الكذب Lying
مأساة الوالدين
جزء كبير من المشكلة ينبع من بحث الوالدين عن إجابة لسؤال "ما هي مشكلة ابني؟"، ولو كان الأبوان يجدان صعوبة في التحكم بسلوك الطفل فقد يكون مريحًا لهم أن يعلموا أن طفلهم (ليس طبيعيًا...) لأن هذا يرفع عنهم المسئولية، فلو قال لهم الطبيب إن طفلهم طبيعي وعليهم أن يتكيفوا معه فهذا يؤدي بهم إلى موقف عاجز ويائس من الرثاء للنفس والانسحاب من البحث عن أي نوع من المساعدة... ومن وجهة نظر الطفل كيف سيكبر مع إحساسه أنه مرفوض، لماذا يحتاج إلى مجهود كبير، لماذا لا يمكنه البقاء ساكنًا؟
وتختلف آراء المتخصصين:
٠ فطبيب الأطفال يرى الطفل في مكتب مزدحم ويشخصه على أنه "متلازمة فرط النشاط وقلة التركيز".
٠ مدرسة الحضانة التي تشاهده في فصل غير منظم تُطلق عليه لقب "فائق النشاط" وتذكر بوضوح أنهم قد يجدوا صعوبة معه في التعلم.
٠ الطبيب النفسي قد يذكر أن نشاطه الزائد يعكس مشاكل عاطفية وأسرية.
٠ وقد يقرر طبيب الأعصاب بعد انتظار هادئ في مكتبه أنه لا توجد مشكلة في الطفل.
حتى الأخصائيين في نفس المجال غالبًا لا يتفقون عل تشخيص واحد.
مأساة فائقو النشاط
أصبح ذلك المصطلح يضم أنواعًا عديدة من اضطراب تعليمي وسلوكي، وأيضًا كلفظ له طنين لاستبعاد سوء سلوك الطفل. الأكثر تعقيدًا أن زيادة النشاط في حد ذاته لا يجب أن يكون تشخيص ولكن وصف لسلوك محدد يشير إلى أن حركة الطفل أكثر من المعتاد. فالطفل في أوقات مختلفة قد يتراوح نشاطه بين المتوسط والعالي اعتمادًا على البيئة المحيطة، الوقت من النهار، مزاج الطفل، والطريقة التي يتم التعامل بها معه.
مثال:
هناك طفل ذو خمس سنوات، عالي الصوت، منفعل، يبدو قلقًا دائمًا، يسميه طبيبه فائق النشاط فهو لا يستطيع الجلوس بهدوء في مكانه، والطبيب عيادته مزدحمة فنجده ينشغل بألعاب خشنة مع أطفال آخرين وحين يأتي الوقت الذي يراه فيه الطبيب يكون الطفل قد أصبح مستثارًا جداً يتلوى مثل السمكة.
الطبيب سيقول أنه طفل فائق النشاط والأم لا تفهم لماذا يكون مهذبًا في المنزل فهي تعتقد أن الطفل فائق النشاط من المفروض أنه كذلك في كل الأوقات.
مثال آخر
طفلة ذات 6 سنوات تحب فقط الألعاب الخشنة، لا يبدو أنها تعاني من أي مشاكل سلوكية فيما عدا في المدرسة، كل المدرسين يخبرون الأم أنها ترفض اتباع التعليمات، فهي ترفض الوقوف في الطابور وتدفع الآخرين، وتكون منفعلة جدًا في أوقات اللعب كما تضرب وترفس الأطفال الآخرين.
ويقترح المدرسون على الأم أخذها إلى الطبيب النفسي، وترتبك الأم إنها الطفلة الرابعة لثلاثة أولاد ولم يبد عليها أبدًا أنها فائقة النشاط، صحيح أنها ليست بنت مطيعة أو هادئة لكن ما هو الخطأ في أن تتحرك من نشاط لآخر فالأم لا ترى مشكلة ولكن المدرسة تستمر في الضغط عليها.
هذا مثال واضح لسلوك معين يمكن اعتباره طبيعيًا وغير طبيعيًا في نفس الوقت اعتمادًا على المكان والنظرة إلى الطفل. إن وجود الطفلة في أسرة من 4 بنين قد أخفت كثيرًا من ملامح ما نسميه طفل فائق النشاط، مساحة كبيرة من السماح بقلة التركيز وزيادة الانفعال والاندفاع والشجار بعكس ما لو كانت قد نشأت في عائلة هادئة ومنظمة فإنها ستبدو وكأنها إصبع ملتهب.
