الغزالة في الغابة تصبح فريسة سهلة لأي مفترس, عندما تصاب أحد أطرافها بأذى فلا تقوَ على الجري السريع.
والأسد يموت إذا أصيبت أحد أطرافه بأذى, فيفقد القدرة على مطاردة الفريسة وصيدها.
وبين الغزالة والأسد حالة مشتركة, وهي أن العَدوَ السريع أو الركض, هو الذي يقرر المصير.
وفي عالم التفاعلات السياسية المعاصرة, هناك مجتمعات ساكنة, وأخرى تحبو, وأخرى تستطيع الوقوف, ومجتمعات ذات سرعة فائقة في العَدو والصيد الثمين.
وتلك معادلة التفاعلات الأرضية منذ الأزل.
والعجيب في بعض المجتمعات, أنها تحطّم جميع أطرافها, وتمضي بسلوك الإيذاء الذاتي, حتى تتحول إلى موجود عليل يرقد في مصحات العزل الحضاري, حيث تتحوط وتتوقى منها المجتمعات الأخرى, وتحسبها ذات وبائية عالية, فتفكر بمحاربتها والخلاص منها.
وهذه المجتمعات العليلة تتحول إلى مستنقعات, أو حفر آسنة متعفنة, نتنة الرائحة, وكل ما يأتي منها يزكم الأنوف. مما يدعو لردمها وتطهير الأرض من آفاتها وأمراضها, لأنها ما عادت إلا مصدرا للسوء والشرور.
وفي خضم هذه التفاعلات المحتدمة, قد تتحطم أطراف بعض الأسود, وقد تتعثر بخطواتها الغزلان, وقد تختلط أوراق الموجودات فتعيش أوقات جنون افتراسي وتدميري, يبقى فيه الذي استوعب قدرات الفتك الأعظم وامتلكها.
وكأن الحياة ذات مسلمات, وأن الموجودات تترتب فيها وفقا لدرجات قدراتها على وعي عصرها, وتفاعل ما فيها مع مفرداته, لاستثمارها من أجل اكتناز القوة والقدرة على التمنع على الآخرين والهيمنة على آخرين.
وتكون الحالات المتداعية في قعر العصر, كالحفرة التي يتم طمرها بالنفايات, وما يلاحظ في بعض المجتمعات أنها أصبحت كذلك, حيث يتم رمي نفايات المجتمعات الأخرى فيها, وتحميلها مسؤولية كل ما تأتي به الشرور, ذلك أنها قد إستسلمت للحياة في جحر الانقراض, واستلطفت النفايات المتراكمة على رأسها, حتى أصبحت آليات تفكيرها, تتفق ومواصفات "المزبلة", وهذا ما ينعكس في واقع أيامها, حيث تتحول مدنها وشوارعها إلى "مزابل", لتعكس ما في رؤوس القائمين عليها.
وتلك تفاعلات حياة معاصرة, متصارعة, ومصير مجتمعات ارتضت الانصفاد في مستنقعات بعضها, وأبت أن تسمح للماء الجاري أن يطهرها, ومن النور الساطع أن ينيرها, فأضاعت مصيرها, وتلذذت بمآسيها وويلاتها.
فهل ستدري ما تفعل, أم أنها في غيبوبة كرسي سقيم؟!!
واقرأ أيضاً:
القوة في الاختلاف!! / سلوك النكران!! / فيروس الكلمات!! / لماذا لا نتآمر؟!!