الطائفية والثورة في سورية1
قد يقول قائل دعها تنفجر طائفية، أليست النهاية ستكون لصالح السنة بحكم كثرتهم العددية والدعم المتوقع لهم من الخارج لأنهم سيقفون في وجه النفوذ الإيراني في المنطقة؟
إن كنا نريد تفتيت البلاد كما تحلم إسرائيل فهذا هو الطريق إلى ذلك. فالنظام تعوَّد على الرئاسة والتَّسَيُّد على الناس، وهو إن عجز عن الاستمرار في السيطرة على جميع السوريين فسيكون البديل المفضل عنده البقاء في الحكم ولو على دويلة علوية تكون أقل من ربع سورية الحالية. حب الرئاسة شهوة بشرية ومن لم يستطع أن يشبعها بالترؤس على عشرين مليون فسيرضى بإشباعها بالترؤس عى مليونين. عندها سيصبح النظام مجموعة من الأبطال الذين أنقذوا طائفتهم من الإبادة على أيدي السنة وأقاموا لها دولة مستقلة. إن كل من يتفوه بعبارة أو كلمة تثير الطائفية في سورية إنما هو يعين النظام ويعين إسرائيل وأمريكا على تفتيت سورية ولبنان دون أن يقصد ذلك ودون أن يشعر.
المستفيدون من الطائفة العلوية قلة، أما البقية فيستغل النظام فقرهم وجهلهم ليتخذهم جنوداً له يموت منهم من يموت في سبيل حمايته. الجميع الآن يعرف أن الشبيحة يقاتلون مع النظام مقابل أجر يومي ألف وخمسمئة ليرة باليوم وألفان يوم الجمعة. لو كانت الطائفة غنية مرفهة لما استجاب للنظام كل هذا العدد من الرجال الذين يعرضون أنفسهم للخطر من أجل المال. العلويون بشر مثلنا وليسوا طائفة مهووسة بعقيدة دينية تريد أن تفرضها على الآخرين وتستبسل في سبيل ذلك. إنها الدوافع المعيشية هي التي تحرك الغالبية العظمى منهم، ولو اطمئنوا على مستقبلهم المعيشي من دون النظام لقل حماسهم للدفاع عنه كثيراً.
العلويون طائفة استمدت اسمها من عقيدة دينية خاصة لكنها في هذا العصر آخر ما تفكر فيه هو العقيدة الدينية، وعلينا أن نميز بين العلويين من حيث هم أبناء منطقة واحدة وعشائر معينة ومن حيث هم طائفة دينية ذات معتقدات معينة. وإن أي تحول في الثورة إلى الطائفية لا بد أن يلجأ إلى التحريض على أساس ديني ليضمن إقدام الشباب من الطرفين على الموت، ولا بد من أن يقوم على تكفير الطرف الآخر ثم استباحة دمه لمجرد أنه كافر.
النظام أقنع شبيحته أن الثوار عملاء لدول أجنبية وخونة ولذلك لا إثم في قتلهم أو تعذيبهم. الإنسان دائماً بحاجة إلى أن يجد المبرر الأخلاقي لأفعاله وبخاصة إن كانت قتل الآخرين وتعذيبهم، وليس شبيحة العلويين استثناءً لهذه القاعدة.
وهذا يقودنا إلى الكلام على استباحة دم الكافر التي ستجعل أبناء السنة يقتلون العلويين وغيرهم من أبناء الطوائف السورية الأخرى التى هي كافرة من منظورهم، يقتلونهم بضمير مرتاح وربما يتقربون إلى الله بقتلهم. كل الأديان والملل تسمي من لا يؤمن بها كافراً، لذا يجب أن لا نتحسس من هذه الكلمة. أنا مسلم سني لكني بالنسبة إلى مسيحي أو درزي أو غير ذلك كافر. القضية نسبية وبالتالي كل من أنكر عقائدنا هو كافر بها مثلما نحن كافرون بعقائده. كلنا مؤمن بعقيدة وكافر بغيرها في الوقت ذاته، لكن السؤال هو هل الكفر يبيح لنا قتل الناس لمجرد أنهم كفار بالنسبة لنا؟
سأجيب على هذا السؤال من منظور الإسلام السني لسببين، الأول أنني سني وهذا المجال الذي أظن أنني أفهم فيه، والثاني لأن السنة في سورية هم من يمكن أن يقود البلاد إلى الحرب الطائفية وليس بقية الطوائف. بالطبع النظام أيضاً يريدها طائفية.
