الإخوة والأبناء الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
سمعت أحد قياداتكم يتحدث عن موقف الحملة من التيار الإسلامي في حال نجاحكم في دعوتكم للخروج يوم 30 يونيو وتغيير النظام بانتخابات مبكرة أو غيرها، وكان رد هذا الشاب الرائع موجزه أنه على الرغم من اختلافنا مع قادة تيار الإسلام السياسي إلا أننا نعتبر هذا التيار جزءا من الشعب المصري وسندافع عن حقه في الحرية وفي الوجود وفي أن يكون جزءا من المنظومة السياسية والاجتماعية من خلال الآليات الديموقراطية الصحيحة.
وسبب سعادتنا لسماع هذا الكلام أنه صادر من شاب في العشرينات من عمره ومع هذا يقوم بدور قيادي مؤثر في الحملة، وعلى الجانب الآخر نستمع لدعوات انتقامية من قيادات شاخت في تنظيماتها وأحزابها العتيقة تدعو للانتقام من الإسلاميين حال سقوط النظام الحالي، وهم يتحدثون بشكل عنصري إقصائي يدفع الطرف الآخر للتشبث بمواقفه واعتبار الأمر حياة أو موت ويدافع عن وجوده حتى آخر قطرة دم من أنصاره، وهذا يضعنا أمام احتمالات كارثية.
ومن العبث أن يعتقد فصيلٌ من الفصيلين المتنازعين أنه قادر على إقصاء الفصيل الآخر تماما عن المشهد لكي يخلو له الجو وحده فتسير الأمور تماما كما يريدها أن تسير، هذا وهم تعيش فيه القيادات القديمة في الأحزاب والجماعات، وهم يسوقون هذا الوهم لأتباعهم ويعدونهم بالانتصار بالضربة القاضية على مناوئيهم الأشرار.
إذن لا تغريكم كثرة الأعداد فتنزعوا إلى العنف والانتقام، بل التزموا السلمية في كل الأحوال لأن السلمية قوة أخلاقية للثورات والحركات الشعبية الإصلاحية، والشعب المصري بالذات يعطي ظهره لأي حركات أو مسيرات تتوجه نحو العنف، فكونوا دائما سلميين بنّائين، ولا تسمحوا لمن يسعون في الأرض فسادا أن يركبوا حركتكم أو يوظفوها لتحقيق أهدافهم في الوصول إلى السلطة أو تصفية الحسابات.
ولقد أكد لكم الأستاذ محمد حسنين هيكل في زيارتكم له على هذه النقطة حين قال: حاولوا احتواء واستيعاب التيار الإسلامي لأنه بدون ذلك تكون حرب أهلية، وهذا كلام صحيح، فالتيار الإسلامي ليس أشخاصا أو قيادات نستبعدها ونستريح منها، بل هو ملايين من المصريين لهم توجهاتهم ولهم تصوراتهم في هوية مصر ومعتقداتها وطبيعة الحياة فيها، وليس من الحكمة ولا من المنطق تسفيه ذلك أو إقصاء هذا التيار عن الساحة تحت دعوى الظلامية والرجعية والجمود والفشل في التجربة والخطأ في التعامل مع الثورة والثوار.
وإذا كنا قد يئسنا من الكبار على الجانبين ومللنا معاركهم التاريخية وثاراتهم التي ندفع نحن المصريون ثمنها، فإن أملنا فيكم وفي شباب التيار الإسلامي أن تضعوا أيديكم سويا، وتتعاونوا في تقديم نموذج راق ومتحضر للتعاون والبناء رغم الاختلاف، ولا تسمحوا لمن سممتهم الصراعات القديمة أن يسمموا حياتكم البريئة الطاهرة، وأوقفوا التوجهات الخاطئة التي بدأت من عدة أيام في التربص والعدوان على كل من هو ملتح وكل من هي منتقبة بدعوى أنهم يمثلون التيار المعادي لحملة تمرد، وربما ينفخ البعض في النار فيدعو إلى حملة تطهير عنصرية ضد كل من ينتمي إلى أي تيار إسلامي لأن هذا يجعل المنتمين لهذا التيار يشعرون بأن ظهرهم للحائط وليس أمامهم إلا مواجهة العنف بالعنف المضاد وندخل بذلك في دائرة جهنمية. كما لا ننسى أن الشعب المصري يميل في غالبيته إلى التدين الوسطي المعتدل البسيط فلنحترم هذا ونقدره ونوجهه نحو البناء والتنمية وليس نحو الطائفية والعنصرية.
ونتمنى أن نستلهم جميعا (مؤيدين ومعارضين) في سلوكنا وأخلاقنا هذه الأيام روح الثمانية عشر يوما في بواكير الثورة، والتي نبذنا فيها كل دعاوي العنصرية والطائفية والاستقطاب، وأن ننتبه لاندساس أصحاب المصالح الشخصية الضيقة ومن يريدون تصفية حسابات مع هذا التيار أو ذاك، ومن يريدون العودة بالثورة إلى الوراء أو اختطافها لحساب النظام القديم، أو إشعال نيران الفتنة وإحداث حالة من الفوضى والخراب يستفيد منها أعداؤنا في الداخل والخارج.
وعلى الرغم من آلام وأخطاء المرحلة الانتقالية الماضية بعد الثورة إلا أن كثيرا من الشباب اكتسب خبرة كبيرة وأصبح أكثر وعيا ونضجا وأكثر قدرة على تصحيح المسار وإدارة الأمور، وأتمنى أن تحققوا ما فشل فيه الكبار على الجانبين وهو مد جسور الحوار مع المخالفين واحترامهم والاستعداد للتعاون معهم فيما يحقق مصلحة البلاد، وأن لا تكون النوايا والدوافع متوجهة نحو سلطة زائلة أو مكسب مؤقت فمصر بلد عظيم يستحق أن يكون أهله أحرارا كراما ويقدمون للعالم نموذجا حضاريا يليق بتاريخهم وطبقات حضاراتهم وأديانهم.
واقرأ أيضاً: