يحكى أن أحد الرجال كان يحضر مأدبة غداء عند الوالي وفجأة وبشكل لا إرادي أطلق ريحا فأصابه حرج شديد وتفتق فكره عن النقر على الطاولة كي يضيع الصوت فانحنى الرجل الذي بجانبه وقال له لو افترضنا أنك أخفيت الصوت فكيف ستخفي الرائحة؟
لقد دأبت الإدارات الأمريكية على انتهاج سياسة توجيه الأنظار عن مشاكلها الداخلية عبر افتعال أحداث خارجية غالبا ما تكون ذات طابع عسكري ولا ننسى أن الرئيس بوش الأب افتعل حرب العراق في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تتجه للوحدة والتحرر الاقتصادي والعسكري من الهيمنة الأمريكية، وكذلك الرئيس كلينتون قام بتوجيه ضربة للعراق في نفس الليلة التي كان الكونغرس سيصوت على موضوع فضيحة مونيكا لوينسكي وكذلك بوش الابن كان يوجه ضربة للعراق كلما صادفته أي مشكلة حتى انتهى الأمر أخيرا بغزو العراق في سنة 2003.
ويبدو أن الرئيس الديمقراطي أوباما لم يبتعد كثيرا عن سياسة أسلافه فما أن تناقصت شعبيته بسبب فشله في إصلاح الاقتصاد الأمريكي والقيام بأي إنجازات تذكر في أمريكا حتى بادر إلى الإعلان وبشكل مسرحي هزيل عن قتل عدو أمريكا الأول أسامة بن لادن في باكستان في عملية عسكرية على طريقة أفلام رامبو, وطبعا فرح الأمريكان وطبلوا وزمروا ابتهاجا بهذا النصر الكبير في تمكن أكبر قوة في العالم من قتل عدوها بعد 10 سنوات من المطاردة ورصد الملايين كمكافئات وتشكيل فرق بحث وتحقيق للعثور عليه.
ولكن المسرحية لم تكن مقنعة مثل أفلام رامبو فالسيد أوباما لم يفهمنا سبب إلقاء جثة بن لادن في البحر بدلا عن عرضها على الصحفيين مثلما فعلت أمريكا بجثتي أبناء الرئيس العراقي السابق صدام حسين ولم لم تبث صورا للجثة سوى صورة فوتوشوب قديمة أو أفلام فيديو عن الاقتحام أو القتل, والسؤال الأهم كيف استطاع المطلوب الأول عالميا من العيش في قصر فخم يتوسط مراكز عسكرية باكستانية منذ 2008 دون أن يكتشف أحد أمره؟ وعشرات الأسئلة المريبة التي لم يتكلف أحد بالإجابة عليها من الإدارة الأمريكية.
أنا لست من مؤيدي بن لادن ولا فكره الذي ترك آلاف القتلى في أنحاء العالم الإسلامي من العراق والسعودية والمغرب العربي وكل مكان. ولكني في نفس الوقت أرفض أن يكون العالم الإسلامي الخروف الذي تذبحه الإدارة الأمريكية في العيد والعزاء على السواء.
وأرفض أن تكون بلادنا مستباحة لدرجة أن يقوم الأمريكان بعملية عسكرية في إحدى أكبر الدول الإسلامية وهي باكستان بشكل منفرد دون أن تكون الحكومة الباكستانية معنية بالموضوع وكان البلد بلا سيادة أو حدود أو قوانين.
آن الأوان للأمريكان للبحث عن قرابين أخرى يقتلونها كلما صادفتهم أي أزمة داخلية بعيدا عنا وعن بلداننا وأقول لأوباما إذا أخفيت الصوت فكيف ستخفي الرائحة؟
واقرأ أيضاً:
المقامة العوجاء في وصف الرؤوس الصلعاء / الهجرة من بغداد إلى بغداد!!