هناك "مناضلون"، وهناك مناضلون، وهناك مناضلون أوفياء. وهذه المستويات الثلاثة، صارت تفرض نفسها على أرض الواقع، وخاصة عندما يرتبط "المناضلون"، والمناضلون، والمناضلون الأوفياء، بحركة 20 فبراير.
فحركة 20 فبراير، بأرضيتها، وببرامجها، وبشعاراتها، تحولت إلى مجال للبحث عن إجابات للأسئلة:
من يأتي إلى حركة 20 فبراير من أجل التسوق؟
ومن يناضل تنفيذا لقرار التنظيم الذي ينتمي إليه؟
ومن يناضل بصدق وفاء للشعب المغربي؟
ونحن لا نشك في أن الإجابة على الأسئلة الثلاثة، لا بد أن يختلف، نظرا لاختلاف طبيعة الأسئلة نفسها.
فـ"المناضل" الذي يأتي إلى حركة 20 فبراير، وهو محمل بكل سمات هويته الحزبية، أو النقابية، أو الحقوقية، أو الجمعوية، ليبرز تلك السمات، وليعبر عنها بكل أشكال التعبير، لا للنضال، بصدق، في إطار حركة 20 فبراير، بل لأجل التسوق لتنظيمه، وفي إطار، لا يمكن أن يصير مجالا للتسوق، بقدر ما هو إطار للتعبير عن الوفاء للشعب المغربي، الذي لا يخذل أبناءه الأوفياء، في نضالهم من أجل التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
فـ"المناضلون" المتسوقون يأتون إلى حركة 20 فبراير، وسمات انتمائهم إلى تنظيم معين، بادية على وجوههم، وملابسهم، ومن خلال كلامهم، بهدف التأثير في الحاضرين الذين قد يرتبطون بهم، وقد ينتمون إلى تنظيمهم.
ومثل هؤلاء "المناضلين"، الذين يضربون وحدة 20 فبراير في الصميم، لا يهمهم تحقيق مطالب حركة 20 فبراير، بقدر ما يهمهم إسقاط كل شيء قائم، ليتحركوا، كالجيش العرمرم، ضد الشعب المغربي، لفرض تطبيق برنامج تنظيمه المعلن، وغير المعلن، وبقوة الحديد والنار، من أجل إقامة النظام الذي يراه مناسبا.
و"المناضلون" من هذا النوع، يجب أن تقبلهم حركة 20 فبراير بحذر شديد، حتى لا يحولوها إلى مجال لتحقيق الأهداف القريبة، والمتوسطة، والبعيدة، كما هي مرسومة في برنامج تنظيمهم، وأن تحرص على التزام جميع المنتمين إلى حركة 20 فبراير، بمضامين الأرضية التأسيسية، وبالعمل على تحقيق أهدافها القريبة، والمتوسطة، والبعيدة. وكل من يسعى إلى غير ذلك، فلا مكان له في الأرضية التأسيسية، وفي حركة 20 فبراير.
فحركة 20 فبراير، التي هي حركة الشعب المغربي، يجب أن تتحول إلى حصن منيع، ضد كل الممارسات الانتهازية، التي تغرق حركة 20 فبراير في المزيد من المتاهات، التي يجب أن تصير حذرة من ولوجها إليها، حتى تحافظ على وحدتها، وعلى قوتها، وعلى سعيها الدؤوب، إلى تحقيق وحدتها النضالية، التي هي منبع قوتها، التي تدوس كل من يعترض طريقها في مسار تحقيق أهدافها.
أما المناضل، فيرتبط بحركة 29 فبراير، إما بتوجيه من التنظيم الذي ينتمي إليه، أو باقتناعه بأرضيتها المعبرة عن طموحاته: كلها، أو بعضها على الأقل، ولكنه مستعد في أية لحظة أن ينصرف، إذا وجد أن ما يمارس في اجتماعات حركة 20 فبراير، لا ينسجم مع الاقتناع الذي تكون لديه عن حركة 20 فبراير، وعن أرضيتها، وبرامجها، وشعاراتها، وأهدافها.
والمناضل من هذا النوع، هو الذي يجب أن تحرص حركة 20 فبراير على استمراره، بالعمل على محاصرة كل الأمراض التي يمكن أن تعصف بحركة 20 فبراير، ومحاصرة منتجي تلك الأمراض، والحرص على عدم تحويل حركة 20 فبراير إلى مجال للتسوق، والمزايدات على المناضلين، الذين لا يملكون القدرة على المواجهة، ويفضلون أن ينسحبوا، بدل الدخول في مواجهة مزايدات بعض أعضاء حركة 20 فبراير.
