجهاض محاولات التغيير، وهم متهمون بتزييف وعي الشعب، وقد نشطوا بقوة في أيام الثورة حتى يجهضوها ويشوهوها، وحين تأكدوا من استحالة الإجهاض والتشويه تحولوا إلى الإشادة بها كذبا وزورا وأصبحوا مسخا مشوها، وطابورا خامسا ينتظر لحظة الانقضاض للعودة إلى المنظومة القديمة التي ألفوها وتربوا في أحضانها.
٠ تهافت التهم الموجهة لرموز الفساد مثل العادلي وأحمد عز وجرانة ورشيد مقارنة بما هو معروف عنهم من التوغل الهائل في الفساد والإفساد، وربما يكون ذلك بسبب وجود أعوان لهم في وزاراتهم أخفوا المستندات التي تدينهم. والمثل الصارخ لذلك هو حبيب العادلي الذي يتم التحقيق معه في تهمة غسيل أموال بمبلغ بسيط هو 4،5 مليون دولار وضعته إحدى شركات المقاولات في حسابه الخاص، وهذه تهمة يمكن لأي محامي مبتدئ أن يبرئه منها فيقول مثلا أن ذلك تم بغير علمه وأنه لا يعرف هذه الشركة وأن هذه مؤامرة مدبرة ضده من بعض مناوئيه. بينما كان الشعب المصري يتوقع محاكمة العادلي عن مسئوليته سنوات طويلة عن التعذيب حتى الموت في أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة، ومسئوليته في إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المسالمين وقتل أربعمائة وجرح وتشويه خمسة آلاف، ومسئوليته عن انسحاب قوات الشرطة بكاملها حتى المرور من كل شوارع مصر وترك البلاد لمدة أربعة أيام في حالة فوضى ثم إخراج المجرمين من السجون لتمكينهم من ترويع الناس وإثارة حالة فوضى للضغط على الشعب وتسهيل قبوله للأمر الواقع فيما بعد والعمل على استمرار نظام مبارك وحزبه.
هذه الجرائم هي التي تستحق الحساب وتليق بوزير داخلية خنق الشعب المصري لأكثر من ثلاثة عشر سنة لحساب نظام فاسد مستبد، أما مسألة غسيل الأموال هذه فتصلح لمدير مصنع أو موظف صغير في أي وزارة. ثم أين بقية الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر مثل أحمد فتحي سرور ومفيد شهاب وزكريا عزمي وصفوت الشريف وعلي الدين هلال وغيهم كثير؟.
٠ الأنباء عن تجميع رموز الحزب الوطني لأنفسهم، ومحاولة تدارك الموقف، واستعادة النظام القديم بوجوه جديدة وشعارات مضللة (وهم مشهورون بهذا الأسلوب) مثل فكر جديد.... ومن أجلك أنت... وجمال مبارك مفجر ثورة التغيير... وغيرها من الشعارات الضالة المضللة، والهدف من ذلك هو الإبقاء على مصالحهم التي ارتبطت بالنظام الفاسد، وأيضا حماية أنفسهم من المحاسبة والمحاكمة فيما لو استمر نجاح الثورة. وأعضاء الحزب الوطني لديهم من الأموال والعملاء في كثير من الأجهزة النافذة من يمكنهم من ذلك، من خلال سيناريوهات خادعة تضع قناعا ثوريا وتخفي وراءه كل مفاسدها ومقاصدها. ولسنا نفهم لماذا لم يتم حل الحزب الوطني حتى الآن، إذ من المفترض أنه قد فقد شرعيته بخلع رئيسه وحق مقاره وإسقاط نظامه وقياداته ووصمهما بالفساد والإفساد.
٠ الإصرار على التصويت بالبطاقة الانتخابية في الانتخابات البرلمانية القادمة على الرغم من افتقاد الكثير من المصريين لهذه البطاقة مما يعطي للحزب الوطني قدرة تصويتية عالية حيث حرص على توفير بطاقات انتخابية للمنتسبين إليه والمنتفعين منه على خلاف بقية طوائف الشعب التي لم تهتم باستخراج بطاقات نظرا لعدم جدواها مع تزوير الانتخابات في وجود الحزب الوطني وإشراف وزارة الداخلية على الانتخابات.
٠ عدم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وهم كثر، وهذا أمر غريب يشير بأصابع الاتهام إلى جهاز أمن الدولة الذي مازال يمارس نفس الدور بعد قيام الثورة وكأنها لم تقم ولم تقدم أربعمائة شهيد وخمسة آلاف جريح، إذ كيف نفهم بقاء المناضلين السياسيين خلف الأسوار وهم قد هبوا لمقاومة نظام ثبت فساده ورحل رأسه ويحاكم أركانه؟.. بل إن أخبارا عديدة تفيد استمرار الضغط على المعتقلين وتعذيبهم حتى بعد قيام الثورة.
٠ عدم إطلاق حرية تكوين الأحزاب، وهذا أمر بديهي ولا يحتاج إلى دستور جديد، أو قانون جديد، بل هو أحد معالم الحرية التي قامت الثورة من أجلها، ويلحق بذلك حرية إصدار الصحف والمجلات.