مثال آخر
طفل عمره 4 سنوات، عادةً متوسط النشاط ولكنه يدخل في نوبات غضب من حين لآخر، تأخذه أمه لشراء حذاء، المحل مزدحم يصبح الطفل عصبيًا ويزداد ضيقًا كلما طال الانتظار، ويغادر مقعده عدة مرات، يلف في المكان ويزعج المشترين الآخرين ويزداد غضبه وقد يحدث الانفجار عندما يجذب لعبة طفل آخر الذي يحاول استعادتها فيدفعه ويسقط على الأرض، وأخيرًا تجذبه أمه خارج المحل وهي في غاية الإحراج.
إن سلوك هذا الطفل لا يندرج تحت أي تعريف لفائق النشاط ولكنه قد طُلب منه الانتظار طويلاً تحت هذا النظام الممل.
ماذا نستخلص من هذه الأمثلة؟
هذه الأمثلة توضح مشكلة "فائق النشاط".. وهذا المصطلح يوضع في أغلب الأحيان خطأ، لأن مستوى نشاط الطفل يعتمد على وصف أكثر مرونة لأن الخط الفاصل بين السلوك الطبيعي وغير الطبيعي غير واضح. فإن وصف النشاط يجب أن يكون على قياس سهل أو صعب، منخفض أو عالي، أو بطريقة أخرى لا يوجد طفل فائق النشاط طوال الوقت.
٠ قد يؤثر الوقت من النهار، كثير من الأطفال يمرون بساعة يكونون فيها كالمجانين ويصبح سلوكهم فيها مستحيل.
٠ الجوع أو نظام غذائي معين قد يؤثر أيضًا على السلوك.
٠ مقدار النوم الذي يحصل عليه الطفل، اسأل أي أم كيف يبدو الطفل لو فات ميعاد نومه.
٠ أي طفل يشعر بالقلق أو التهديد يمكن أن يصبح عنيفًا.
وفي ظل ما نعرفه عن المدارس من نقص الموارد التعليمية وقلة المدرسين والفصول المزدحمة يصعب السيطرة على سلوك الأطفال ويُحكم عليهم أنهم فائقو النشاط ولذلك يجب أن نعرف أنها صفة لا يمكن أن تُطلق على الطفل طوال الوقت.
رؤية جديدة لمزاج الطفل
ضع في اعتبارك أن مستوى النشاط هو واحد من 9 أبعاد للمزاج الأساسي للطفل، والطفل فائق النشاط يكون لديه صعوبات أخرى في نواحي أخرى، فهم مشتتين، عندهم صعوبات بالتكيف، مشاكل في التغيير والانتقال، عنيدين، شديدي العنف، عاليين الصوت، مع قابلية عالية للاستثارة والانفعال، شهيتهم غير منتظمة، شديدي الحساسية للأصوات العالية والأضواء الساطعة ومن السهل استثارتهم. فمما سبق نجد أنهم أطفال ذوي طبع صعب وليس فقط فائقي نشاط.
مثال
هناك طفلة ذات ثلاث سنوات ونصف عادةً ما تنسحب من المواقف الجديدة، الناس الجديدة، الأشياء الجديدة، لدرجة أن أمها تجد صعوبة في أخذها إلى أي مكان..فعندما تأخذها إلى الطبيب النفسي فإن الطفلة تنسحب وتتراجع فورًا، وبناءًا على زيارة واحدة يمكن للطبيب خطأ أن يسمي تلك الطفلة قلقة، ولكن الطبيب الجيد لن يعطي تشخيصًا بناءًا على زيارة واحدة.
وجهة نظر أشمل وأعم
دعنا ننظر إلى مثال آخر:
هذا الطفل تمت دعوته إلى حفل زميل له في الحضانة، في يوم الاحتفال كان الطفل يشاهد الكرتون بهدوء وهو منتبه تمامًا ولكن الأم أخطأت بمقاطعته لكي يقوم بارتداء ملابسه، كان منغمسًا تمامًا ولا يريد إزعاج، يتصاعد الصراع ويبدأ الطفل في الصراخ عاليًا وتحايله الأم وتجلب له الملابس الجديدة ولكنه يصر على ارتداء ملابس قديمة لأنه يشعر فيها بالراحة أكثر (صعوبة تكيف)، بينما الملابس الجديدة تصيبه بالحكة (سرعة تأثر)، وعندما تجبره على ارتدائها بعد صراع طويل ونوبة غضب تتراجع الأم وتسمح له بارتداء حذاؤه القديم، وعندما يحين أخيرًا وقت مغادرة المنزل يكون الاثنين في حالة عالية من الضيق وعلى وشك الانفجار.