وإذا كان "المناضلون" المتسوقون من حركة 20 فبراير، والمسوقون لانتمائهم، من خلالها، يضايقون المناضلين المقتنعين بحركة 20 فبراير، فإن على حركة 20 فبراير، أن تعمل على الحد من تأثير "المناضلين" المتسوقين، واحتضان المناضلين المقتنعين بحركة 20 فبراير، والساعين إلى تقويتها، والارتباط بها، حتى تحقيق أهدافها القريبة، والمتوسطة، والبعيدة.
وللحفاظ على حركة 20 فبراير، من أمراض التسوق، والدعاية لتنظيم معين، لا بدمن الحرص على:
أولا: التزام الجميع بأرضية، وبرامج وشعارات حركة 20 فبراير. وكل من يسعى إلى خرقها، وعدم الالتزام بشعاراتها، يجب التصدي له، حتى يتراجع عن ممارسته للخرق، أو يذهب إلى حال سبيله.
ثانيا: اعتبار الأرضية التأسيسية، وما يترتب عنها من شعارات، وأهداف، وبرامج، هي المقياس المحدد للانتماء إلى حركة 20 فبراير، من أجل قطع الطريق أمام أية معايير أخرى.
ثالثا: الذوبان في إطار حركة 20 فبراير شكلا، ومضمونا، حتى لا تصير الهوية الأصلية عرقلة في سبيل حركة 20 فبراير، التي قد تصير مجالا للصراع بين مختلف المكونات.
رابعا: اعتماد مبدأ الديمقراطية الداخلية، وسيلة لتمكين جميع المكونات، من العمل على بلورة البرامج، والقرارات، والتكليف بمهام التنفيذ.
وهذا الحرص، إن كان يهدف إلى شيء، فإنما يهدف إلى تحصين حركة 20 فبراير، من كل انزلاق في اتجاه التشرذم، والضعف، من خلال الحفاظ على مكوناتها، وعلى وتيرة العمل المتنامية في أفق تحقيق أهدافها القريبة، والمتوسطة، والبعيدة، التي تتوج بتحقيق حرية الشعب المغربي، وتمكينه من التمتع بالممارسة الديمقراطية، وبالعدالة الاجتماعية.
وبالنسبة للمناضل بصدق، في إطار حركة 20 فبراير، وفاء للشعب المغربي، فإنه:
أولا: ينبذ الممارسة الهادفة إلى التسوق من حركة 20 فبراير، وجعلها مجالا للتعريف بالتنظيم الذي ينتمي إليه المتسوق.
ثانيا: ينبذ المزايدات التي تقفز على الواقع، وفي حركة 20 فبراير، ومن أي كان.
ثالثا: يعتبر الأرضية التأسيسية، وما يترتب عنها، هي المقياس المحدد للانتماء إلى حركة 20 فبراير.
رابعا: يتنزه عن كل الممارسات، التي تسيء إلى حركة 20 فبراير، حفاظا على وحدتها، وتجسيدا لقوتها.
خامسا: ينبذ كل الممارسات الانتهازية، أنى كان مصدرها، ومهما كانت النتائج المترتبة عنها.
سادسا: يعبر عن ذوبانه في حركة 20 فبراير، بنسيانه للتنظيم الذي ينتمي إليه، من أجل أن يصير في خدمة أهداف حركة 20 فبراير، المعبرة عن طموحات الشعب المغربي، ووفاء لهذا الشعب على المدى البعيد.
سابعا: يهب فكره، وممارسته، لحركة 20 فبراير، سعيا إلى تحقيق ارتباطها بكل فئات كادحي الشعب المغربي، ارتباطا عضويا، في أفق جعل كل تلك الفئات حاضرة في مختلف المحطات النضالية، التي تخوضها حركة 20 فبراير.
ثامنا: يحرص على وحدة، وقوة، وتطور، وتنظيم حركة 20 فبراير على جميع المستويات، ومهما كانت هذه المستويات عسيرة؛ لأن المناضل الوفي، هو من يعمل على تذليل العسير من الصعاب، كما يذلل الصعاب، من أجل أن تسير حركة 20 فبراير في الاتجاه الصحيح.
