في وقت ما بين انتخابات مجلس الشعب والشورى المنتخبين بعد ثورة 25 يناير وقبل الحكم ببطلان انتخابات الأول، كنت قد كتبت جزءا من المدونة التالية، ثم ضاعت الذاكرة الفلاشية التي كنت أحفظها عليها، وتوافق ذلك مع رغبة في الصمت والتريث طال مكوثها معي منذ الشهور الأولى للثورة، ولم أجد المدونة بعد ذلك إلا بالصدفة اليوم 2 يوليو 2013 بينما ميادين مصر ملأى بالحشود بين معارض لبقاء الرئيس المصري ومؤيد لبقائه، فرأيت أن إكمال المدونة مناسب ونشرها الآن واجب:
مصر ركبت ذقن .... صورة للمشير ملتحيا ... كاريكتير لمصر وقد ارتدت النقاب ... يا ترى ماذا سيفعل الإخوان المسلمون ؟ والسلفيون في البرلمان ؟! ... تعليقات لا تحصى من هنا ومن هناك .......... قلق متزايد في الشارع المصري وفي البيت المصري أيضًا بشأن ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات لمجلس الشعب الأول بعد ثورة يناير، رغم أنه لم تكن هناك أي مفاجأة في الموضوع ... كلنا تقريبا كنا نعرف أن الانتخابات في بلادنا ما دامت حرة فلابد ستقود إلى تحميل الإسلاميين المسئولية، ومبكرا جدا منذ الاستفتاء على تعديل الدستور أو ربما قبل ذلك أي في الشهر الأول بعد الثورة أعلنت بعض القوى الوطنية تخوفها وسارع الإخوان إلى الطمأنة أنهم لا يودون الانفراد بالسلطة ولا إقصاء الآخرين وأنهم لن يرشحوا رئيسا للجمهورية، رغم ذلك كله تبدو معظم التعليقات وكأن ما حدث كان مفاجئا لأصحابها.
وحقيقة ما أشبه اليوم بالبارحة على الأقل بالنسبة لي ولكثيرين غالبا خاضوا تجارب تشبه تجربتي أنا وجماعة من زملائي طلاب الجامعة في الثمانينات، حين هاجمنا الإسلاميون في انتخابات اتحاد الطلبة فكان سقوطنا مدويا جللا، أثر في حياة كل منا تأثيرا شاملا ! وكيف لا وهو يتعلق بموقفه من دينه ومجتمعه.
وما أراه جديرا بالتوضيح قبل أن أحكي لكم تلك القصة هو أن هناك علاقة خاصة بالإسلام كدينٍ وثقافةٍ وتجربةٍ حيةٍ مع الفعل اليومي بميادينه المختلفة تعتبر أحد أهم الجوانب التي يتصفُ بها جيلي، وربما يتميزُ عن غيره، ، فجيلي هذا هوَ الذي عاصر في سنوات تفتح وعيه ذروَةَ صعود ووعود الظاهرة الدينية من نهايات السبعينات وحتى بداية التسعينات وما تلاها، وجيلي هو الذي تابع بوعي كاملٍ مآلات هذه الظاهرة على مستوى الأمة، ورأى وتفاعل مع ما وصلت إليه وعودها من مصائر، وإذا كانَ منحنى الصعود والمآلات هو لدى الكثيرين موضعَ بحثٍ وتأملٍ، أو عظَةٍ واعتبارٍ، أو حتى حزنٍ أو فرح، فإنهُ بالنسبة لي -ولكثيرين من أفراد جيلي - كانَ وما يزالُ خطا رئيسيا في السياق الدرامي لحياة الواحد منا.
يتذكر كل واحد من جيلي جيدا كيف في مطلع شبابنا حاصرتنا دعاياتٌ واسعةٌ عن عظَمَةِ الإسلام وشموله لكل نواحي الحياة، وجدارته بقيادة الحضارة، وأستاذية العالم، وإدارةِ دفَّـةِ الدنيا لأنهُ الحقُّ من عند الله، وإن لم يقلْ لنا أحدٌ وقتها-ولا بعد ذلك- كيفَ يمكنُ أن يحدثَ هذا؟!! وبماذا؟! وبمن؟! هل سيقودُ الإسلامُ العالم بوصول جماعات أو أحزابٍ معينةٍ إلى الحكم، واستخدام السلطة وأدواتها في رفع شأن البلادِ والعباد؟! هل سنديرُ دفةَ الحضارة الإنسانية بقوة السلطان أم بحلاوةِ الإيمان أم بحماسة الفتيان؟!!
