عادت نور إلى البيت فوجدت أمها تقول: عندنا فرح هذا الأسبوع.
فقالت نور: فرح من؟
فأجابت الأم: خطوبة ابن خالتك يوم الجمعة القادم في منزل العروس.
وحينها قررت نور ألا تذهب إلى الحفل لعدة أسباب منها: عدم التسبب في أي حرج للعائلة لأنها في عرف المجتمع عانس بامتياز مع مرتبة الشرف، وفي هذه المناسبات يلبس الناس أفضل الثياب وتتسابق النساء في التزين باللباس، والذهب، والماكياج، وفي أثناء تلاقي العائلتين للتهنئة يتم التعارف بينهما بنوع من التباهي في أغلب الأحوال، فهذه فلانة وزوجها فلان وطبعا لابد من ذكر المؤهلات والوظائف لتكتمل المنظرة.
وهذا الجو لا يستهوي نور، فلا هي تحب المنظرة، ولا تحسنها وإنما تميل إلى اللاماديات.
المهم قررت نور ألا تذهب لحفل الخطوبة, وكان قرارا صائبا، فأثناء زيارتها لجدتها قبل الحفل بيوم، سألتها جدتها: هل ستذهبين إلى فرح ابن خالتك؟
فقالت نور لا، فالحفل على نطاق محدود في منزل العروس...
وإذ بالجدة تتنفس الصعداء ويتهلل وجهها فرحا، فمن ناحية لن تشعر بالخجل من نور العانس، التي هي مصدر لإحراج الجدة وباقي العائلة أمام جيرانهم ومعارفهم، ومن ناحية أخرى ستعبّر الجدة عن فرحتها بحفيدها بلا منغصات كالشعور بالشفقة على نور.
عادت نور من زيارة جدتها حزينة، لأنها لم تكن تتوقع ذلك من عائلتها، ولكنها قالت إذا كان هذا حال الأهل فسألتمس الأعذار للأغراب.
وفي يوم الحفل تفاجيء نور بسوء مزاج أمها بشدة، ولكنها تشعر بها, فقد ربتها منذ صغرها حتى الشباب، على ذم الزواج وكأنه عيب أو خطيئة، وكثيرا ما مدحت لها أن تظل الفتاة بلا زواج حتى الموت، لأنها بذلك ستموت طاهرة وهذا أفضل كثيرا من زواجها -"حد يطول"- ولكن كانت تشعر نور بصراع شديد ولخبطة فكان بداخلها احتياج للزواج، وكانت فطرتها متعلقة بالله، فتسأل نفسها: لماذا شرع الله الزواج طالما الأفضل عدم الزواج؟
المهم أنها تناست الأمر، بل ولم تعد تلقي له بالا, فلم يعد يعنيها الزواج في شيء.
إلا أنها تريد أن تعيش في سلام
واقرأ أيضاً:
الموت للإحياء / المرأة رؤية واقعية بعيدا عن النصوص النظرية / وكسرها........