عندما يصلون إلى الحفل يجدون عددًا كبيرًا من الأطفال يلعبون، تتصاعد الأصوات ويزيد النشاط ويصبح الطفل مشتتًا أكثر ويزيد انفعاله بواسطة الأضواء والضوضاء وتلاحظ أمه علامات الخطر ولكنها تأمل أنه سيجلس بهدوء في وقت تناول الحلوى. (نلاحظ زيادة الحساسية للأصوات والأضواء وسهولة الاستثارة).
وعندما يجلس الأطفال لتناول الحلوى يرفض هو الجلوس ويستمر في التجول ويمسك كل اللعب والكتب والهدايا في يده ويخبر أمه أنه ليس جائعًا (عادات الأكل غير المنتظمة)، وتستمر محاولات الأم لإقناعه ولا تدوم فترات استقراره وهدوءه كثيرًا (سوء تكيفه يجعل صعبًا عليه أن يتقبل تغيير النشاط من حوله).
وفي النهاية تلتقط الأم طفلها المتلوي الصارخ وتأخذه بعيدًا معتقدة أن طبيب الأطفال على حق وطبيب الأعصاب مخطئًا تمامًا وخاصةً وقد اتفق معظم الآباء الموجودين على فرط نشاطه. ولكن عندما نتناول تلك التصرفات بالتحليل نجد أنها مجموعة من الأفعال المحددة لسلوك هذا الطفل وليس فقط صفة واحدة (فرط النشاط) إنه يبرز فقط لأنه الصفة الاجتماعية الواضحة والمرئية وهي كذلك الصفة الأسهل في التحديد والتي تجعله يبرز في وسط مجموعة من الأطفال. فكم شخص يعرف مصطلح سهولة التأثر بالمؤثرات الخارجية أو الإيقاع غير المنتظم أو حتى التكيف السيئ للطفل؟
الآن يجب أن يكون الأمر واضحًا، إن تصرف الطفل يخضع لعوامل كثيرة وحين نتعلم أن نسيطر عليها ونفهم تمامًا طباع الطفل وأن نتقبله كطفل صعب المراس عندها سنتعلم كيف نتعايش معه.
متى نحتاج إلى تشخيص؟
إن الطفل فائق النشاط الذي لا يمكنه أن يظل هادئًا ولا يستطيع الجلوس في مكان وتصرفاته عشوائية ولديه مشاكل في التركيز والانتباه ولا يتبع التعليمات، يقاطع ويزعج، مندفع، يفقد السيطرة بسهولة، هذا الطفل يحتاج إلى تقييم طبي كفء ويمكن أن يُشخص على أنه يعاني من اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، بالرغم من صعوبة اجتماع حتى الأخصائيين على مثل هذا التشخيص.
وبالرغم من جود العديد من الأبحاث التي تؤكد وجود أساس بيولوجي وكيميائي لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه لكن لا يوجد دليل واحد على أنه مرض إلا لو صاحبه عدة عوامل منها:
٠ تاريخ من التعقيدات في الحمل والولادة.
٠ تأخر في التطور اللغوي.
٠ التأخر الدراسي (في سن المدرسة).
٠ مشاكل خاصة بالتأقلم.
٠ التهتهة اللاإرادية.
مثل هذا الطفل يحتاج إلى تقييم بطريقة مناسبة وعلاج لغوي، علاج للتلعثم، مدرس جيد، فصل خاص أو غرفة وسائل. ويوصى أيضًا بمحاولة العلاج الطبي وإن لم يكن هو التناول الوحيد إن الأدوية (مثل الريتالين) قد أثبتت كفاءتها وكونها آمنة تمامًا في سن المدرسة أما قبل ذلك فيجب أن تكون الأدوية آخر حل. قد نحتاج إلى خدمات العديد من الأخصائيين في نفس الوقت وأن ينسقوا نشاطهم معًا تحت إشراف الطبيب النفسي.