ولا يمكن نسيان المبيعات الخيالية وعدد الطبعات المتتالية لكتاب ففروا إلى الله لأبي ذر القلموني الذي ظهر في تلك الفترة أي فترة الثمانينات وانتشر انتشارا لم يحققه كتاب قبله، فقد كان حقيقة وما يزال معبرا عن المناخ المعرفي السائد لدى الغالبية العظمى من الناس في تلك الفترة وما يزال.... ذلك الفرار إلى الله أو إلى الدين كان رد فعل واضح للقهر المستقر المستمر الذي كانت تعيش فيه شعوب المنطقة.
ورغم أننا ربما لم نستطع في وقتها الوصول أو الحصول على تحليل عميق لتلك الظاهرة الإسلامية وأسباب صعودها وأخطاء تطبيقها ومآلاته التي اختلفت من سيناريو إلى سيناريو، فإن بإمكاننا اليوم أن نفسر أكثر فإذا أردنا فهم سر تكتل الأغلبية من الناس في بلادنا خلف فكرة اللجوء إلى الدين كمنقذ ومحمل للمسئولية من الغالبية العظمى للناس إلى حد اعتبارها حاكما لكل شيء
أتذكر الآن جيدا ما عايشته وعشته أنا وزملائي أيام دراستي في كلية الطب البشري جامعة الزقازيق في منتصف الثمانينات من القرن الماضي من صدام اضطرت له جماعتنا الأدبية والتي كانت تضم المهتمين بالشعر والأدب والرسم والفنون جميعا، مع من مثلوا وجهة نظر الإسلامِ المتحجر أو الإسلاميين المتحجرين في مصر وقتها، الذين رأوا في أشعارنا ورسومنا بل وفي أغلب الفن عموما كفرا بينا، وحين قررنا الترشح لانتخابات اتحاد طلاب الكلية، كفريق متجانس موزع على دفعات الكلية، حينها صرخ في وجوهنا شباب من زملائنا وزميلاتنا بأننا رجسٌ من عمل الشيطان، رأوا ذلك فيما نفعله أو نمارسه من هوايات، وبصراحة أكثر لأننا لسنا منهم ولسنا مثلهم، فإننا لسنا من المسلمين الصالحين لحمل أمانة اتحاد الطلبة، أصبحنا باختصار كفارا أو مشركين ... حتى أن إحدى زميلاتنا المشهود لهن بالتفوق والالتزام -سامحها الله- كانت تقف يوم الانتخابات أمام المقر تقول للطلاب والطالبات انتخبوا المسلمين لا تنتخبوا الكفار، وطبيعية كانت نتيجة الانتخاب فكيف ينجح الكفار في كلية طب معظم طلابها من المسلمين؟!
ترك ذلك الصدام جروحا عميقة الأثر في نفوسنا، وكان خطأٌ وقع فيه ممثلو التيار الإسلامي في الثمانينات -وأخشى أن منهم اليوم من لا زالوا وقعين فيه- عندما حسبوا أن ما فهموه من الدين هو الإسلام الصحيح، وما عداه باطل، وقابله خطأٌ وقعنا –نحن الجماعة الأدبية- فيه وهو أننا حسبنا إسلامهم هو حقا إسلام صحيح،...، والحقيقة أنه أبعدُ ما يكونُ عن ذلك.... إلا أن كون إسلامهم هو الإسلام الصحيح في فهمنا آنذاك كان معناه أن هذا الدين لا يقبل أمثالنا !
كانت الصدمة مؤثرة في نفوسنا جميعا وكان على كل واحدٍ أن يحددَ موقفه من تلك الظاهرة الإسلامية المتنامية، وبمعطيات ذلك الوقت الثقافية كان من المستحيل أن نعرفَ نحنُ أو هم أن كلينا على خطأ، فقد كان الخطاب الديني وقتها إقصائيا بالفعل يعتبرُ أن هنالكَ إسلاما واحدا صحيحا وما عداه خطأ، ولم نسمع بفقيه أو داعية يقدمُ خطابا معتدلا أو قادرا على استيعاب النفوس البعيدة -باستثناء الأبواق الدينية الرسمية أو ذات الصلة بالحكومة والبعيدة تماما عن مشكلات الشباب في ذلك الوقت-، كما يوضح لنا ولفوت ساخرا في قصيدته : الشَّيْـخُ جاءَ، المهم صدّق زملاؤنا أنهم هم ومن معهم أو مثلهم هم فقط المسلمون، وصدقنا نحن أن الإسلام يعادي هواياتنا وفنوننا وما نحبُّ من الأنشطة......، وكانت نتيجة ذلك أن بعضنا تاه وعاد...... وبعضنا تاه ولم يعدْ!
