أرسلت سورة (34 سنة، مهندسة، مصر، مسلمة) تقول:
أتذكر عندما كنت طفلة صغيرة, كانت هناك قائمة طويلة ذات بنود كثيرة للأشياء "العيب"، ومنها:
اللعب مع الأولاد عيب!
الحديث مع الأولاد عيب!
الصوت العالي عيب!
كنت معتادة أن أسأل عن أي شيء لا أعلمه، إلا أنه كانت هناك أسئلة إجابتها الصمت أو التهرب. فأتذكر عندما كان عمري حوالي 13 عام، وكنا ندرس بعض الآيات القرآنية من سورة البقرة في حصة التربية الإسلامية:
"الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج". فوجدت كلمة جديدة لم أسمعها من قبل، "رفث".
فسألت المعلمة: ما معنى كلمة رفث؟
فتفاجأت بسؤال طالبتها المتفوقة، واحمر وجهها، وكانت إجابتها غير واضحة فقالت لي: "ألا تشاهدين الأفلام العربية بالتليفزيون؟؟"
فقلت لها: بلى أشاهد.
فقالت لي ما تشاهدينه بين البطل والبطلة هو الرفث.
فدار في عقلي حوار أبي القديم الذي أقنعني به منذ كنت أصغر عمرا من ذلك وهو أن هذه المشاهد التي نراها من تقبيل البطل للبطلة هي مشاهد غير حقيقية "قام المخرج بتركيبها"، وأن زوجها يكون حاضرا أثناء التصوير ليتأكد من بعد البطل عنها أثناء التصوير وعدم لمسه لها.
المهم أن الرسالة التي وصلتني وقتها هي أن هذه المشاهد "عيب" ولا تصح، فأسأل نفسي طالما أنها مشاهد ليست حقيقية، وتحتاج هذا الكم من المراقبة والجهد، ومرفوضة في الواقع، فلماذا يقومون بتركيبها وهي منبوذة؟
فلم تقنعني إجابة المعلمة وطبعا لم تفهم معلوماتي المكركبة عن الأفلام، فسألت بابا عندما عدت إلى البيت، وكان أبي هو مرجعنا الديني، ولكنني تفاجأت بأن أبي لم يجب! فقال لي: اسألي ماما، فسألت ماما، فقالت لي اسألي بابا، فقلت لها هو أرسلني لأسألك، فذهبت ماما لبابا، فقال لها أجيبيها، فقالت له لا أعرف هذه المفردات اللغوية، المهم علمت أن تهربهم من إجابتي يعني أنني أسأل سؤالا "عيب"، فشعرت بالتناقض لأنها كلمة بآية قرآنية ولا ينبغي أن أسأل عن معناها.
وأتذكر عندما كنت في الثانوية العامة وأثناء دراسة باب التكاثر في مادة الأحياء، سألت زميلتنا سؤالا كنت أريد معرفة إجابته، ولكن لأنه سؤال "عيب" لم أبادر بطرحه، فسكت واكتفيت بالسماع، وكان السؤال الذي سألته زميلتي:
"كيف يصل الحيوان المنوي للبويضة يا أستاذ؟؟"
فضحك الأستاذ وقال: "أرد أقول لها إيه؟؟"
فقلت في نفسي أكيد لم يجب لأنها تسأل سؤالا "عيب" ولا يحق لنا معرفة الإجابة.
كنت أشعر بالخجل من أسئلة أجدها في نفسي ولا ينبغي السؤال عنها أو معرفة معناها، وكان الحل محاصرتها واستبعادها حتى أتجنب لومي لنفسي أو التفكير في شيء "عيب".
كنت أظن أن الزوجة تحمل أوتوماتيكيا بعد عقد المأذون والفرح.
كانت هناك مجموعة من الاحتياطات التربوية لإعداد بنات مهذبات منها ذم الزواج، والخطوبة، والحب، وحتى الإعجاب بولد، فقد كان أهم شيء هو الدراسة ثم الدراسة ثم الدراسة.
والخلاصة، ولأنني كنت مفرطة في طاعة أهلي وبرهم، توصلت إلى أن الكلام أو السؤال أو حتى الأحلام عن الجنس "عييييييييييب"
واقرأ أيضاً:
الفتاة النموذج / في ذكرى الهجرة: هجرة التكتيف واللطم النفسي / الموت للإحياء