الطفـل العنيـد (9)
المدرسة والمدرسين
إن أول عالم يعرفه الطفل خارج المنزل هو عالم المدرسة، المدرسين، وزملائه، وهناك ما يُعرف باسم تناغم المعلم/الطفل، كما أن هناك تناغم بين الوالد/الطفل وهي علاقة هامة جدًا لتطوره المستمر.
متى يجب أن يبدأ الطفل المدرسة؟
في مجتمعنا الحديث هناك تأكيد على أهمية التعليم المبكر ولكن إلى أي مدى يكون (مبكرًا) مقبولاً.
أنا أعتقد أن ذلك القرار يعتمد إلى درجة كبيرة على ذلك الطفل، أنا أشجع الأهل على التجربة والمرونة، لو كنت لا تدري إن كان الطفل مستعدًا للمدرسة بعد أم لا ابعثه وكن على استعداد لتغيير رأيك إن رأيت الوضع لا يتقدم بسهولة بدون إعطاء نفسك أو طفلك إحساس الفشل.
اختيار المدرسة
اختيار الأوضاع المناسبة لطفلك لا تعني بالضرورة (أحسن) مدرسة في منطقتك ولكن المدرسة التي تلبي احتياجاته وتحافظ على اتصال مفتوح معك كوالد. يكون الاختيار محدود في المناطق الصغيرة، أيًا كان الأمر انظر إلى اختياراتك مقارنةً باحتياجات طفلك وطباعه. فمثلاً طفل كثير النشاط في وضع مثالي يحتاج إلى مدرسة توفر نظامًا ولكن أيضًا مساحة للجري واللعب بحرية، اسأل أسئلة مثل: النظام اليومي للمدرسة، ما هي عدد الساعات المخصصة للرياضة؟ هل يختار الأطفال الرياضة التي يفضلونها؟
في المجمل أنت تحتاج إلى مدرسة قريبة، نظامها يجمع بين الاحتواء والنظام والمرونة وتستطيع أن تنمي شخصية طفلك. إن طفلك ليس مشكلة تتوسل إلى المدرسة أن يقبلوه ولكن فرد ذو شخصية مستقلة ويحتاج إلى أحسن ما يمكن تقديمه.
ليس لديك اختيار كبير في المدرسين ولكن ابدأ نقاش حول أحسن ما تريده لطفلك، كن صريحًا ولكن دبلوماسيًا فإنك لا تريد أن يكون طفلك مهملاً ولكن أيضًا لا تريده أن يكون محور الاهتمام السلبي وغير المجدي. لو كنت تعرف إحدى المعلمات وتعرف أن لديها أسلوب مرن ومتقبل اسأل في المدرسة لو كان من الممكن نقل ابنك إلى فصلها.
بعض الأطفال الصعبي المزاج يصبح أداءهم أفضل في فصل صغير حيث الاهتمام الموجه للفرد أكبر.
(ولا مانع من إعطاء اسم الموقع واسم البرنامج "الطفل العنيد– الطفل الصعب– الطفل المشاكس" للمدرسة ولكل المدرسين لعل الله سبحانه وتعالى يحفظ ولدك وتكون سببًا في خدمة باقي تلاميذ المدرسة).
تناغم المدرس والتلميذ
أنت رأيت أن بعض الأطفال صعبي المزاج يكون أداءهم أفضل في المدرسة ولكن هذه ليست عملية تلقائية. يقضي المدرسون وقتًا طويلاً مع التلاميذ، ومفهوم التقبل والتناغم يختلف من معلم لآخر وأيضًا خبرة المعلم وشخصيته تلعب دورًا هامًا في عملية التناغم.
فمثلاً: المعلمات مثل الأمهات قد يكن متراخيات أو مرنات، الطفل الصعب يحقق أحسن أداء له مع المعلمة التي تحقق التوازن بين النظام والتقبل، التوازن بين إعطاء الطفل حرية التعبير والإصرار على الانتظام على قوانين معينة، وتصبح هناك مشكلة إن عجزت المعلمة عن هذا النظام.