وبالفعل كان أن صعدت قوى تنسب نفسها إلى الإسلام في أكثر من مكان في العالم وبأكثر من سيناريو الجزائر إلى السودان إلى السيناريو الماليزي والأفغاني والإيراني، وأخيرا سيناريو تركيا، وفي كل تتباين الظروف والملابسات مثلما تتباين المسارات والمآلات بالتالي إلا أن ما ظل ثابتا كان ثقة الناس العاديين بالدين وبمن ينتسبون إليه سياسيا أو بأي شكل، ففي الجزائر والسودان وأفغانستان كانت علاقة الناس والنظام بالظاهرة الإسلامية تقريبا متشابهة إذ تبدأ العملية عادة بالثقة المطلقة من جانب الناس العاديين والمغالاة في توقع المثالية من الرموز الإسلامية ثم تبدأ وتتوالى الصدمات وبالكاد يبدأ الناس إما في فهم سر خديعتهم أو بالأحرى تناسيهم لكون الذي يطبق فهمه للإسلام هو مخلوق بشري وارد منه كل ما يمكن أن يرد من البشر، وأما الإسلام كمفاهيم ونصوص فإنه لا يطبق نفسه بنفسه في أي مكان من العالم، وبالتالي يتمكن بعضهم جزئيا وربما وقتيا أو كليا من الفصل بين الإسلام وبين من يقول أنه إسلامي، فبعضهم استوعب الصدمة إذن وفرق الإسلام عن من يطبقه، بينما أعمت الصدمة بعضهم فراح يرفض أو يعادي الإسلام والمسلمين....
ويبقى النموذج الإيراني منذ الثورة وحتى الآن جديرا بالاحترام معتزا بنفسه وبدهائه وبناجاحاته وقدرته على رفع الرأس والتعامل مع "قوى الاستكبار العالمي" ليس فقط كند بل كضد وداهية، .....لكننا نلاحظ أنه قليلا ما تغير في حياة الناس شيء ولم تحدث طفرات في الخدمات، فقط هناك تطور يكاد يكون مذهلا في مجال صناعة السلاح لكن مرة أخرى قليلا ما تحسن حال الناس......... وربما برزت بين الحين والحين إشراقات تتماهى مع الحضارة التي تملك البديل كرمز العروسة سارة مقابل باربي لكنها تبقى قليلة ومتناثرة ... وعلى كل يبقى الانتماء الشيعي لهذا النموذج من أهم مُضعفات تأثيره على المجتمعات العربية، فضلا عن حقيقة عدم اهتمامه بما يمس مباشرة كيف يعيش الناس مقارنة باهتمامه بالدفاع عن هؤلاء الناس.
ولعل السيناريوهين الماليزي والتركي هما الأكثر نجاحا ومسالمة مع الآخرين وواضح أن النجاح والانتعاش الذي تحقق في هذين النموذجين كان نجاحا اقتصاديا وخدميا فانتعش الاقتصاد والصناعات التصديرية وفي نفس الوقت تحسنت الرعاية الطبية والاجتماعية والتعليمية ضمن ما تحسن من مؤسسات الدولة وها هي تركيا يصل مستوى الاهتمام الداخلي بالإنسان داخلها مستوى يمكنها من طلب عضوية الاتحاد الأوروبي ! ومصر اليوم تحاول السير على النهج التركي بعد تمصيره ربما فهل تستطيع؟
أعود إلى غرض كتابة هذا المقال وهو الأثر الذي حدث في نفوس منافسي الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب والكليات والنقابات وكل ما فيه انتخابات .... لأتساءل ماذا حدث في نفوس من يجدون أنفسهم اليوم سنة 2012 في نفس المكان الذي وجدنا فيه أنفسنا سنة 1985 ؟... مع التنبيه إلى أننا كنا مجموعة طلاب جامعيين أغلبنا من كلية واحدة وقوتنا وقدراتنا لا تقارن بما يملك منافسو الإخوان المسلمين في الانتخابات التي أجريت في مصر بعد الثورة وفاز فيها الإخوان المسلمون والسلفيون باكتساح ليحصدوا أكثر من ثلثي مقاعد مجالس الشعب والشورى وتساوى فيمن سقط أمامهم الفلول مع الثوار حتى قيل أن من ينجح أمام مرشح إسلامي في انتخابات نزيهة يحق له أن يترشح لرئاسة الجمهورية ..... وكان هذا الاكتساح فخا للإسلاميين حين لم يدركوا أن الكعكة مسمومة .... وأن استيعاب الآخرين من المنافسين بكل وأي السبل يجب أن يكون هدفا استراتيجيا كي يتمكنوا من العمل في مصر يجب عليهم أن يرضوا أعداءهم ومنافسيهم مثلما يجب عليهم أن يرضوا الشعب وأن يصونوا الأمانة.... ما حدث كان غير ذلك ! إذ أفلح الإسلاميون بعد الثورة في كسب الأعداء واستعداء الأصدقاء كما لم يفلحوا في شيء مع أشد الأسف....
