دأب اليهود على إلصاق الصفات السيئة بأعدائهم، ويجتهد خبراء مختصون في توظيف الألفاظ المنتقاة للتعبير عن الحالة، وعلى سبيل المثال: أطلق اليهود لفظة "المخربين" على الفدائيين الفلسطينيين الذي اختاروا الكفاح المسلح طريقاً لمحاربة الكيان الصهيوني قبل إتفاقية (أوسلو)، حتى صارت لفظة "مخربين" هي الأكثر شيوعاً في الإعلام الغربي! ثم أطلق اليهود بعد ذلك لفظة "الإرهابيين" على المقاومين الفلسطينيين ولا سيما بعد أحداث أيلول 2001، حتى صارت المقاومة للغاصبين "إرهاباً" و"عنفاً"، وصار "العنف" منبوذاً حتى من بعض الفلسطينيين..!!
لقد أطلق اليهود مصطلح "النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي" بدل من مصطلح "الصراع العربي ـ الإسرائيلي"، حتى صار بعض الفلسطينيين والعرب يستخدم مصطلح "النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني" رغم وضوح سوءته، ونسـوا تماماً أن الذي يجري على الأرض صراع بين العرب جميعهم والإسـرائيليين..!!
كثيرة هي المصطلحات الخبيثة التي نشرها اليهود في أوساط السياسيين والإعلاميين على مستوى العالم، والتقطها أنصاف المثقفين العرب، وراحوا يُرددونها بلا تفكير، ومن هذه المصطلحات الحديثة: "الأيدي الملطخة بالدم اليهودي" كناية عن المقاومين الفلسطينيين الذين اشتبكوا مع الجنود الإسرائيليين، وبعثروا دمهم على الطرقات! وقد دأب اليهود على الترديد في كل مناسبة: إنهم لن يُطلقوا سراح هؤلاء الرجال، وهدفهم من ذلك إرسال رسالة قاسية إلى الأجيال الفلسطينية والعربية، رسالة تقول: إن اليهودي لا ينسـى، ولا يغفر، ويا ويل كل عربي ترتفع يده بالإسـاءة ليهودي، ويا هلاك كل عربي يفتح فمـه بكلمـة نبذ لليهود..!!
لقد جاءت صفقة وفاء الأحرار بمثابة صفعة على وجه الكيان الصهيوني، ولا سيما أنها فرضت على الإسرائيليين أن يُفرجوا، عنوة، عن المئات من أولئك الرجال "المطهمة أيديهم بالدم اليهودي"، وهذا ما أربك السياسيين الذين انهزمت أيدلوجيتهم، فراحوا يُحرضون على سن قانون في الكنيست الإسرائيلي لا يُجيز تمرير صفقة تبادل أسرى إلا بعد موافقة 80 عضو كنيست، مع التأكيد على أن يجري تبادل مقاوم فلسطيني واحد لكل جندي إسرائيلي، شرط ألا يُطلق سراح من أُطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى سابقة!
أصحاب نظرية التشدد من الإسرائيليين يهدفون إلى تكبيل يد المقاوم الفلسطيني، وعدم تشجيعه على أسر جنودهم، ومن ثم عدم التشدد في المطالب، هكذا يظنون، متناسين أن خمس سنوات من أسر الجندي "جلعاد شاليط" لم تفتْ من عضد آسريه، وأن كل القوانين الإسرائيلية لن تحول دون إصرار المقاوم الفلسطيني على أسر مزيد من الجنود الإسرائيليين، ومن ثم فرض إرادته على عدوه، لذلك فإنني أُقدر أن الأسير الإسرائيلي القادم لن يمكث في الأسر الفلسطيني خمس سنوات، وإنما خمسة أشهر فقط، وستضطر دولة الغاضبين إلى تنفيذ الصفقة دون إبطاء، ولا سيما أن الذي يجري على الأرض هو أسر جنود، وليس اختطاف، كما يحرص الإعلام الإسرائيلي على الترويج، لأن المقاوم الفلسطيني ليس غراباً كي يخطف، إنه مقاوم، يُقاتل، ويأسر عدوه في معركة عسكرية تميل كفة التسليح فيها لأعدائه، ومع ذلك يأسرهم.
واقرأ أيضاً:
التعاليم اليهودية أيديولوجيا على صفحات الجرائد/ سَمّني ما شئت!/ رأس مصر العربي/ ما أقوى حلفاء إسرائيل!