الراسخون في العلم، إرادة أمة أنارت دروب البشرية، وسطعت بأفكارها وأخلاقها وابتكاراتها وإبداعاتها، حتى بددت ظلمات العقول وأدخلت الضياء في كل ديجور.
أمة هتف في أعماق ذاتها وأركان وجودها، وحي السماء، وهو ينادي بلسان الأكوان، وحنجرة الإمعان واليقين أن "إقرأ"!
إقرأ أيها الإنسان لكي تحقق رسالة كينونتك الإنسانية، وتعبر عن إرادة خالقك العظيم.
فالقراءة عمود صيرورة أمة وإشراق دين.
ومَن لا يقرأ لا يعرف دينه ولا ينتمي إلى أمته، لأنه سيتوارى في رمال الجهل وصحاري الأمية، والانقطاع عن معاني أكون.
والقراءة هي بطاقة دخولنا إلى ميادين العلوم والمعارف والمدارك ذات الأفكار السامية، والتفاعلات الإبداعية الأصيلة المتواصلة في مسيرة التجدد والرقاء.
وفي حقيقة هذه الأمة، أن لابد لأبنائها من الرسوخ في العلم، لكي تكون وتتجدد رسالتها الكبرى.
وكلما ابتعدت عن رسالة الرسوخ في العلم، كلما ضعفت وجهلت وغاب دورها وضاعت قيمتها.
وعندما نتأمل فكرة الرسوخ في العلم، نجدها واضحة فاعلة ومؤثرة في المجتمعات المتقدمة القوية، التي تصدرت مقام الدنيا، لأنها أجلت العلم والعلماء، واجتهدت في أساليب الرسوخ في العلم.
والمجتمعات المتأخرة، إنما هي راسخة في الجهل والأمية، ولهذا فإن أساليب حياتها ومناهج أيامها، عبارة عن تداعيات وتفاعلات ذات نتائج مرعبة ودامية، وهي تعيش متواليات خسران وارتماء في أحضان الهلاك.
ونحن أمة يتوجب عليها الرسوخ في العلم، لكي تعبّر عن حقيقة دينها وجوهر رسالتها، لا أن تتدحرج تحت أقدام الآخرين، وقد توشحت بأميتها وتمسكت بجهلها ونكرانها لمفردات العلم والمعرفة، وما حثت أبناءها على الاتجاه نحو العلوم والمعارف، وما أعلت مقامها ودورها المنير في الحياة.
وتتحمل مسؤولية رسوخ الأمة في الجهل، جميع العمائم بكافة ألوانها وأحجامها، لأنها أنكرت على الأمة إرادة الرسوخ في العلم، واستثمرت في الأمية والتجهيل، حتى صار البشر لا يعرف دينه، ولا يفهم كتابه، بل تحول إلى ألعوبة في حلقات التبعية والإذعان، والتفريغ التام من قدرات العقل والتعقل والتفكير، فانطلقت العواطف والانفعالات لتصنع أمة معممة بالجهل، ومبتعدة عن كل معروف، ولا ترغب في أن تكون أمة عالمة رائدة ذات عقول منورة.
فهل سنحيي في الأمة إرادة الرسوخ في العلم حتى نكون؟
أم أننا سنزداد رسوخا في الجهل حتى نهون ونهون!!
واقرأ أيضاً:
فيروس الكلمات!! / السيقان المفقودة!! / لماذا لا نتآمر؟!! / الكتابة لا تنفع!!