وبعد سنة ونصف تقريبا من كتابة الجزء السابق من المدونة ... أصبح المشهد الآن واضحا جليا فقد كان وظل راسخا لدى الإخوان المسلمين (مثلما هو راسخ لدى غيرهم من الإسلاميين فيما يبدو) أن دعمهم الشعبي غير المشروط يكفيهم ورغم أن هذا الوهم لم تكن تستعصي إزالته بما حدث في انتخابات الرئاسة الأولى والثانية من صعود مفاجئ لنجم أحمد شفيق الذي يمثل العداء المطلق للجماعات الإسلامية إلا أنها استعصت للأسف! .... وعلى مدى عام من حكمهم ظن الإخوان أن الصبر والتسامح مع أبواق الأعداء مع محاولة العمل في كل ما يستطيعون من مجالات سيكون كافيا لترسيخ أقدامهم وكانوا غالبا واهمين!
لم ينتبه الإخوان إلى حركة نفسية كان طبيعيا أن تحدث في نفوس المصريين تحت ضغط ظروف العيش المستمرة في التردي منذ ما بعد الثورة على الأقل بالنسبة للقطاع الأعم من الناس وهم محدودو الدخل الشرفاء، تلك الحركة الارتدادية إلى حالة معرفية شعورية ترى أن "ولا يوم من أيامك يا حسني" أو "ولا يوم من أيام العسكر!" كنموذج للاستقرار! هي حركة طبيعية إن أردنا الإنصاف فالمصريون إنتاج 30 سنة هي عهد مبارك قاموا بثورة لم يكونوا بحجمها لا اقتصاديا ولا معرفيا ولا أخلاقيا للأسف، لكنها كثورة بدا منها أنها تخرج من المصريين أحسن ما فيهم ... ولعلنا لم ننتبه بما يكفي إلى أنها أيضًا أخرجت منا أو من بعضنا أسوأ ما فيهم، المصريون صدقا حملتهم ثورة 25 يناير حملا لم يكونوا أهلا له لكن أكثرنا لم يدرك ذلك ... على الأقل في وقته، ولم تبذل جهود فعلية للتصدي لذلك النتاج السيء الذي خرج أيضا بعد الثورة سوى بعض الحملات التي اكتفت بالجلسات التحضيرية وظلت تلهث من استفتاء إلى مليونيات إلى انتخابات فانتخابات فانتخابات ....
هذه الحركة النفسية الارتدادية التي ألمت بقطاعات واسعة من المصريين كانت ارتدادا إلى نفسية الفلول أو النفسية التي تقاوم التغيير في مقابل النفسية الثورية التي تصنع وتعيش التغيير، وأصبح عندنا بالتالي لا فقط الفلول المتبقية من زمان مبارك وإنما عندنا أيضًا من أصبحوا فلولا بعد الثورة نتيجة استعداء الإسلاميين لهم بأخطائهم المتتالية، وبامتياز أحسن الفلول والمعارضة استخدام هذه الحركة الارتدادية وتحت مسميات مختلفة بينما لم ينتبه الإخوان لها أو لم يعطوها حقها من الاهتمام والدراسة ومن ثم إمكانية التصدي ...المهم أن جهودا كبيرة نشطت في الخفاء في الوقت بين نتائج الانتخابات النيابية وانتخابات رئيس الجمهورية، كان واضحا أن من قاموا بها لم يكونوا فقط أعداء للثورة التي أتت بالإسلاميين وإنما كانوا أيضًا أعمق فهما لنفوس المصريين وآليات تغيير توجهاتهم من السياسيين الإسلاميين كما كانوا أكثر قربا وارتباطا من آلة إعلامية جبارة استطاعت بجدارة أن تقلب المصريين ليجهضوا ثورتهم بأيديهم.
