لا أحد يثق في قانون البلد، حتى الذين شرعوه وساهموا في الحكم به.
وزير متقاعد يصر على وضع كلمة وزير سابق في مهنة بطاقته الوطنية (قبل أن تزول صفة المهنة)...
يهم وزير سابق بمنح الشرطي إتاوة المرور، بعد أن اجتاز الضوء الأحمر...
عندما لا يثق الناس في خدمة الإدارة، يهرولون للاعتماد على العلاقات مع الناس النافدين، ينخرطون في التكتلات لحماية مصالحهم -ما يجري في الأحزاب، في بعض النقابات، في الجمعيات والنوادي والهيئات-.....
عندما يتغير المسئولون في مدينة ما، أول ما يصاب بالإسهال بعض الموظفين الذين كانت علاقاتهم مبنية على استرضاء المدير ومدى لطافته وعلاقاته مع معارف الموظف.
مازالت التوصيات سارية لأجل نهب الوقت العام أو المكافأة دون استحقاق.
المواطنون، الشخصيات، أصحاب المصالح يهرعون للتعرف على المسئول الجديد، معرفة معارفه، الإمساك بخيوط محاصرته، وبعضهم له هواية التعرف على العميد والشرطة والقائد والباشا ومدير الضرائب ومسئول رخص السياقة وغيرهم من رؤساء المصالح حتى الصحة لنداوي الأغنياء بدل الفقراء والتعليم لنُخرج أفواجا من أشباه المتعلمين.
أتحدى مسئولا كبيرا في أية مصلحة كانت أن يخفي صفته ويتقدم ليطلب وثيقة إدارية تمنحها مصالحه، وليكن الأمر في بعض المدن الصغيرة أو القرى الهامشية، ولنر كيف سيكون الحال، أي انهيار عصبي سيصاب به الموظف السامي هذا؟؟
أن يتقدم عميد للشرطة للحصول على شهادة الإقامة أو بطاقة التعريف في طابور طويل مزدحم وموظفين منرفزين؛
أو أن يتقدم القائد متخفيا للتقدم بشكاية ضد جاره الذي استحوذ على أراضيه لدى قائد آخر؛
وماذا عن الباشا لو طلب شهادة احتياج لدى إدارته؛
أو الطبيب الجراح لو أراد إجراء عملية مستعجلة لدى المستشفى؛
أو القاضي، الأستاذ، الجمركي، القابض، الموظف وكل أصحاب المصالح...
نتحداهم جميعا أن ينفوا صفتهم ويحاولوا الحصول على إحدى الوثائق في ظروف خاصة، ماذا سيحصل؟
سيعرفون أن بالبلد خلل ما، خلل تمثل القانون وسواسيته أمام الناس....
مادا حصل للمغاربة؟ وما الحل إذن؟
خلل في الإدارة.... الموظف المختل غير محفز بتاتا ليخدم الآخر مهما كانت صفته، مركزه الاجتماعي، جنسه أو لونه، فقد يرى في الإدارة علاقة مصالح، يضرب الحسابات ماذا سيجني من وراء خدمته، ولهذا يحدث أن ترتفع فاتورة الخدمة الإدارية في أوقات الإضرابات حيث رسوم الولادة بالمقابل والمصادقة على عقود بيع الأراضي والسيارات لها أسعارها كذلك...
هدا يحدث في المغرب طبعا؟ إن اقر المسئول الحكومي بهذا ولم يفعل شيئا فهده مصيبة؛
وان أنكره فالمصيبة أعظم.
والموظف المختل لا يخشى العقاب كذلك، المساطر معقدة أيضا، وقد لا يجد الموظف ذاته في الإدارة، يمضي متثاقلا إلى مكتبه لا ينتظر إلا أن يحصل على مكسب عيني أو علاقة نفوذ... يضرب الحسابات دائما.
الجسم الإداري مريض هذا تحدي لك أيتها الحكومة.
وللحقيقة الصارخة أيضا، أننا للأسف نفتقد الثقة في أنفسنا قبل القانون، فالجميع يبحث عن احترام الآخر، ولكن شرط أن يظهروا من هم:
أنا القاضي...
أنا العميد.....
أنا الوزير...
ولن يستطيع أن يقول أنا المواطن سين..
أجاب صديقي الموظف على الهاتف بشكل عادي،فرد المهاتف على الطرف الآخر: "ألا تعرف من أنا؟؟ أنا مسئول الإدارة المركزية"، فما كان من صديقي إلا أن أجابه بامتعاض: "نعن أعرفك، عندي شاشة كاميرا، عندما يتصل كل مسئول كبير مثلكم، نعرفه ونشم رائحته ونقدم الاحترامات، اذهب إلى الجحيم، أنت وأمثالك، أنتم من أفسدتم البلد"...
واقرأ أيضاً:
ألعاب الفيديو قد تؤدي إلى مشاكل نفسية / الفنانون.. يغنون في الأسواق