ولابد أن يكون لدينا هنا تحفظ، فإن كثير من الأطفال الذين يواجهون كثير من مشاكل التعلم ربما تتقدم معلوماتهم بصورة مختلفة ويحتاجون فقط للتوجيه ولا يجب أن يصنفوا على أن لديهم صعوبات تعلم.
يوم في حياة طفل صعب
هذه قصة يوم واحد في حياة طفل صعب جدًا من النوع الني نُطلق عليه "قاتل الأمهات".
ولد هذا الطفل كأخ ثاني، بدأت المتاعب مع محاولاتها إطعامه، لم يكن له أبدًا مواعيد منتظمة وكان يبدو دائمًا متضايقًا وغاضبًا ويصعب إرضاؤه. نومه مضطرب وقصير ويستيقظ منه بسهولة ويصحب ذلك صرخات عالية واستمرت تلك المشاكل في الزيادة وأصبح أبويه لا يعرفان طعم النوم المريح. إنه لا يتوقف عن البكاء، قال طبيب الأطفال مغص، واضطرابات معوية ولكن شهور انقضت واستمر الطفل في البكاء والنوم المتقطع والمزاج السيئ.
أصبحت الأم منهكة وعصبية والأب يقضي أسوأ الليالي وهو نائم في غرفة المعيشة. أغرقتها الجدة بالنصائح والتي شعرت معها الأم أنها غير كفء وعاجزة خاصةً أن تلك النصائح لم تجد نفعًا مع الطفل فعلقت الجدة أنها ربما تقوم بذلك على نحو خاطئ مما ساهم في زيادة شعورها أنها أم سيئة. وعند سن 6 أشهر أصبح واضحًا أن العائلة كلها قد تأثرت بذلك الطفل الصارخ الخارج عن السيطرة.
لم يفلح أي شيء معه ليجعله يهدأ وبدأ الزوج يعاني، الزوجة دائمًا متعبة والزوج نافذ الصبر معها ومعظم معاركهم حول الطفل. حتى الابن الأكبر بدأت تصرفاته في التغير، فبعد أن كان طفلاً ودودًا وراضيًا يستمتع باللعب أصبح أكثر قلقًا ومتضايقًا من أخيه، من بكاؤه ومن اهتمامهم المستمر به، ثم لاحظ الأبوان أنه أصبح أكثر تعلقًا بأمه ويرفض اللعب وحيدًا ويطلب دائمًا مساعدة في واجباته.
وما أن بدأ الطفل الصغير في المشي تعقدت الأمور أكثر لأنه أصبح مصدرًا للرعب في المنزل وأصبحت الأم تفكر فيه وكأنه وحش يفعل أي شيء لإيذائها متعمدًا. وعند سن الثالثة أصبح المنزل كله يدور حول هذا الطفل فهو دائمًا متهيج ولا يسمع أي شيء أبدًا والصراع الدائم المتكرر على السلطة دائمًا ما ينتهي بنوبة غضب.
يرفض دائمًا الملابس الجديدة، ويمكن أن ينام في الملابس التي ارتداها طوال النهار، يتابع فقط أفلام الكرتون التي تتعلق بالحركة والمغامرات ويرفض أي اقتراحات جديدة أو حتى تغيير القناة.
أصعب أوقات اليوم للأم يكون عادةً في الصباح فإنها تستيقظ متعبة ومتأهبة لمعركة جديدة يوميًا، تذهب إلى غرفته والتي فشلت في وضع أي نوع من النظام بها. أما الصغير فهو في حالة فوضى دائمة.
تتردد في إيقاظه لأنها لا تعرف الهدوء إلا وهو نائم ولكنها تحتاج إلى الوقت الذي تعلم أنه سيضيع في المعركة قبل الاستعداد للحضانة. أيقظته وطلبت منه الذهاب إلى الحمام لغسل وجهه وبدلاً من ذلك قفز من السرير ليلعب بلعبه. أخرجت له ملابس نظيفة بدلاً من تلك التي يرتديها فرفض، جذبت الأكمام لكي ترفع القميص فوق رأسه فصرخ وشد ذراعيه بعيدًا، وبعد ربط وفك أشرطة الحذاء عدة مرات تولي الأم اهتمامها إلى أخيه الذي يكون قد استيقظ وارتدا ملابسه بمفرده مما يشعرها بالذنب لإهمالها له، وعندما يجلسون جميعًا لتناول الإفطار غالبًا ما يدمر الابن الأصغر الجلسة بتصرفاته ورغم أنه يكون جائعًا إلا أنه يقضي الوقت باللعب بطعامه ويصر دائمًا على نفس الطبق الذي يتناول فيه الطعام منذ طفولته.
