أيا بحر تسكن بأمواجك شطآن، هل يمكن أن نُسلِّمك قلوبنا فتغسلها من همومها وتنقيها من أثقال أنهكت في بعض الأحيان القوى، هل يمكن أن تمنح بأمواجك صفاء يمتد للقلوب، أن تمنح من حولنا صدق المشاعر فيهون علينا الطريق.
ولماذا يا بحر تكون رقيقاً كالنسيم، تداعب في رفق أطراف السماء، وتجعلنا نشتاق نرجو لو تستقي النفوس منك ما غاب عن بني الإنسان، ثم تهتز فجأة وتهتاج أمواجك لا نعرف هل لأنك تتألم أيضا مثلنا أم أنك غاضب من عالم سادته مادية غاشمة لا تتآلف مع فطرة القلوب، قلوب تعكرها الآن الدنايا وقسوة ورغبات الأنا فتأخذ منا حتى المشاعر ليس لأن النقاء منشأها ولكن لأن إسعاد الذات هو كل ما تريد.
وما أقسى يا بحر أن يأخذ منك إنسان مشاعر الفطرة تحت عباءة حب الذات، فصدق المشاعر يا بحر – تمتد على أحلامه شطآن – لا يكون إلا بأن يكون العطاء دون أنانية إسعاد الذات المطلقة.
آه يا بحر لو تغسل قلوبنا مما طالها من مادية دنيانا.
آه لو تأخذنا بأمواجك إلى عالم صرنا نتألم من عدم وجودنا به وربما لسنا أيضا أهلا له.
آه يا بحر قد لامست أناملي صدفاتك كما لامست همساتك أوتار نفوس.
آه يا بحر، كنت أود لو يطول بيننا حديث، فيبدو أن بك أشياء أحتاج إليها كحاجة ما تحوي من أحياء إليك
كنت أود لو تلامس نفسي بأمواجك كما تلامس أمواجك أطراف السماء.
واقرأ أيضاً:
آخر العالم / مناجاة عم سمير / نفوس نقية