النفوس تتدمر وتتخرب وتصاب بضربات موجعة تترك فيها آثارا أليمة قاسية، تؤثر على أنماط تفاعلاتها مع الظروف المحيطة، وتحدد استجاباتها وفهمها وإدراكها ونظرتها وقدرتها على الوعي والإحاطة بالمتغيرات القائمة في الواقع الذي هي فيه.
وخراب النفوس ودمارها، كأي خراب ودمار يحصل لأية حالة في الوجود، يمكنه أن يتنامى ويتطور، أو ينحسر ويُداوى ويتحقق عمرانه وبناءه. والنفس البشرية يكون عمرانها، بالكلمة والسلوك الحميد، ولا يمكن للنفس أن تعمّر وتبنى بلبنات صالحة من غير الكلمة الطيبة والسلوك الصالح الرشيد.
وللتعبير عن الكلمة الطيبة والسلوك الطيب، لا بد من صناعة النفوس الطيبة. وهذا يتطلب جدا واجتهادا ضد آثار الخراب والدمار النفسي الفاعل في الأعماق البشرية، ذلك أن النفوس المخربة، ستتكلم بلسان بؤر خرابها، وستكتب بمداد جراحها، وتقدم سلوكا متفقا مع ذلك، وفي هذا تعزيز للخراب والدمار النفسي، وتوظيفه لمزيد من التخريب والتدمير. ولكي يتحقق التغيير النفسي، لابد من النفوس المنتصرة على جراحها ومواطن خرابها، الطامحة إلى إعادة بناء الأعماق الجمعية وتحقيق النفوس الإيجابية، المتطلعة إلى صناعة الغد الصالح والأفضل لجميع أبناء المجتمع.
وتقع على عاتق أصحاب الأقلام المسؤولية الأولى في التعامل مع الحالة القائمة، والاقتراب منها بقدرات إيجابية بناءة، وصالحة للانطلاق بمسيرة الحياة، إلى حيث يتحقق التفاعل الإبداعي الحضاري الخلاق. كما أن أي رمز في المجتمع يتحمل مسؤولية صناعة القدوة الحسنة، القادرة على دفع عجلة البناء والتعمير النفسي إلى آفاق التحقق الإنساني الأمثل، والتواصل الأرجح مع مفردات الواقع الفاعل في الحياة. وبتلاحم الأقلام العمرانية والسلوك القدوة، يتأكد الانتصار على إرادة الخراب، ويتجه المجتمع نحو الإعمار النفسي الإيجابي الصالح للصيرورة الأكمل والتفاعل الإنساني المشرق.
ووفقا لذلك فإن الإنسان الحريص على الحاضر والمستقبل، عليه أن يتوخى الحذر في تعامله مع الكلمة، وأن يكون سلوكه مشحونا بقدرات التأثير الإيجابي الأصدق. فهل لنا بالابتعاد عن الكلمة الخبيثة، والمساهمة في نشر روح ومعاني الكلمة الطيبة في أرجاء النفوس المخربة، لكي نعمّرها ونشافيها ونداوي جراحها العميقة الأليمة.
واقرأ أيضاً:
الأزموية / الحُلم الوطني / السلوك والسلوك / الوطن ينتصر