فمثلاً هناك معلمة شديدة الصلابة وتصر على أن يتبع التلاميذ جميع الأوامر والقوانين، إن طفلاً شديد النشاط صعب التكيف سيجد صعوبة شديدة في التفاهم مع تلك المعلمة. وأيضًا على الجانب الآخر معلمة ليس لديها نظام معين وليست لديها قواعد وقوانين معينة يسير عليها فصلها قد يكون أيضًا سلبيًا جدًا على الطفل الصعب.
عدم معرفتها ما يمكن توقعه يمكن أن يزيد من هياج ذلك الطفل، عدم وجود نظام متوقع يزيد من ضياع طفل لديه صعوبة في التكيف (توسل إليها أن تقرأ برنامج الطفل العنيد).
إن معلمة جيدة ستعطي طفل لديه صعوبة في التكيف وقتًا للانتقال بين نشاط وآخر، وستشعر أن طفلاً نشيطًا سهل التشتت سيحتاج إلى وقتًا ليهدأ فيه من حين لآخر (ستستفيد أيضًا من برنامج الطفل العنيد). هذا النوع من التقبل الحميد لديه وقع إيجابي جدًا على طفلك الصعب وعامةً سيكون أداءه أفضل في المدرسة.
تذكر أنك أنت الخبير في طفلك
وضح نقاط قوة طفلك وأيضًا مناطق المشكلة فيه واحذر من المعلمة التي تأخذ موقفًا فظًا وتوجه إليك انتقادات مثل "ماذا تعرف أنت؟" و"إنك لن تعلمني وظيفتي". أيضًا خلال السنة ستتلقى الكثير من الملاحظات حول سلوك طفلك وقد يتم استدعاؤك أيضًا، هناك مشكلة. ولكن لا تفترض تلقائيًا إنها غلطة الطفل، يجب على المعلمة أن تستطيع التعامل في العديد من المواقف بدون إعلامك، وإن لم يحدث هذا فإن هناك غلطة في نظام الفصل والمدرسة كما مع طفلك.
وقد رأينا كثيرًا من المواقف أُطلق فيها على طفل طبيعي تمامًا إنه فائق النشاط أو أنه مشكلة أو أنه صعب التعامل بينما في الحقيقة إنه كان فقط في الأيدي الخطأ أو المعلمة الخطأ -وهي مشكلة مجتمع ووطن وضع الشخص غير المناسب، غير المؤهل وغير الأمين في المكان المناسب ومشكلة أفراد يلهثون وراء لقمة العيش ولا يعنيهم من يقع تحت أرجلهم فيدوسوه ويهرسوه، ومثلهم الأعلى أنا وبعدي الطوفان ونسوا أن البر لا يبلى والذنب لا يُنسى والديان لا يموت- "افعل ما شئت كما تدين تدان".
رفض المدرسة
كثير من الأطفال الصغار يرفضون الانفصال عن أمهاتهم للذهاب للمدرسة وتزداد هذه الصعوبة مع الطفل المشكلة وذلك بسبب الانسحاب المبدئي وأيضًا لأنه أكثر قلقًا، ولذلك يكون الأسبوع الأول في الدراسة صعبًا جدًا على الكثير من الأطفال ويزداد الموقف تعقيدًا لو كانت الأم هي أيضًا من النوع القلق، قد يتولد هنا رفض المدرسة.
مع طفل في سن الحضانة من المقبول البقاء معه قليلاً والعمل حول الانسحاب التدريجي حسب درجة اندماجه في الحضانة، تتبع خطى الطفل واندماجه مع فصله وفي المنزل ساعده بقراءة القصص عن الحيوانات الشجاعة أو إحضار رفيق شجاع له.
في المدرسة الابتدائية يجب أن تشجع داخله فكرة "إنه ينتمي للمدرسة" لابد أن يذهب ولابد أن يكون الوداع مختصرًا وحادًا، وغالبًا يكون الطفل بخير فور ذهابك، لو كان طفلك من النوع المتعلق الخائف من تركك له لابد أن تدبر لأحد آخر أن يأخذه منك ليتركك تغادر.
