في هذه اللحظة أجلس وأكتب...، وهناك من يفعل مثلي، وفي هذه اللحظة ذاتها هناك من يقرأ...، في هذه اللحظة –وأنا أكتب- أستمع إلى أنشودة حانية في مديح سيد الخلق صلى الله عليه وسلم...، وفي هذه اللحظة هناك من يستمع إلى أغانٍ فيها معاني الكفر والجحود –والعياذ بالله-...
في هذه اللحظة ذاتها هناك بقاع من الأرض يبزغ عليها الفجر بضيائه، وهناك بقاع يقدم عليها الليل بسواده...
في هذه اللحظة هناك من يُولَد ويستقبل الحياة، وهناك من تخرج روحه مودعة الحياة...
في هذه اللحظة هناك من يموت جوعًا، وهناك من يعالج من تخمة أصابته...
في هذه اللحظة بلد يعيش شتاءً قارسًا، وبلد يُشوى بلهيب الشمس...
في هذه اللحظة هناك من يستغفر الله تعالى، وهناك من يرتكب أكبر الموبقات...
في هذه اللحظة هناك من لا يستطيع عدّ أمواله لكثرتها، وهناك من خوت جيبه عما يعدّه...
في هذه اللحظة هناك من يحتفل بعرسه، وهناك من يطلق امرأته!...
في هذه اللحظة هناك من جاء ربه محرمًا بحج أو عمرة تاركًا الشهوات من أجله، وهناك من ينغمس في مستنقع شهواته الآسنة...
في هذه اللحظة هناك من يقبل قدميّ والديه ويغسلهما بيده فيدعوان له، وهناك من يضربهما ويشتمهما فيدعوان عليه...
في هذه اللحظة هناك من يسعف مريضًا أشرف على الموت، وهناك من يقتل الأصحاء...
في هذه اللحظة هناك من يذوق مرارة الندم، وهناك من ينتشي بفرحة الرضا...
في هذه اللحظة هناك من يكرم عينيه بالنظر إلى الكعبة المشرفة، وهناك من يهينهما بالنظر إلى المحرمات...
في هذه اللحظة هناك من يشعر أن الله تعالى يراقبه، وهناك من غفل عن هذا بل عن نفسه!...
في هذه اللحظة هناك من يخطط للعمار، وهناك من يخطط للخراب...
في هذه اللحظة هناك من يسمو ويرتقي، وهناك من يهبط وينزل...
متناقضات شتى تقع في لحظة واحدة...، وفي هذه اللحظة –وفي كل لحظة- هناك من يرى كل هذه المتناقضات، ويعلم الخفايا والنوايا...
في هذه اللحظة أسألك: ماذا تفعل أنت في لحظاتك؟
واقرأ أيضاً:
العبادة في الهرج / عندما عتب العيد / الكفالة الربانية للشام..
التعليق: شكرا أ. رفيف، كثيرا ما كان هذا الأمر يلفت انتباهي، وأسير بين الناس أنظر للوجوه وأقول "سبحان الله" لكل من هؤلاء قصة حياة ماض وحاضر ومستقبل، وحاجات وشكاوى وتطلعات، والله تعالى يدبر ويدير للجميع قصة حياته في نفس اللحظة ونفس الوقت فسبحان من لا يشغله سمع عن سمع وهو رب العالمين