ليس هناك من البشر من لا يحاول الهروب من محيط ما أو ظروف تعصف به أو مجتمع لا يعني به. هذا الهروب أحياناً مرحلة وقتية يمر بها الإنسان ليسترجع مقدرته على مواجهة الحياة والصراع من أجل البقاء لكن الكحول والمخدرات غير ذلك، فهي تبدأ أولاً بعزل الإنسان عن عمله، ثم عن عائلته وفي نهاية الأمر تعزله عن نفسه. هذه النهاية أدركها الطيار المدمن في النهاية وهي أنه لا يعرف من هو حين زاره ابنه الأكبر في السجن لعمل واجبه المدرسي المعنون دراسة إنسان لا تعرفه لم يعرف الابن والده لأن الأخير لم يعرف من هو أصلاً.
يبحث الإنسان دوماً عن مبررات لسلوكه، ويبحث أيضاً عن مبررات لتعامل الآخرين معه بصورة سلبية وعدائية بعد دخول الرجل مرحلة الإدمان تبدأ عملية انفصال الآخرين عنه ورغم سماعه المتكرر بأن إدمانه هو السبب يعود هو ويجيب المرة بعد الأخرى أن أحد أسباب عشقه للكحول سلوك الآخرين معه عملية إنكار وتحوير الحقيقة Denial & Distortion of Reality مستمرة طوال أعوام الإدمان وتنتهي حال مما يقرر الرجل بأن إدمانه هو المبرر الأول والأخير لعزلته وجفاء الآخرين.
عملية إنكار وتحوير الواقع تتمثل أحياناً في ادعاء المدمن أن لديه المقدرة على التوقف عن تعاطي الكحول متى ما شاء وبدون معاناة حدث ذلك فعلاً مع هذا الطيار الماهر الذي استطاع إنقاذ غالبية ركاب طائرة ركاب مدنية عمرها أكثر من 25 عاماً أصاب التعب معدنها لكنه كان تحت تأثير كمية من الكحول وهو يقود الطائرة وهذه جريمة لا تغتفر. هذه المسؤولية لا تقتصر على طيار مدني فحسب ولكن على كل من يقود سيارة أو دراجة بخارية وحتى هوائية وهو تحت تأثير الكحول أو أي مادة كيمائية أو عقار من شأنه التأثير على مقدرة الإنسان في التركيز وحتى ولو كان ذلك بمقدار 1 %.
ولكن من يدمن على الكحول أو على غيره لا يخلوا من صفات حسنة وعاطفة تجاه الآخرين أنقذ آنسة مدمنة على المخدرات من رجال استغلوها المرة بعد الأخرى. نجحت هي في تجاوز إدمانها ولكنه كان مصراً على مقدرته الخارقة على تجاوز إدمانه بين ليلة وضحاها حتى هذه الحسناء قررت أن تفارقه لسبب واحد فقط وهو إدمانه على الكحول حينها أدرك وحدته وقلة حيلته.
حرصت مؤسسته ومحاميه على تبرأته من تهمة قيادة طائرة وهو تحت تأثير الكحول الذي تم قياسه بعد سقوط الطائرة نجح الدفاع في تسفيه الفحص وعدم دقته مثل أمام لجنة تحقيق فدرالية علنية وكان كل شيء قد تم تصفيته لإعلان براءته طلبوا منه فقط الإقرار بأن زجاجات الفودكا الفارغة في مكان طاقم الطائرة استعملتها مضيفة طائرة لقيت حتفها، ولديها تاريخ طبي بالإدمان على الكحول طلبوا منه فقط أن يقول نعم لم يستطيع النطق بأكذوبة أخرى بحق زميلة فارقت الدنيا وأعلن لهم: إن كانت هناك أكثر من زجاجة فودكا فلا أحد يمكن أن يشربها سواي أقر بإدمانه وتم إرساله إلى السجن رغم ذلك اكتشف نفسه وهرب من الإدمان بدلاً من الهروب من الحياة.
Flight
فيلم من إخراج روبرت زيميكس
العرض في بريطانيا: الأول من شباط 2013