التآلف كلمة إيجابية ذات قيمة إنسانية منيرة ومؤثرة في تحقيق الصيرورة الحضارية الأرقى.
والتخالف كلمة سلبية تبدد الطاقات وتحطم القدرات وتنهك المجتمع في موضوعات لا تجدي نفعا وتزيده ضرا.
وبين التآلف والتخالف، تتوطن عناصر التفاعلات الحية اللازمة للقوة والاقتدار.
والمجتمعات المتآلفة ، متقدمة ومنطلقة بأقصى طاقاتها إلى آفاق المستقبل الأفضل.
والمجتمعات المتخالفة تركن في حفرة عميقة تمعن في حَفرها وطمر وجودها فيها، لتزداد عماءً وتمتلئ بهتانا وضلالا.
والمجتمعات المتآلفة، تقف كصفٍ واحد أمام العاديات وتشحذ طاقاتها وتستحضر أفكارها، من أجل التمكن من الموقف والسيطرة عليه ومنع تكراره، فتراها متحدة متآزرة معتصمة بحبل الفضيلة والأمل والقوة والحكمة والحلم والرقاء.
والمجتمعات المتخالفة، تتشظى أمام الملمات وتنسى وطنها ومجتمعها وحياتها، وتدخل في متاهات الصراع مع بعضها، وتلقي باللائمة على هذا وذاك، فتذكي النيران في كل مكان، وتحطم أركان وجودها وتصبح فريسة لكل طامع متربص بها. وبين هذا وذاك، يمكننا تقدير أحوال المجتمعات وتقييم الطاقات والقدرات.
ومما نلاحظه في مجتمعاتنا المرهونة بالويلات، إنها تتخالف وتقف على أهبة التصارع والانهيار، أمام التحديات، فتبعثرها وتحولها إلى نثار، وكأنها لكثرة ما أصابها من الأهوال، اكتشفت أن عليها أن تكون مجتمعات رملية، أي ذات نسيج رملي، فما أن تسقط عليها الأهوال حتى تمتص طاقتها بهذا التشظي والتناثر، لكن أهوال اليوم ما عادت كأهوال الماضي، لأنها مبرمجة وذات قدرات تفعيلية واستثمارية عالية، توظف هذه الوسيلة الدفاعية لامتلاك البلاد والعباد، فأخذت تستثمر في هذا التناثر وتصنع منه مجاميع ذات قدرات تصارعية، وطاقات انقراضية مؤهلة للتواصل والدوران في ذات المكان.
ووفقا لهذا الاندفاع الامتلاكي والتدميري، فإن مجتمعاتنا أصبحت ذات أهلية عالية للتحول إلى فتات، أو شظايا ملتهبة متضاربة لا تعرف إلا التخريب والتدمير وتحويل كل شيء إلى رماد.
ولكي تتخلص مجتمعاتنا من مأزقها الحضاري، عليها أن تتعلم مهارات التآلف وتوظف طاقات التخالف، لصالح الانصهار في إرادة واحدة وبودقة وطنية وإنسانية، ذات قيمة جماعية وحضارية منسجمة وراعية لجميع الأجيال المتوافدة على أرض البلاد.
واقرأ أيضاً:
تخلفنا أم تأخرنا؟!! / العقل العقل!! / إنها العنتريات يا عبلة!! / القوة في الاختلاف!!