أحيانًا يستيقظ الطفل ويشكو أنه مريض جدًا ولا يستطيع الذهاب، قد يشكو من المغص أو الغثيان أو الصداع أو زيادة ضربات القلب أو ضيق في التنفس (وتكون هذه الأعراض مرتبطة دائمًا بميعاد المدرسة، بعد الميعاد أو بعد مغادرة سيارة المدرسة سوف تختفي الأعراض فورًا) قد يبدو الألم حقيقيًا ولكنه عادةً ليس علامة على المرض ولكنه علامة على القلق.
من الهام جدًا أن تجعله يذهب للمدرسة وأنت تخبره إن كان لا يزال مريضًا بالمدرسة فإن المدرسة ستعيده إلى البيت أو سيراه طبيب المدرسة.
بعض الأشياء لا يجب أن تفعلها:
1. لا تقم بحملة دعائية لصالح المدرسة وكأنك أصبحت تروِّج لها "أليست الفصول رائعة؟"، "انظر هذه المدرسة الجميلة".
2. لا تسأل أسئلة كثيرة عن المدرسة، لو عاد طفلك من المدرسة وسألته "كيف يومك؟" فأجاب "بخير" لا تسأل أكثر من ذلك ولا تسأله مجددًا إن كان طفلاً جيدًا في المدرسة أم لا.
3. لا تقلق إن أبدى الطفل أي علامة تدهور في السلوك حتى لو كان سلوكه جيدًا في المدرسة، قد يتدهور في المنزل، إنها فترة هامة جدًا في حياة الطفل، وفر له بيئة آمنة بالمنزل وسيكون بخير.
4. إن اتبعت كل هذه التعليمات ولا يزال طفلك يرفض المدرسة ربما تحتاج إلى مساعدة أخصائي.
زملاء المدرسة
لو كان سلوك طفلك يسبب له صعوبة في صنع أصدقاء يجب أن تولي اهتمامًا لهذه المنطقة أيضًا، وكلما تحسنت علاقتكم في المنزل والمدرسة كلما تحسنت علاقاته مع زملائه أيضًا. وتذكر أيضًا إن كونه طفلاً صعبًا يجعله متفردًا في شخصيته وإن الصداقة غالبًا هي مسألة ذوق. بعض الأطفال يفضلون صديق مقرب أو اثنين ولا يحبون الاختلاط في مجموعات كبيرة.
لا تقلق أيضًا إن عرضت عليه صداقة طفل آخر ورفض هو ذلك "أنا لا أريد اللعب معه" اعتبرها مسألة تفضيل شخصي وليس انسحاب اجتماعي.
طبيب الأطفال
إن طبيب الأطفال المثالي لابد أن يكون لديه اهتمام بما يسمى "علم السلوك عند الأطفال" وهذا يعني إنه لابد أن يكون لديه استعداد للكلام في مواضيع أخرى بخلاف صحة الطفل الجسدية، لابد أن يكون لديه معرفة بمواضيع مثل الطبع المزاجي والسلوك الناتج عن الطبع المزاجي السيء.
هذا بالطبع يحتاج منه أن يخصص لكما وقتًا إضافيًا ولكن الاتصال الجيد بينكما هام جدًا، وإن كان هذا غير متوافرًا حاول أن تحسن علاقتك به وإن شعرت أن التواصل بينكما مفقود أرسل له بالبريد عنوان الموقع واقترح عليه قراءة برنامج الطفل العنيد أو فكر في تغيير الطبيب.
مجموعات المساندة
كثير من الأمهات والآباء يشعرون بالمساعدة الإيجابية التي حققتها مجموعات المساندة في حياتهم.
"كنت وحيدًا تمامًا حتى أتيت إلى المجموعة، لم أكن أعتقد أن هناك أحدًا يشعر بما أشعر به، لقد توقفت عن لوم نفسي وإحساسي بالذنب، لقد وجدت من يفهمني".