ومناضل وفي، من هذا العيار، هو الذي يشكل عصب حركة 20 فبراير، وهو الذي يحرص في نفس الوقت:
أولا: احترام الأرضية التأسيسية، وما يترتب عنه من مراجع، وبرامج، وشعارات، وقرارات نضالية، كمقياس للانتماء إلى حركة 20 فبراير.
ثانيا: كبح جماح "المناضل" المتسوق، والقائم بالدعاية لتنظيمه، حتى لا يستمر في ممارسته، التي لا يمكن أن تنتج إلا ضعف الحركة، التي تعرف نزيفا غير متوقف بسبب ذلك.
ثالثا: الحرص على استمرار المناضلين المقتنعين بحركة 20 فبراير في إطاراتها، حتى يقوموا بدورهم لصالحها، انطلاقا مما يستطيعون تقديمه.
وبالإضافة إلى ما ذكرنا، فالمناضل الوفي، يحرص على استيعاب تحولات الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وتحولات الأحزاب السياسية الإدارية، ومنها حزب الدولة، وتحولات المنظمات الجماهيرية، حتى يمتلك القدرة على القراءة العلمية للواقع، تلك القراءة التي تمكن المناضل الوفي للشعب المغربي، من إفادة حركة 20 فبراير، بما يرفع من وتيرة نضالاتها المطلبية، وبما يمكنها من الصمود في الميدان، حتى تحقيق الأهداف المرسومة.
وبذلك، نكون قد حاولنا الإجابة على الأسئلة الثلاثة، المطروحة في مقدمة هذه المقالة، والتي حاولنا من خلالها التمييز بين "المناضل"، والمناضل، والمناضل الوفي، لجعل المتتبع يميز بين "المناضل" المتسوق، والمناضل المقتنع بحركة 20 فبراير، والمناضل الوفي للشعب المغربي.
ذلك أن حركة 20 فبراير، باعتبارها حركة الشعب المغربي، لا يمكنها أن تتوحد، وأن تتقوى، وأن تتجنب الضربات التي توجه إليها، إلا بالمناضلين الأوفياء للشعب المغربي، الذين يخرجون من بيوتهم في اتجاه حركة 20 فبراير، ولا يراهنون على الرجوع إليها، بقدر ما يراهنون على الاستشهاد من أجل الشعب المغربي، وبدون حسابات تذكر، بما في ذلك الحسابات السياسوية الضيقة.
ولذلك، فإن على المناضلين الأوفياء للشعب المغربي، المسؤولين في حركة 20 فبراير، أن يعملوا، وباستمرار، على إعداد تحول في ممارسة مناضلي الحركة، حتى وإن كانوا متسوقين من الحركة، في اتجاه تحقق الذوبان الجماعي في إطار الحركة، ونسيان: من هم؟
على مستوى الانتماء الحزبي، أو النقابي، أو الحقوقي، أو الجمعوي، من أجل تحقيق القوة الخارقة لحركة 20 فبراير، ولخلق، وإنضاج الشروط الموضوعية، التي تجعل حركة 20 فبراير، قادرة على النمو المستمر، وعلى الصمود، حتى تحقيق الأهداف الموضوعية المرسومة.
فهل يدرك "المناضلون" المتسوقون من حركة 20 فبراير، أنهم، بذلك، يسيؤون إلى حركة 20 فبراير، ويعملون على إضعافها، حتى وإن كانوا متميزين على مستوى الكم؟
ألا يهتمون بوحدة، وقوة، حركة 20 فبراير؟
لماذا لا يذوبون في إطار حركة 20 فبراير؟
ألا يدركون أن ممارستهم تقف وراء النزيف الذي تعرفه حركة 20 فبراير؟
ألا يهمهم أن يحافظوا على المناضلين المقتنعين بحركة 20 فبراير، وبأرضيتها التأسيسية؟
لماذا لا يتبنون منهج المناضلين الأوفياء، الذين ينسون انتماءهم بعد ارتباطهم بحركة 20 فبراير؟
إننا نتساءل فقط، وهمنا أن نرى حركة 20 فبراير أكثر قوة، وأكثر دينامية، وأكثر ارتباطا بالفئات الشعبية المقهورة، وأكثر انتزاعا للمزيد من المكاسب لصالح كادحي الشعب المغربي، وأكثر تعبئة لكل فئاته، من أجل تمكين الجميع من المساهمة في نضالات حركة 20 فبراير.
ويتبع>>>>>>>> : المزايدون في إطار حركة 20 فبراير!!
واقرأ أيضاً:
حركة 20 فبراير حركة شعبية...!!