ليس حديثاً يُفترى أو ادعاءات تُقال هنا وهناك من أجل نيل تعاطف الآخرين... وليست شكاوينا من هذا الوضع القاتم المخيّم على فلسطينيي الداخل حُججاً واهيةً أو أعذاراً تُقدم عند الحديث عن اللحاق بالموكب النضالي المقاوم أو المسيرة الثقافية الحضارية أو التواصل مع العالمين العربي والإسلامي في همومه وقضاياه، ومن بعيد قد يحلو للبعض أن سلقنا بألسنٍ حِداد وأن يرمينا بكل التُهم وحتى أن يتهمنا بالتقصير والتفريط والتضييع وأن يرمينا بألف لون وشكل ووصف وسيل جارف من السب والشتم والتُهم التي تحلو له... ولكم سأل سائل من العرب في وطننا العربي الكبير هل في (إسرائيل) عرب!!؟؟ ألستم يهوداً!!؟؟ أنتم صهاينة!!؟؟
وعلى هذا الحال ومن هذه الأسـئلـة وابلٌ من التُهم والسُـباب وكأن قدر الفلسـطيني الذي احتُلت بلاده وهُدم بيتـه واغتُصبت أرضـه، حتى بات مشـرداً في بقاع الأرض وأسـقاع الدنيا... فلا إخوانـه من العرب أنصفوه ومثال ذلك ما يُعاني الفلسـطيني في الدول العربيـة من اللا حقوق ومن عيـش المخيمات وما أدراك ما عيـش المخيمات، كتلك الصورة التي يعيشـها الفلسـطيني في الداخل من اضطهاد الإسـرائيليين لـه وسـياسـات الحكومات الإسـرائيليـة المتعاقبـة التي تجتمع في إطار واحد مهما اختلفت الأسـماء والجهات والصفات إلا أن سـماتها وجوهرها واحد من العنصريـة والترحيل والتهجير والكيد المعلن حيناً والمبيت أحياناً لأن هذا الفلسـطيني اقترف ذنباً عظيماً في بقائـه على تراب الآباء والأجداد، ملكهم وحقهم قبل أن يُكتب التاريخ.
ش
تسـوّق (إسـرائيل) نفسـها في العالم على أنها "واحـة الديموقراطيـة" الوحيدة في الشـرق الأوسـط، وأن المواطنين فيها ينعمون بوافر الحريـة وبضمنهم الأقليات العرقيـة والدينيـة، رغم أن الحال يُكذب هذا الإدعاء...!!! ولما كانت (إسـرائيل) ذات خبرة وباع طويل في مجال الإعلام فقد اسـتطاعت إقناع الكثيرين في العالم بهذه الأفكار المضللـة وبضمنهم قسـم من العرب...!!! حتى بات الإعلام الإسـرائيلي مصدراً لكثير من المواقع الإلكترونيـة والصُحف ووسـائل الإعلام العربيـة الأخرى لتسـويق الفكر الإسـرائيلي وروايتـه في سـرد الأحداث، وتُغطي وتُبرر ارتكاب (إسـرائيل) للجرائم والمجازر والطرد والتطهير العرقي؛ حتى رأينا جوقـة من الطابور الخامـس وأصحاب الأقلام المكسـرة والأوراق الصفراء والذمم الرخيصـة قد انتشـروا من الخليج إلى المحيط يكتبون أخباراً ومقالات وروايات وينشـرون دراسـات واسـتطلاعات للرأي تدعم الإسـرائيلي وتُحارب وتُقاوم الأحرار والمناضلين عن شـرف الأمـة والمقاومين الذين يذودون عن حياضها ويحمون حرماتها...!!!
ولكم افتعل هذا الإعلام المتصهين أحداثاً وأخباراً ومواقفاً ضد الأحرار من أجل تحويل الأنظار عن جرائم (إسرائيل) وتصويب سهام اللوم والحرب والفُرقة والعداء نحو صدور الأهل والإخوة من الأحرار الشرفاء المقاومين...