الطوائف الأخرى ولأنها أقليات ليس من مصلحتها تفجير الحرب الطائفية في سورية، لكنها ستكون مضطرة إلى ذلك إن هي حوربت من منطلق طائفي، ولا لوم على أحد إن هو دافع عن نفسه. إذن السنة هم المرشحون في سورية لارتكاب أكبر غلطة وهي تحويل الثورة إلى حرب طائفية، لا لأنهم أشرار، إنما لأنهم هم من عانوا من الاستبداد والتهميش والإساءات على مدى أربعين عاماً من حكم آل الأسد، ولأنهم الأكثرية، والكثرة تغري الإنسان باللجوء إلى القوة، لأنه يتوفع أن تكون له الغلبة.
سؤالي هو لشباب السنة في سورية: هل إذا تحولت الثورة إلى حرب طائفية ستجدون مبرراً يبيح لكم قتل العلويين وغيرهم دون الشعور بالذنب والخطيئة؟
ستقولون هم كفار فهم يؤلهون علياً بن أبي طالب، وهذا شرك ورِدَّة، وستخرجون فتوى ابن تيمية رحمه الله فيهم وتسمعونا إياها. ابن تيمية هو شيخ الإسلام وعبقري من عباقرته، لكن ذلك لا يعني أنه لا يخطيء، ولا يعني أن كل ما قاله علينا الأخذ به دون نقاش. الإمام مالك رضي الله عنه ذات مرة قال: كل رجل يؤخذ من كلامه ويُرَدّ إلا صاحب هذا القبر وكان يشير إلى قبر محمد صلى الله عليه وسلم. ستقولون دعنا من ابن تيمية وفتاواه، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى)؟ وسأجيبكم بلى قال ذلك وهذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم لا أشك في ثبوته، لكني أشك في فهم أغلب المسلمين بعد جيل الصحابة له.
الأصل في الإسلام أنه لا إكراه في الدين، فقد قال تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} البقرة256. والإسلام أول دين عالمي قدس حرية الاعتقاد الديني وحرم الإكراه في الدين، وإن كان ذلك لا يعفى الناس من تبعة اختياراتهم عندما يَقْدُمون على الله. قال تعالى مخاطباً محمداً صلى الله عليه وسلم ومخاطباً لنا من بعده: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} يونس99.
لو شاء الله أن يُكْرِهَ كل البشر على الإيمان لآمنوا جميعهم، لكنه يريد منا الإيمان الذي يكون بمحض اختيارنا، حتى أنه جعل في الكون آيات تدل عليه، وأخفى نفسه، فلا نراه ولا نشعر بوجوده بشكل لا نستطيع معه إنكاره والكفر به، لذا استنكر أن يخطر ببال النبي أو غيره أن يكره الناس على الإيمان. هذه آية واضحة الدلالة على حرية الاعتقاد مع تحمل المسؤولية عن هذا الاعتقاد، لكِنْ في القرآن آيات أخرى قد يظن البعض أنها تناقض هذه الآية أو تنسخها، مثل قوله تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} التوبة5. فهذه الآية تدعو لقتال المشركين وقتلهم إلا إن هم آمنوا وتحولوا إلى الإسلام، وهذ الآية مع حديث أمرت أن أقاتل الناس، فهم منهما كثيرون، أن المشرك بالله لا حرمة في قتله طالما أنه مصر على شركه، وما علينا إلا أن نثبت أن العلويين أو غيرهم مشركون لنستبيح دماءهم.
النفس البشرية معصومة مؤمنة كانت أو كافرة، وحرية الاعتقاد حق لجميع البشر لا يجوز الاعتداء عليه ولو من أجل إدخالهم في دين الله الذي فيه نجاتهم من النار. هذا هو الأصل، لكن لضرورة ما كان هنالك استثناء لهذا الأصل. لم يكن بنوا إسرائيل أول أمة موحدة في التاريخ المعروف كما يظن كثيرون، بل كان العرب الذين اتبعوا إبراهيم وإسماعيل أول أمة موحدة لله بشكل جماعي لا مجرد أفراد مؤمنين، وبقي العرب ما شاء الله لهم أن يبقوا موحدين يعبدون الله على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لكن مع القرون أشركوا مع الله آلهة غيره لتكون لهم واسطة تقربهم من الله زلفاً وصاروا بذلك مشركين.