تستطيع أن تتخيل إحساس الراحة وأنت تشعر إنك أخيرًا قد وجدت من عانى مثلك ونجح في المرور من تلك التجربة وكيف نحج وما هي التقنيات التي استخدمها. وقد تكون أنت مجموعة وأحسن طريقة تجمع بها الآباء الذين يعانون من طفل صعب هي بتوزيع إعلانات وأسئلة معينة على كل الحضانات والمدارس الابتدائية في مدينتك، اسأل عن مشاكل في التربية، في النوم، مشاكل مع نوبات الغضب، النشاط الزائد، واطلب من الأهل الاتصال بك إما عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني.
وعندما يقوم أحد بالاتصال بك أخبره عن الغرض من المجموعة وهو مشاركة الألم والخبرة في تربية طفل صعب وأيضًا توفير نصائح وطرق جديدة وإجابات عن طريق تفاهم مشترك لأطفالكم. وأكثر ما يقوله الآباء في تلك المجموعات "إن أبشع المشاعر التي اختبرتها مع طفلي الصعب كان إحساس العزلة، إنني فقط من أعاني هذا الألم".
المساندة والتفهم التي يجدها في مجموعة المساندة هي الهدف الرئيسي منها.
وعندما تكبر مجموعتك تستطيع أن تقوم بخدمة للمجتمع وتدعو أساتذة، مدرسين، ومتخصصين لبعض اجتماعاتكم ويكون تبادل الخبرات دائمًا مطلوبًا ويجب أن يكون هذا بطريقة دبلوماسية.
إن ما تعلمته من هذا البرنامج هو "التربية الفعالة" وكيف تكيف نفسك وطفلك والعائلة، ولكن مفاهيم ذلك البرنامج يمكن أن تتوسع فيها، تبدل، تغير بأي طريقة تلاءم احتياجاتك ويمكنك عندها الوصول لأبعد مدى مع طفلك وعائلتك.
نصائح لإدارة مجموعة مساندة
1. حتى تكسر الحاجز في أول جلسة ابدأ بتعريف نفسك، تكلم عن طفلك، عائلتك، مشاعرك، ثم اطلب من الأهالي تعريف أنفسهم وأن يتكلموا عن الموقف الخاص وآمالهم من تلك المجموعة.
2. انصح الآباء الآخرين بدراسة برنامج الطفل العنيد، الصعب حتى يتكون لدى المجموعة تفاهم مشترك.
3. لابد من وجود وقت في بداية كل جلسة يستطيع فيها الآباء والأمهات الكلام عن مشاكلهم الحالية، حيث أن تلك المشاعر قد تمنعهم من الاستفادة من موضوع الجلسة إن لم يتم التنفيس عنها.
4. حافظ على الجو هادئًا، تستطيع تقديم الشاي أو القهوة في البداية، ولا تشعر إنك يجب أن تحافظ على قواعد صارمة فمهما كان ما سيقوله أي أب ستجد صداه عند الآباء الآخرين.
5. كقائد للمجموعة شارك بمشاعرك عن طفلك قبل أن تتوقع أن يفعل الآخرون ذلك.
6. حاول دائمًا أن تكون المشاركة للأزواج وإن كانت هذه ليست قاعدة ولكن الأمهات غالبًا ما يشعرن أن الآباء قد تركوا لهم تلك المسئولية وإنهم لا يقدرون صعوبة المشكلة، وقد يفيد أيضًا أن تحضر جليسة الأطفال إن وجدت.
7. أعطِ رقم هاتف خاص لجميع أعضاء المجموعة وشجعهم على تبادل المكالمات.
8. حاول أن يكون اللقاء أسبوعيًا لشهر أو شهرين ثم دع القرار للمجموعة بشأن نظام اللقاء.
ويتبع >>>>>>: الطفـل العنيـد (11)
واقرأ أيضاً:
كيف نربي طفلاً منظمًا؟ (2) / الطفل العصبي / كيف تصنعين طفلاً يحمل هم دينه؟