وتظهر مثل هذه الأفعال وهذه الصنائع الخسيسة كلما مرت على الحكومات الإسرائيلية نكسات أو فشل أو مُنيت بهزيمة عسكرية أو إعلامية أو علا صوت الأحرار فوق صوت العملاء والمتعاونين والمُطبعين وما يُسمى باعتدال من أجل تضليل المواطن عن قضاياه ومحاولة منعه الالتفاف والركوب في موكب الأحرار وهم يبذلون الغالي والرخيص لاستعادة الأرض والحق المسلوب، عندئذٍ يستنفر هؤلاء الرعاع من أجل أن يقلبوا ويُدلسوا ويُزيفوا الحقائق والوقائع في شكل نقد ذاتي ومراجعة لأخطاء الأمة واستدراك الفرص وما شابه من مسوغات التعطيل والعمالة والخيانة والتآمر على الأمة ومصالحها.
إن الطابور الخامـس من الإعلام الصهيوني المنتشـر في العالم، وخصوصاً في عالمنا العربي والإسـلامي، ليمتلك كماً هائلاً من المواقع الالكترونيـة والصحف والمجلات وقنوات التلفزة والفضائيات ومراكز دراسـات وأبحاث كلها رصدت من أجل بث الوهن والضعف والفرقـة وإشـاعـة البغضاء والفتن من خلال التركيز على القضايا الخلافيـة وإحياء النعرات الإقليميـة والدينيـة والعرقيـة والخوض في قضايا تاريخيـة وجغرافيـة من أجل إشـغال الأمـة والشـعوب العربيـة والإسـلامية في حروبات إعلاميـة ومعارك كلاميـة ونقاشـات تنتهي بخلافات وعداوات وتناحر وفرقـة وعذاب مما يجر على الأمـة الوهن والضعف، الأمر الذي يصب في صالح أعداء الأمـة ويزيدها قوة ومنعـة.
ولكم قدمت فضائيات الإعلام الصهيوني العربي من برامج فارغـة وكماً هائلاً من المسـلسـلات والأفلام والبرامج الترفيهيـة في نفـس التوقيت لارتكاب (إسـرائيل) المجازر والجرائم بحق أبناء الأمـة وشـعوبها، إضافـة لتعامي هذه الفضائيات عن نقل هذه الأنباء والأخبار وإن نقلتها نقلتها مشـوّهـة مزيفـة كما أراد مشـغلوهم وداعموهم أن يقولوا..!! إن خطر الإعلام الصهيوني العربي على الأمـة وقضاياها أخطر بكثير من الإعلام الصهيوني اليهودي، لأن هؤلاء يتكلمون لغتنا ويتحركون بيننا وهم من أبناء جلدتنا يعرفون مواطن القوة والضعف عند جماهير شـعوبنا وأمتنا، وعليـه فهم يعرفون كيف يخدعونها ويُضللونها من خلال خطابهم وتواصلهم مع الشـعوب وبث السـم الزعاف في النفوس والعقول وإشـاعـة الخلاف والاقتتال الداخلي...!!!
أدعوكم يا أبناء أمتنا أن تحذروا هؤلاء ووسائل إعلامهم، وأدعوكم للوحدة واليقظة لأنها مصدر قوة وعزة ومنعة وسهام صائبات توجه لنحر الأعداء فتشيع في نفوسهم الرهبة والوهن، ألم يرتكز الاستعمار على المقولة "فرق تسد"؟؟
ونحن نقول بصوت واحد بقوة وعنفوان: "عائدون يا ثرى الأنبياء".
واقرأ أيضاً:
الإعلام والحرب على غزة / إمبراطوريات الشر الإعلامية / هل يلعب الإعلام الحديث دوراً تضليلياً؟ / أذرع الإخطبوط الصهيوني في وسـائل الإعلام