ومحمد بعث فيهم بالدرجة الأولى ليعيدهم إلى التوحيد الإبراهيمي الذي انحرفوا عنه وليجعل منهم أساتذة البشرية في التوحيد ودعاتها إلى الله. لم يكن العرب أمة وثنية كما هو حال القبائل الوثنية في مجاهل أفريقيا أو أستراليا أو غيرهما. صحيح أنهم عبدوا الأصنام مثلهم لكنهم كانوا يعبدون الله الخالق الكبير ويعرفونه جيداً، إنما أشركوا معه غيره، بينما الوثنيون في الثقافات الأخرى يعبدون آلهتهم ولا يعرفون الله.
صحيح أن من يقول: إن لله ولد، هو مشرك، لكن كلمة المشركين في القرآن لا تعنيه أبداً، بل اليهود والمسيحيون اسمهم في القرآن أهل الكتاب وليسوا مشمولين بكلمة المشركين. والمشركون المذكورون في القرآن هم "الذين أشركوا" أي أشركوا بعد توحيد وليسوا الوثنيين الذين لم يعرفوا الله من قبل، لذلك علينا أن نفهم من كلمة المشركين أو الذين أشركوا كلما وردت في القرآن الكريم أنها تعني المشركين العرب الذين كانوا في زمان محمد صلى الله عليه وسلم وبعث فيهم ليصحح لهم عقيدتهم التي انحرفت، ولا تعني مطلق المشركين في الأزمان والأصقاع الأخرى.
كان لا بد لحماية الإسلام ولحفظ الذكر من التحريف أن يكون للإسلام دولة قوية، لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً ورئيس دولة، وكانت الغزوات والفتوحات. سيدنا عيسى عليه السلام جاء بالتوحيد في أمة موحدة، لكن بسبب ضعف أتباعه واضطهادهم، تمكن أعداؤه من تحريف تعاليمه وإدخال ماليس منها فيها، ولو لم تقم للإسلام دولة قوية لما نجا من التحريف ولما بقي القرآن دون أن تتبدل فيه كلمة واحدة إلى يومنا هذا.
من أجل أن تقوم للإسلام دولة تحميه من التحريف كان لا بد من إكراه المشركين العرب الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على دخول الإسلام، وعلى العودة إلى التوحيد الخالص الذي كان عليه أجدادهم قبل أن يشركوا مع الله آلهة أخرى ما أنزل الله بها من سلطان. لقد تم استثناؤهم من مبدأ لا إكراه في الدين لضرورة لا سبيل لتجنبها إلا بتعريض الإسلام للتحريف والضياع، وكان ذلك محاباة لله لهم أن أكْرَهَهُم على الإسلام وقبله منهم رغم أنهم دخلوا فيه رغماً عنهم، إذ الأصل ألا يقبل الله من العمل الصالح إلا ما كان نابعاً من القلب وبحرية كاملة. كان العرب بذلك أمة محظوظة تماماً كما يكون الطفل المريض الذي يجبره أبواه على تناول الدواء النافع رغماً عنه محظوظاً.
قد يجادل البعض ويقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى) رواه البُخاريُّ ومسلِمٌ. ولم يقل أُمِرْتُ أن أقاتل العرب، وبالتالي العبرة بعموم اللفظ، ولفظة الناس تعني البشرية كلها.
صحيح أن لفظة الناس يمكن أن تعني البشرية كلها، ولكنها لا تعني ذلك دائماً، فلو قلتَ تكلم الناس على فلان لأنه فعل كذا وكذا فأنت بالتأكيد لا تعني أن كل البشرية قد تكلمت عليه، وبُعَيْدَ معركة أحد، التي قتل فيها سبعون من المسلمين وجرح الكثيرون، جاء من يقول لهم إن المشركين قد تجمعوا يريدون العودة والانقضاض عليكم ليبيدوكم، فكان جوابهم أن قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ {173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ{174}} آل عمران 173-174.
إن كلمة الناس في هذه الآية بالتأكيد لا تعني البشرية كلها، إنما تعني بعض الذين هم بالنسبة للنبي والصحابة "الناس" أي بعض قومهم العرب، فهم الذين جمعوا لهم يريدون القضاء عليهم.. لذا كان من أساليب الكلام العربي أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله... إلى آخر الحديث، وهو يعني أن الله أمره أن يقاتل قومه العرب الذين أشركوا، وأن يكرههم على الإسلام لضرورة ما، دون أن يكون ذلك نسخاً أو إلغاء لمبدأ لا إكراه في الدين الذي قررته آية قرآنية. نعم لم تكن نفوس مشركي العرب بعد نزول سورة التوبة، معصومة، إلا بدخولهم الإسلام أو خروجهم من أرض العرب، وكان أمر النبي صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب). وهو حديث متفق عليه.
