برز في الآونة الأخيرة اسم شبه جزيرة سيناء في المشهد السياسي الإسرائيلي بشكل كبير واخذ صورة الهاجس الأمني الذي جعل الكيان يبلور خطة أمنية كبيرة حدودها تمثلت بتحصينات أمنية، وزيادة قوات، بناء سور حدودي عازل ونشر لبطاريات صواريخ مضادة ، متزامنا كل ذلك مع تفعيل جهد استخباري كبير في الجزيرة.
حديث الساسة في الكيان اعتبر سيناء محور التفجير المتوقع مع مصر الجديدة وهاجسها من مفاجأة تقلب الأمور رأساً على عقب.
الشهور الثلاث الماضية كانت سيناء حاضرة بقوة في الصحف الإسرائيلية وتحقيقاتها والتي تناولت الجزيرة من خلال حديث عن تواجد لتنظيمات جهادية مسلحة، وتركيز على العلاقة مع غزة من خلال تهريب الأسلحة وبناء قاعدة خلفية للتصنيع والتخزين لحركات المقاومة الفلسطينية.
هذا الحديث ترافق مع موجة عمليات إطلاق نار على الحدود مع الكيان وتفجير خط النفط الواصل مع إسرائيل، وغيرها من أحداث أمنية متفرقة فيها خطف لسياح وتبادل إطلاق نار مع الشرطة المصرية، ومافيا تهريب لكافة الممنوعات إلى الكيان بما فيها البشر.
في مؤشر بسيط للوضع الأمني في سيناء يكفى الرجوع إلى تقارير الأمن الصهيوني قبل عامين إلى حجم التشكيلات الإجرامية التي وصل جهدها في تهريب البشر والمخدرات إلى ألف عملية شهريا.
هذا الواقع لم يكن وليد ما بعد الثورة المصرية، بل هو حالة قائمة منذ عشرات السنوات والتي يكفى التذكير هنا بحجم المحاكمات المصرية لمجموعات مسلحة تم القبض عليها سواء كان التشكيل داخلي الهوى أو خارجي الاتصال.
في الفهم لواقع شبه الجزيرة المصرية لابد من معرفة اتفاق كامب ديفد الذي سمح لإسرائيل بسيطرة غير مباشرة عليها من خلال تحديد شكل السيادة المصرية التي ظلت منقوصة بسبب محددات الاتفاق.
حيث ورد في تفاصيله شكل وتعداد القوات المصرية، طبيعة التسليح، مكان الانتشار، حتى أن النشاط الزائد من الدولة المصرية يحتاج تفسيرا للكيان وتبريرا موضوعيا للولايات المتحدة تقتنع بأن لا تغير على حيثيات الاتفاق.
هذا الشكل ظل سائدا حتى سيطرة حركة حماس على القطاع والذي ترافق مع حصار خانق غير مسبوق أعطى الأمن المصري صلاحية تطبيق هذا الحصار ومكن مصر وعسكرها من زيادة عددية وإدخال لوسائل و تقنيات خارج المألوف.
حديثنا هذا في خلاصته حول سيناء ووضعها القائم يمكن تلخيصه من خلال النقاط الآتية:
1. حالة الانهيار الأمني في سيناء هي قائمة منذ اتفاق كامب ديفد الذي افقد مصر السيطرة عليها.
2. جزيرة سيناء تعتبر من أكثر المناطق المصرية تهميشاً ، إذ تعاني المنطقة من إغفال الحكومة المصرية منذ زمن طويل مما جعل السكان يعيشون حالة نقمه على المركز والحكومة.
3. التشكيلات المسلحة بكافة أنواعها قائمة منذ زمن بعيد مرتبطة بالطبيعة الحدودية والموقع الجغرافي الذي ساهم في تنشيط أشكال التدخل الخارجي.
4. العبث الصهيوني غير المحدود في منطقة سيناء من خلال تواجد شبكات تجسس تعمل على الأرض تقوم بوظيفة الاختراق والمتابعة لكل نشاط في المنطقة وصولا للتجسس على قلب مصر.
5. إسرائيل ظلت تعتبر شبه الجزيرة عمقا إستراتيجيا يفصل بينها وبين اكبر الدول العربية، تحرص بذلك على عدم تمكين احد من السيطرة عليها.
هذا الحديث يضاف إليه أطماع إسرائيل في ثروات سيناء، ونشاط لأجهزة عالمية ظلت تعتبر شرم الشيخ قاعدة وجودها ومكان تأثيرها في المنطقة.
الواقع هذا أردناه في سياق حديث أراد غزة في مشهد الانهيار الأمني الحاصل في سيناء، والمجزرة التي قامت بها جماعة متهمة وآثمة استهدفت الجيش المصري.
في الأوراق الإسرائيلية وما تساوق معها من صحف صفراء اتهام لغزة بوقوف وراء تدهور أوضاع سيناء ومسؤوليتها عن الدماء المصرية التي نزفت.
هذا الحديث والذي نحذر منه يأتي في سياق محبوك يستهدف العلاقة الفلسطينية المصرية في ظروف صعبة، فمصر في تاريخ مبارك تكفلت إهانة ذاتها وفلسطين وحصارها واليوم يؤمل تغير الحال، فعلى مصر الجديدة مسؤولية مهمة في تصحيح مسارها الذي افقدها أمنها القومي، وجعلها مرتعا لكل عابث.
غزة فلسطين هي بوابة الأمن القومي لمصر، وإسرائيل هي العابثة، بقدر ما تحمل مصر ملف المنطقة، وتبتعد عن الفلك الغربي والصهيوني يتحقق لها أمنها، اليوم مصر تعيش فرصة تاريخية في قدرتها على تغيير قواعد اللعب مع إسرائيل لذلك على القيادة المصرية والجيش المصري مسؤولية تغيير نمط سيادته على سيناء وأراضيه الحدودية مع الكيان ، والاهم هو النظرة المتكاملة للمسؤوليات الملقاة على مصر في بعدها القومي والوطني والعروبي، وفى ختام القول ستكشف لكم الأيام أن عبث سيناء يقف خلفه مخطط صهيوني يريد تفجير أزمات كي تشتعل أزمة بين مصر وفلسطين بنسختها الغزية.
واقرأ أيضًا:
الجنود العرب في جيش إسرائيل / ارفع رأسك ... أنت في غزة / رأس مصر العربي / ما أقوى حلفاء إسرائيل! / لماذا يدفع العربي الأموال لإسرائيل؟ / غزة تعرف قاتل ياسر عرفات! / ما أجمل أن نكون هناك