٠ اختزال الثورة في عدد قليل من شباب الفيس بوك، بعضهم شارك في الثورة بالفعل وبعضهم الآخر ركب الموجة فرحا وطربا وادعاءا، وهذا اختزال خطير للثورة التي مهد لها كتّاب ومفكرون ومصلحون على مدى سنوات طويلة وشارك فيها جميع المصريين بلا استثناء. وربما يكون الهدف من ذلك الاختزال هو التهوين من أمر الثورة، وتمهيد الطريق أمام تشويه هذا العدد القليل من الشباب أو احتوائهم أو توظيفهم في إطار منظومة يقودها النظام القديم بقناع جديد.
٠ الاحتجاجات الفئوية المتكررة في كثير من المحافظات بما يعطي صورة مخالفة للثورة حيث تتسم هذه الاحتجاجات بمطالب مادية فئوية أو شخصية، وقد يشوبها الفوضى وتصفية الحسابات، وهي قد تعطي صورة بعدم الاستقرار وشيوع الفوضى بسبب الثورة، وقد تسبب ضيقا أو حرجا للقوات المسلحة ويكون ذلك خصما من رصيد الثورة الأصلية النظيفة.
٠ خروج عشرة آلاف من المنتسبين للحزب الوطني وقوات الأمن السرية في مظاهرة أمام مسجد مصطفى محمود فيما سمي بيوم الوفاء لحسني مبارك في نفس يوم جمعة النصر 18 فبراير 2011م وهي مظاهرة تحيط بها الكثير من التساؤلات حتى لو احتوت بضع عشرات خرجوا يعبرون عن مشاعر تعاطف ذاتية حقيقية. وهذا دليل على استمرار هذه القوى الظلامية في الحشد المزيف تمهيدا لخطوات تالية تحتاج لهذه الصورة الجماهيرية حتى لا تبدوا تلك الخطوات التآمرية التالية خارج السياق الشعبي تماما.
٠ الجهود الحثيثة القادمة من الخارج وخاصة من أمريكا وإسرائيل والتي تحاول إنشاء نظام موال لها –كما كان الحال سابقا- وربما يكون ذلك من خلال سيناريو يتضمن بعض الحريات الشكلية مع الإبقاء على رموز النظام القديم، وتقديم مرشح للرئاسة من الحرس القديم بعد عمل بعض التغييرات في الماكياج والديكور، خاصة وأن هذه القوى تعلمت من درس إيران وحماس ولا ترغب في رؤية نظام حر في مصر تنتقل عدواه وتأثيراته إلى بقية الدول العربية فتفقد أمريكا تأثيرها وتفقد إسرائيل أمنها خاصة مع ما يحدث الآن فعلا من عدوى الثورة في ليبيا والبحرين واليمن.
إن الثورة البيضاء النقية التي فجرها شباب راق ونبيل وتحالف معهم شعب مصر بكامل طوائفه تواجه مخاطر حقيقية في الوقت الراهن، وليس هذا من قبيل الخيالات والتوهمات، وإنما تشير كل الدلائل إلى ذلك خاصة وأن ما تحقق من أهدافها على أرض الواقع لا يتجاوز رحيل مبارك عن الحكم، وحتى هذا الرحيل لا يعتبر مكسبا في حد ذاته، وعلينا أن نتذكر أنه مازال قابعا هو وابنه جمال الطامع في السلطة والطامح إليها حتى هذه اللحظة والذي ظل يرفض الضغوط على والده للتنحي لولا أنه أجبر على ذلك وقهر قهرا، ولا ننس أن شاه إيران حين قامت الثورة ضده في عهد رئيس وزرائه مصدق، وخرج الشاه من إيران ولجأ إلى إيطاليا استطاع بواسطة أعوانه في الداخل وبواسطة المخابرات الأمريكية أن يعود مرة أخرى لحكم إيران والانتقام ممن عارضوه وأخرجوه فاعتبروا يا أولي الأبصار. وقد حدث ذلك أيضا في الثورة الفرنسية التي حاولوا أكثر من مرة الانقضاض عليها من خلال ثورات مضادة ولكنها ثبتت حتى حققت أهدافها. وعلى مستوانا المحلي لا ننسى أن ثورة يوليو لم تحقق أكثر أهدافها، وكانت السمة السائدة لها على مدى ستين عاما هي الاستبداد والدكتاتورية البغيضة.
إن الأمر يستدعي على وجه السرعة تكوين منظومات من قادة الثورة وقادة الفكر تتابع هذه التحركات المريبة وتكشفها للشعب وتتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة لإجهاضها... وأن يكون الشعب جاهزا للحفاظ على ثورته وتطهير البلاد من رؤوس وذيول الفساد والإفساد.
وأخيرا... أيها الثوار... أيها الشعب... لا تناموا فما زال حولكم ذئاب وثعالب وثعابين يحاولون الانقضاض، والثورة المضادة تعد لها قوى هائلة في الداخل والخارج.
واقرأ أيضاً:
سيناريو الثورة المضادة!/ تنظيف مصر من آثار الفرعون بالمقشات/ حكاوي القهاوي