أمضينا معظم القرن العشرين ولا زلنا نتحدث عن المؤامرة، وما عرفنا كيف نتآمر، مثلما يتآمر الآخرون.
وفي عُرف التفاعلات القائمة ما بين القوى الأرضية، أنها تتصارع من أجل مصالحها ومصادر القوة والطاقة اللازمة لبقائها وهيمنتها، ولا توجد قوة أرضية ما سعت بهذا الاتجاه.
إنه قانون الحياة، وما تغير منذ الأزل، وسيتواصل أبدا.
فالقوى تتآمر من أجل مصالحها، وما نسميه مؤامرة في منهاج تفكيرنا، إنما هو أسلوب صراعي لتحقيق المصلحة.
ولا توجد دولة واحدة في هذا العالم غير متآمرة من أجل مصالحها، وقوتها وقدرتها على التمكن والتقدم والرقاء.
والدول الوحيدة التي لا تتآمر من أجل مصالحها هي الدول العربية، التي يجيد معظمها مهارات وقدرات ومناهج التآمر ضد مصالحها.
فالبلدان التي فيها قلاقل واضطرابات، إنما تتآمر فيها القوى السياسية ضد مصالح البلد، وتتوهم بأنها تحقق مصالحها الفردية والحزبية والفئوية، وتنسى بأنها قد تحولت إلى متآمر ضد نفسها ووطنها وشعبها من أجل تحقيق مصالح الآخرين.
فلماذا لا نتآمر من أجل مصالحنا؟
لماذا لا نتعلم فن ومهارات وخبرات التآمر من أجل مصالحنا الوطنية؟
إن المؤامرة بهذا المفهوم حق وطني وواجب إنساني وإرادة بقائية مشروعة، لأنها تساهم في تحقيق قوة وعزة وأمن وسلام المجتمع وتحافظ على الوطن.
فلو تآمرنا من أجل مصالحنا الوطنية، لأدركنا بأننا نتفاعل بروح واحدة، وإرادة ثابتة، وأن هناك ما لا يحصى من المشتركات التي تجمعنا، ونوظفها للوصول إلى أهداف وطنية نبيلة سامية.
ولهذا فمن الوطنية دعوة جميع الأحزاب والفئات والقوى، للتآمر من أجل تحقيق مصالح الوطن والمواطن.
لا أن يكونوا عناصر في مؤامرات تحقيق مصالح الآخرين، الطامعين في طاقات وخيرات البلاد.
وأن لا يقوموا بدور "القرادة" التي تمتص دماء الأحياء وتصيبهم بالضعف والهزال.
فالكثير من أبناء الأوطان المنكوبة بأحزابها وقواها السياسية، التي تشبه "القرادة"، فلا تشبع من مص دماء وجودهم وتبديد طاقاتهم وإنهاكهم، حتى يصلوا إلى التداعي والانهيار.
فتآمروا أيها السياسيون، من أجل وطنكم وشعبكم، ولا تكونوا أعضاء فاعلين في مؤامرات الآخرين.
فهل ستتآمرون أم ستؤمرون؟!!
واقرأ أيضاً:
سلوك النكران!! / فيروس الكلمات!! / السيقان المفقودة!! / الراسخون في العلم أم الجهل؟!!