نظرة تحليلية
توالت الأحداث على نفسي ودارت الأفكار في ذهني ولم أجد ما يعبر عما أريد طرحه سوى هذا السؤال، الذي أردت أن يكون على مرئَ ومسمع من الجميع، وحدثتُني نفسي لوهلة "إمتى هلاقي نفسي"، ولست فقط من يدور في ذهنه هذا السؤال ولكن كل آدمي خلق من طين يأتي عليه يومُ ويراوده هذا السؤال بل ويظل يعمل طوال حياته جاهداً ليجد المخرج من سؤاله اللدود.
وأردت أن أهون على نفسي وأشارك غيري ممن يلاعبه نفس الشيء عسى عندما نتحدث ونتشارك أن نجد الحل والمخرج؛ قد أكون متفلسفاً في بعض عباراتي وطريقة تفكيري وهذا جائزٌ ما دامت الحياة قائمة وباقية وتعبر عنها الفلسفة. ولكن متى يجد هذا السؤال الطريق مفتوحاً ليفرض نفسه بقوة على حياة الشخص؟
إذا أردت أن تُبرهن على وجود هذا الخصم اللدود "فاجلس بمفردك" وابحث في دفاترك وتذكر ما مضى وما سيكون عليه حالك غداً؛ كل فرد في حياته الكثير من الأحداث والمواقف وأيضا الظروف التي ربما لا تجد ناظرتها عند فرد آخر والأهم من ذلك أن الكثير منها هو ما يجعل الإنسان يُطرح عليه هذا السؤال فيشعر "بالحيرة والقلق" عندما يجد نفسه أمام حائط "صد" لا يمده إلا بصدى صوته فقط ويحرمه من أن يجد إجابة تريحه وتحقق له الاستقرار.
ونتساءل هل قد يمثل هذا السؤال إعاقة في أن يساير الفرد الحياة؟
هذا يتعلق بطبيعة الشخص نفسه "فقد خلق الله عباده منهم من تغلبه نفسه ومنهم من يتغلب عليها وآخرين تارة مغلبون وتارة أخرى هم العاليين" عملاً بأن "الدنيا غالب ومغلوب" وعندما يتحول هذا السؤال إلى خصم محارب تظهر توابعه المُعيقة فنجد علامات من ضعف الثقة بالنفس وتجنب الآخرين وعدم مسايرة الواقع والأسوأ من هذا وذاك أن الإنسان لا يجد هدفاً أو سبباً لا تُستمر حياته أو على الأقل يشعر بلذتها.
وهذا ليس معناه أن الخصم دائماً على طول الخط يسبب الحيرة والقلق ولكنه أحياناً يجبر الفرد على أن يكون مستعداً لخوض معركة لإثبات وجوده كفرد يستحق أن يعيش، ولتحقيق ذلك الهدف يظل يناور ويحاور ليجد مخرجاً ويسد الطريق على هذا الخصم فيجيب على نفسه وعلى خصمه "أنه قادر وعارف وذا مكانةً" سواء في داخل نفسه أو لمن حوله متذكراً ما قاله "ويليام شكسبير" "أنه لا يوجد هنالك شيء ما جيد أو سيئ ولكن التفكير يجعله يبدو أحدهما". ونصل إلى نقطة هامة للغاية وهي "من سمح وأتاح الفرصة لهذا الخصم أن يجد لنفسه مكاناً على مسرح حياة الشخص؟"
لو تأملنا في الكلام الذي سبق وذكرناه نجد أن الإنسان هو صانع السعادة والتعاسة سواء لنفسه أو لمن حوله ولذلك فمن باب أولى أن يكون طرح هذا السؤال من داخل نفسه، ليس دائما يحب الإنسان أن يبحث عن حيرته ولكن هذا هو تكليف من خلق الإنسان للإنسان فخلقه ذا عقل يفكر ويحلل ويستنبط ليجد هل للحياة قيمة وذا معنى أم أنها جرداء من زهور الأهداف والآمال طبقاً لدوره في الحياة.
ونهايةً هل أحداً منا قد وجد إجابة تضعف قوة وتُسد فم هذا الخصم؟
بما أن لكل منا وجهة نظره وقد نختلف أو نتفق ولكن لي الحق في أن أعبر عن وجهة نظري المتواضعة وكيف أجيب عن "متى أصبح أنا"؟
والذي ساعدني في ذلك هو معايشتي لموقف وقفت في بادئ الأمر عاجزاً عن حله ولكن ثقتي بنفسي وحبي وتفاؤلي للحياة وهدفي في أن أصبح "أنا" وقد ألهمني عقلي أنني أحيا حياة وفي وسط مجتمع لا يعترف إلا بمن هو ذا قوةً وصلابة وكان الدرس الأعظم أن الحماقة في تصور بعض الأشياء كانت بداية لحياة ذات معنى،وقد سبقنا في قول ذلك "تشرشل" عندما قال: إن الدرس الأعظم في الحياةـــــــ أن تعرف بأن الحمقى يكونون على الصواب أحياناً.
وبهذا هل أرست سفينتك على بر الهداية والأمان والفوز بالأنا؟
واقرأ أيضاً:
تمرد الصغار/ الكل في التحرير