لقد فهم الصحابة أمر النبي صلى الله عليه وسلم وحاربوا مشركي العرب حتى أدخلوهم في الإسلام، ثم حاربوا من ارتد منهم بعد وفاة النبي ومن امتنع عن الزكاة، لكنهم أبداً لم يجبروا أحداً خارج المنطقة التي كانت تسمى جزيرة العرب على الإسلام، ولم يجبروا يهودياً ولا مسيحياً من العرب على الإسلام، بل كان لهم أن يأخذوا ضريبة من القادرين منهم إن أصروا على دينهم اسمها الجزية. ثم عندما فتح المسلمون بلاد المجوس والهندوس وغيرهم من الوثنيين وأشباه الوثنيين طبقوا عليهم حكم اليهود والنصارى، حيث لا إكراه في الدين، واكتفوا بفرض الجزية عليهم، وتركوهم أحراراً في عقائدهم وعباداتهم. أي لم يُبِحْ الصحابة ومن جاء بعدهم لأنفسهم قتل رجل واحد لأنه غير مسلم، إلا إن كان من المشركين العرب الذين كان لهم حكم خاص، ولم يُشْكِل الأمر على الصحابة كما أشكل على بعض الشباب المسلم في زماننا.
إنه باستثناء المشركين العرب زمن النبي صلى الله عليه وسلم كل البشر نفوسهم معصومة لا يجوز الاعتداء عليها مهما كانت عقائدها ومذاهبها، ولا يجوز إكراهها على الإسلام مع أن في اعتناقه خير لها.
وقد يجادل مجادل فيقول: لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بدل دينه فاقتلوه، ألا يعني ذلك استحقاق من يرتد عن الإسلام أو ينحرف بحيث يخرج من الملة القتل؟
في البداية كان الإسلام ديناً ناشئاَ وكان لا بد من حمايته من المشككين الذين تظاهروا بالإسلام ليرتدوا عنه ويوهموا الناس أنهم ارتدوا عنه لأنهم لم يجدوا فيه خيراً، فيكون بذلك تنفير للناس عن الإسلام. قال تعالى عن بعض يهود المدينة زمن النبي: {وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} آل عمران72، الناس يتأثرون ببعضهم بعضاً، وقد بينت العلوم النفسية المعاصرة ذلك، وسبقها النبي صلى الله عليه وسلم، عندما قال إنه لو آمن به من يهود المدينة عشرة، لآمن به كل يهود المدينة. وكلنا يذكر كيف أبطل أبو لهب تأثير الإنذار الذي وجهه النبي صلي الله عليه وسلم لقومه، يوم أن أمره الله أن يصدع بما يؤمر وأن ينذر قومه وعشيرته الأقربين، فقال له أبو لهب أمام الحضور: تباً لك أَلِهذا جمعتنا؟.
ويتبع >>>>>: الطائفية والثورة في سورية3
واقرأ أيضاً:
ما يحدث في سورية إلى أين؟3 / ما لنا غيرك يا الله(3)
التعليق: ألزمت نفسي مؤخرًا أن أنظر فيما ينشر على مجانين، فإن وجدت كلامًا غير سليم شرعًا، علقت أسفل الصفحة بذكر الصحيح دون كثير أخذ ورد...
بدأت في مقالة للكاتب قبل هذه...، لكن هذه أعيتني!! صحيح أننا على أرض الواقع لا أحد يقول بقتل من لم يكن سُنّيًا لمجرد كونه غير سنيّ...، وعلى هذا لا أخالفه النتيجة... لكن طريقة استدلال الكاتب بما ساقه من أدلة، وتفسير الآيات والأحاديث، وإنزالها على الوقائع، وادعاء أنها خاصة بالعرب في عصر النبوة وجميع ما أتى به في ذلك، لا علاقة له بحقائق الشرع لا من قريب ولا من بعيد...
ولو أردت البيان والتفصيل وتفنيد ما قد يكون شبهة للناس في ثنايا كلامه، لاضطررت أن أكتب لكل مقالة كهذه مقالتين على الأقل تردان عليها...، وحينها ستعكف رفيف على مجانين وتمضي جميع الساعات التي تأتي فيها الكهرباء في الرد على فلان وفلان...
على كلٍ، العاقل يبحث عن دينه في منابعه الأصيلة، ولا يأخذه من صفحات الإنترنت دون توثق من مضمونه وتَمَكُّنِ كاتبه....، وأما غير العاقل، فهو الذي اختار لنفسه هذه المرتبة.