"إن الرسول لنور يستضاء به.... مهندٌ من سيوف الله مسلول"
هذا بيت قصيد "بانت سعاد فقلبي اليوم متبول...." التي أنشدها في حضرتك ويديه في يديك، الشاعر المخضرم كعب بن زهير، بعد أن قبلت توبته واعتذاره وقد أُحِل دمه "أنبئت أن رسول الله أوعدني.... والعفو عند رسول الله مأمول".
وألقيتَ عليه بردتك المطهرة، فسُميّت قصيدته بالبردة. بهذا الخُلق السامي النبيل، تملكت القلوب والأرواح والنفوس عبر أجيال البشرية، وعلى مرّ العصور وإلى الأبد.
يا رسول الله
خُلُق القرآن تبدى وإلهي، أحسن التأديبِ أعطى والكَرام، حُسن أخلاق تآسى الناس فيها، بودادٍ وأمان وانسجام. ديننا دين التآخي والتواصي، بجميل وائتلاف وسلام، والتحايا بصفاء ونقاء، وارتقاء نحو خير وارتحام.
وترانا قد تجاهرنا بجورٍ واعتداء، وإذا نحن نعادي كل مجبول بخير وبطُهر ونباهي بانعجام.
يا رسول الله
هذه الأسحار تشدو، يا نبيا، بلسانٍ من بريق الابتسام، والنجوم تتنادى نحو حب، وتبعث ضياءً كالكلام، يتنامى بين أفلاك الوجود همس صدقٍ مستهام، يسأل الخلاق عن معنى ضياءٍ، يطلق الأنوار من صدر الظلام.
وأرى الناس حيارى تتبارى بالخصام.
يا رسول الله
أنزل الله إلينا بكتابٍ، كل شيء من نداءات التمام، فغدا الليل صباحا، وشموس الحق في عز المقام، فكانت الناس جُهالى تتداعى ، فاستفاقت وأبت فعل الذمام. ثم عدنا نحو جهلٍ وانشغالٍ بالرغام.
يا رسول الله
أنجب الكون وليدا، وتباهى، كلّ كون بأصيلات القوام، وأرسل الله رسولا ونبيا لبرايا في متاهات انتقام، فاستكانت وتصافت وتنامت بالوئام.
عربيٌّ، يا إلهي، والنبيُّ عربيٌّ، وأرانا كالضرام!
يا رسول الله
يا أحب الخلق عند الله تبقى، وشفيع الحشد في يوم القيام، وشراع الفكر في بحر الدواجي، وشهيد الخلق في سفر الختام، يا صدوقا وأمينا وعفيفا، قد منحت الجمع أطباع الكِرام، فنهضنا واعتلينا برسالٍ، وارتقينا لمدارات اعتزام، وتبارى الخير فينا واسترحنا من صراع واعتداءٍ وانهزام.
وأرانا قد رجعنا نحو جهلٍ، وللاتٍ والعُزّى، هل لنا فيها اعتصام؟!
يا رسول الله
قد بعثت النور فارتاع دجاها، ومحوت الحيف بالعدل الجمام، وصرعت اليأس في قلب فلاها، وإذا الآمال تربو كلّ عام، فغدت نفس الصحارى في ربيع، أثمرت حبا وأعطت للعوام.
وترانا اليوم نشتاق دجاها، ننهر النور ونسعى للظلام.
يا رسول الله
يا حبيب الله يا صوت المعالي، وفصيح القول، يا فحوى المرام، قد دعوت الناس للخير جميعا، وسقيت الروح من فيض التسامي، ربنا رب لطيف ورحيم، وكتاب الله لا يعلوه قولٌ، وكلام الله يدعو للتآخي، فلماذا نتنادى لانقسام؟
يا رسول الله
يا نهج علانا، أنت للهدى شمس أضاءت، وتجلت في معاني الاستقام، أنت في قلب البرايا دمت فجرا، ونضوت العقل من غمد الحسام، وخطوت مثل كون فوق أرض، عن سراب الخلق تنأى باتسام، كل حيّ صار يسعى نحو خيرٍ، أدرك المخلوق عنوان الغرام، أنت للحسنى منارٌ وإمامٌ، قد جعلت الكون يزهو بالقيام.
ومضينا دون هديٍّ، وترانا لا نبالي من سقام، ضد بعضٍ يا نبيَّ الخير صرنا، بيننا الأفكار طاشت كاسهام!
يا رسول الله
بوليدٍ شعشع النور عميما، سرمديا في أكاليل الفخام، قد وهبت الفكر ذخرا من معاني، وملأت القلب حبا ورجاءً، فربت فيه جِنان وأماني.
صَلّت الأكوان في عز ابتهال، وتناهى الخلق للفجر المُدام، وعليك الله صلى ويصلي، كل مخلوقٍ ينادي للوئام.
عمّت الأنوار والنور تناءى، عن جموعٍ قد تناست واستجارت بالحسام!
يا رسول الله
أشكوك مريرا، قد تغشانا، وأجرعنا علقم الويلات والتداعيات، وأخذنا إلى هاوية، ووجدتنا على شفا حفرةٍ من الجحيم الذي أوقدناه، بضلالاتنا وبهتاننا وإمعاننا بجهلنا، وبُعدنا عن الكتاب المبين، والفرقان الأمين، الذي أودعته فينا أمانة ونبراسَ صيرورة حضارية وإنسانية سامقة، لا يدركها الغياب والانصرام.
فلماذا انكفأنا، وتجاهلنا الكلام؟!
يا رسول الله
يا حبيب الخلق والرب الكريم، يعصف الشوق بقلبي وبروحي، خاب صبري، إنما الصبر غريمي، نورها يبقى عظيما حيث تمضي، قد وهبت الأرض أمجاد النعيم.
كم دُهشتُ، يا رسول الله، من أمٍ أناخت، واستعادت بضديد ومكيدٍ ومَريدِ، وتناست لغة القرآن مهماز الصعود والصمود، والنشود والمقام!
يا رسول الله
يا خير الأنام، ونور السلام، وأريجا من بهاء الكون يعلو، فوق هامات الزمان والعلام.
أنت إمامنا ونبراسنا، وترانا نتداعى للهوان والحطام!
يا رسول الله
قد عَسُرَت وتمادت بوجيعٍ، فهل ستأتي إلى يسرٍ وفرجٍ، ووعيٍّ، واعتصام بحبل الله المتين؟!
واقرأ أيضاً:
صناعة الفرح / هاري بوتر خيال والرسول حقيقة / شهر الرسول 1 مارس 2008 / فــي مــدح الـرســول / قصص أخلاقية من حياة رسول الله / حَبيبُ الله / السلوك الانقراضي