وفي نفس الوقت كان تآمر بعض أعضاء الجهاز القضائي على أشده –كيف لا وهي كانت ثورة بالقانون - وكانت أولى نتائج ذلك التآمر هي إلغاء انتخابات مجلس الشعب، وبالتالي وجد الإخوان أنفسهم وظهرهم للحائط فهم إن لم يحصدوا كرسي الرئاسة يبقون مهددين بالعودة إلى السجون! ... وبالتالي أصبح حنثهم بوعدهم للشعب والمعارضة جليا وغير مفهوم بالنسبة لكثيرين ورأى فيهم عامة الناس جماعة من الكذابين بينما رآهم ضحايا الانتخابات جماعة من الغدارين! .... واستمر العمل ضدهم باقتدار شديد أفرز ما كان في انتخابات الجولة الأولى لرئاسة الجمهورية.
ومما هو جدير بالإشارة ما استمر قبل انتخابات الرئاسة وبعدها من سلوكيات وتصريحات للإخوان وغيرهم من الإسلاميين كانت غريبة على مسامع وفي عيون أغلب المصريين مثل من نادى بإعلان الخلافة ومن أذن في مجلس الشعب ... إلى آخر ذلك مما هو مشهور، واتخذت تلك السلوكيات والتصريحات سواء للإخوان أو غيرهم من الإسلاميين -وهي أصيلة في فهمهم لمنهجهم- مادة للانتقاد والسخرية نظرا لمخالفتها للبرتوكولات المعهودة في السياسة أو لما هو مشهور عن الإسلاميين من مواقف فكرية وعقدية ... وللأسف وقف الإسلاميون في الحالين يدافعون عن أنفسهم لا بصحة ما فعلوا وإنما بكونهم يتعلمون ويخطئون، وهو ما جعلهم مرة أخرى مادة للانتقاد والسخرية من أنصارهم ومعارضيهم على حد سواء!
باختصار تحالفت جهود من استعداهم الإسلاميون في الانتخابات (وهم كثيرون) مع جهود الفلول (القدامى والمستحدثين)، مع التقاعس المستمر للشرطة والأجهزة الرقابية في الدولة، من أجل استغلال كل أخطاء الإخوان -الكثيرة- وكانت -في ظل الأعباء المتزايدة على كواهل المصريين ونزوعهم الداخلي للرجوع لحالة الاستقرار- كافية جدا لإخراج ملايين المصريين معارضين لاستمرار الثورة! .... فهل يا ترى ندرك أخطاءنا ونعمل على تصحيحها لإنقاذ البلاد والعباد أم نبقى واثقين في دعم شعبي غير مشروط وقد أصبح واضحا تآكله للقاصي والداني؟!
عند النقطة السابقة كنت توقفت ولم تنشر المدونة ودخل الأربعاء 3 يوليو ..... وتوالت الأحداث بسرعة.... إذ تواصل تدفق جموع المصريين بين معارض مدعوم بالشرطة والجيش وآلة إعلامية جبارة وداعم للرئيس المنتخب يكتفى بالإشارة إلى وجوده... وجاء بيان الجيش ليعلن عزل مرسي .... وبينما يحبس المصريون أنفاسهم وتختلط المشاعر الجياشة ... أدعوكم لانتظار المدونة التالية "مصر تنزع لحيتها!" !
ويتبع >>>>>: مصر تطلق لحيتها.... مصر تنزع لحيتها !2
واقرأ أيضًا:
مدونات مجانين فوائد انقطاع الكهرباء/ المارد الذي بعيدا عن النزال 2012/ مازوخية المصريين: ثورة بالقانون وها.. ذي آخرتها!/ مازوخية المصريين: باي باي ثورة!
التعليق: مدونة رائعة وتحليل عميق أصبت به قلب الحقيقة . قراءة واقعية عقلانية للأحداث دون الانحياز أو اتباع الهوى .
شكرا لك د. وائل وكلامك الرائع دائما يدل على نقاء قلبك وصفاء سريرتك
وبانتظار المدونة القادمة .