وبعد أن التفتت عنه ثانية وجدته قد أفرغ درج الملاعق وهو يجلس على الأرض بملابس الحضانة فتبدأ في الصراخ والتوتر والغضب ويبدأ الطفل في البكاء وشتمها، وعند وصولهم إلى الحضانة يبدأ في الصراخ فور نزوله من السيارة لكن فور دخوله إلى الحضانة يندمج مع باقي الأطفال في لعبهم.
في داخل الحضانة يحب اللعب النشيط ولكن مدرسيه غالبًا ما يراقبونه لأنه لو انفعل سوف يضرب باقي الأطفال حيث لا يمكنه التوقف عندما يصبح مستثارًا، يرفض دائمًا الانصياع للقوانين، الوقوف في الطابور، الجلوس ساكنًا مهما أصروا أو حاولوا رشوته أو معاقبته، وتتوالي الشكاوى إلى الأم، ولا يمر يوم بدون ستة كوارث على الأقل، وتزيد المشكلة بلوم الأب للأم أنها هي السبب في عدم قدرتها على السيطرة على الوضع ويخبرها أنه سيتولى الأمر ويكون تصرفه عند أول تصرف عصبي قام به الطفل أن أمسكه الوالد وضربه بعنف فما كان من الولد إلا أنه ارتمى على الأرض في صراخ هيستيري، تجاهلوه حتى صمت وقام لتناول العشاء لم يعجبه الطعام فقلب طبقه على المائدة.
وتقرر ترك الأب أن يأخذه إلى النوم بعد إعطاؤه حمام المساء، في الحادية عشرة أطفأ الأب الكرتون ويقرر حان موعد النوم وفورًا يبدأ في الصراخ ويرفس ويعض الأب عندما يرفعه غصبًا إلى الحمام وتستمر نوبة الغضب وتبادل الصراخ بينه وبين الأب.
ينظر الأب إلى الساعة ويندهش إنها الواحدة صباحًا ولم يأخذ الحمام بعد فيقرر التغاضي عنه ويحمله وهو لازال يصرخ ليرتدي ملابس النوم فيرفض الطفل تغيير ملابسه فيرميه على الفراش وهو يتعارك معه مستغربًا إن طاقته لم تنفد بعد كل هذا الصراخ والعراك. وفي النهاية لم ينجح إلا في نزع بنطلونه ويجلس الأب مهزومًا وقد فشل في تحميمه وفشل في إلباسه ملابس النوم.
وحين مد يده ليطفئ النور بدأ العويل والصراخ مجددًا إنه يريد مشاهدة الكرتون فيقول الأب متعبًا "حسنًا لا تنام العب بلعبك في حجرتك قليلاً"، ويجلس خارج الحجرة متعبًا، ظهره يؤلمه وهو لا يتخيل كيف تتعامل أمه مع كل ذلك يوميًا.
عائلة هذا الطفل هي ملخص مبني على تجارب عدة عائلات، إنه طفل صعب، شديد النشاط، عنيد، عنيف، سيء التكيف، مشتت، ليست له عادات منتظمة شديد الحساسية ويرفض المواقف الجديدة. إن هذه عائلة في مشكلة، في أزمة، كلا الوالدين يفتقدان حلول واضحة وأصبحت العائلة كلها تدور في فلك شخص واحد وتحت رحمة تقلبات مزاجه.
حين تستعد لعمل برنامج لطفلك الصعب تذكر عدة مبادئ أساسية:
٠ مصطلح صعب هو مصطلح نسبي "ما هي درجة الصعوبة".
٠ الأطفال صعبي المراس ليسوا كلهم سواء.
درجة التغيير التي تحتاجها لتتعامل مع طفلك سوف تعتمد ليس فقط على درجة صعوبته ولكن على تأثير تلك الصعوبة (الدائرة المدمرة) على العائلة كلها.
ويتبع >>>>>>: الطفـل العنيـد (2)
واقرأ أيضاً:
كيف نربي طفلاً منظمًا؟ (2) / الطفل العصبي / كيف تصنعين طفلاً يحمل هم دينه؟