فكرت وطلب مني ابن عبد الله أن أكتب انطباعاتي عن خطاب السيسي فقلت له خائف وخجلان وغامض وبعيد.... وفكرت ولم أكتب حتى جاءتني السطور التالية من الزميل الدكتور علي إسماعيل عبد الرحمن تحت عنوان: نظارة السيسي السوداء
"لفت نظر العديد من المتابعين ارتداء الفريق السيسي لنظارة سوداء كبيرة أثناء تواصله مع القادة والطلاب وأهاليهم في الاحتفال الخاص بالتخرج وأثناء طلبه من المصريين للنزول لتأييده، فما هو التفسير النفسي لهذا؟
1- إخفاءا لجزء كبير من وجهة وتعبيرات عينيه خاصة فالكثير من التعبيرات مثل الكذب والقلق والخجل تظهر على الوجه وبالتالي هو لا يريد أن يقرأ الناس تعبيرات وجهه فوضع النظارة حماية له من كشف هذه التعبيرات.
2- إعطاء الآخرين الإحساس بالغموض والأهمية. لذا ينتشر استخدام النظارة السوداء بين الرؤساء والزعماء والوزراء والإعلاميين.
3- أنه كرجل مخابرات يستخدم التموية دائما أثناء الحديث فغلبته طبيعته فلم يستطيع أن يفرق بين التواصل مع الجمهور والتواصل المهني."
ثم اختتم بأن الموضوع نظارة السيسي السوداء ما يزال قيد دراسة من المختصين، ... وحقيقة فإنني رأيت أجزاء من الخطاب وسمعت أجزاء وقرأت على الفيسبوك أجزاءا وسمعت تعليقات على أجزاء وولله ما فارقني الشعور بأنه خطاب لا مسئول على -أقل مستوى من النقد- لم أشاهده كله ولست متشجعا لأنني في حالة من الغضب من الفريق أول بحيث أحاول ألا أستفز نفسي .... المهم أن ما رأيته وسمعته وقرأته عن خطاب السيسي هو على قدر من الخطورة بحيث لا يصح تناوله قبل رؤيته كاملا ... كما لا يصح تحليله على عجل.
لكن الانطباع المباشر الذي أخذته من النظارة السوداء والقبعة التي معها تخفي أكثر من ثلث وجهه أعطتني انطباعا بمزيج من الخوف والقلق والخجل مع مزيد من الاستعلاء والابتعاد .... أشعرني بأن الرجل بعيد فيما يبدو عن مصر الحقيقة في قرارته! وفي نفس الوقت الذي بدا فيه مرتبكا (ربما لأنه كذب عدة كذبات) بدا مع أشد الأسف مصرا على فعل ما لا تحمد عقباه للتخلص من مظاهر الاحتجاجات المزعجة التي يقوم بها إسلاميون إرهابيون ... ماكثون في رابعة العدوية وغيرها ...إرهابيون ... وهو يعلن الحرب على الإرهاب بعد تفويض "الشعب"... الأقل كثيرا من 30 يونيو... هو يرى مصر بنظارة سوداء تحجب عنه الرؤية... والدماء التي يطلب الإذن بإراقتها هي في مصر 2013 مثلما كانت في مصر 25 يناير 2011 مثلما دائما ليست فقط دماء مصريين .. بل هي دماء من أنقى وأطهر وأنبل ما في المصريين جميعا.... هو يرى المعارضين "الإسلاميين" = "إرهابيين" ومعنى هذا أننا على موعد بالحرب على الإرهاب! وهو طلب واستجدى المصريين الذين نزلوا في 30 يونيو 2013 والتي تقول آلته الإعلامية أنهم ثلاثين مليونا! لينزلوا غدا ... وفي ذات الوقت يدعو المحتشدين من الطرف الآخر "الإرهابي" الذي يريد تفويضا ليفعل به أكثر من فعلة الحرس الجمهوري أو مذبحة الساجدين لأن يعلنوا توبتهم خلال 48 ساعة ! .... يدعو الإرهابيين الذين يملئون ميادين مصر لأن يفضوها سيرة ويعتذروا وينصرفوا بعد اتهام قادتهم بأنهم غرروا بهم !.... لم يكن ممكنا أن يظهر السيسي في هذا الخطاب إلا بنظارة سوداء لابد لكي لا يرى مصر أن يفعل هذا......!
أعود إلى الفشل في الحشد ونحن في الغد على موعد مع حشد جمعة السابع عشر من رمضان وقد وضع الانقلابيون كل إمكاناتهم لجعلها جمعة يعطي الشعب فيها تفويضه للسيسي لتدشين حملة الحرب على الإرهاب ... وهي جمعة يفترض أنها جمعة احتفال على هامش التفويض أو تفويض على هامش الاحتفال وهو ما يعني أننا نضع بؤرا احتفالية بالثورة الانقلاب بين بؤرٍ احتجاجية ناشطة منذ ما يقارب الشهر ... ونقول لتابعينا ومشجعينا من أهل مصر .... انزلوا وسنحميكم بجد ! المرة ذي "بجد" بينما هو يستخدم العنف والتعتيم والتخوين والترهيب والتهديد تجاه الفريق الآخر! .... انحياز واضح لفريق في مواجهة فريق آخر لا يستهان به عقلا من شعبه.... يقول بالنص عمري ما طلبت منكم حاجة ! يستجدي ويستعطف !
السيسي أخفق في الرؤية وربما للنظارة السوداء دورا في سلوكه، هو أخفق فهل يفهم الشعب المصري؟ يا ترى كيف تستجيب مصر؟ كيف وقد بدا فرعون 2013 متعاليا بعيدا بتاجه العسكري ونظارته السوداء وفي نفس الوقت يدعو شعبه مستتعطفا للحشر في الميادين ! وكأنه يريد ألا يرى ما فعل ونرى نحن تأثير ذلك في وجهه وعينيه.... كيف يستجيب المصريون ؟ ...... عندنا أعداد هائلة بالفعل في الشوارع متظاهرين وفي الميادين معتصمين منذ شهر حقيقتهم أنهم إسلاميون عاديون مثلنا جميعا وإسلاميون أكثر التزاما لا تطرفا ولا إرهابا وآخرون كثيرين يرون فيهم أمثلة خلقية يودون احتذاءها، وليبراليون وثائرون وناشطون حقوقيون وطلاب وأساتذة جامعيون خلطة مصرية خالصة كالتي تبلورت في ميدان التحرير!
أيضًا لا يملك الثائرون إلا طلب المزيد من بؤر الاحتشاد للاحتجاج ... حول ما يدعو له السيسي من بؤر الاحتفال والتفويض بالخلاص من المحتجين.... ربما فقط بالتفكير في التعامل مع من برر انقلابه بأنه نصرة للشعب ولتجنب الحرب الأهلية في مصر ثم يدعو المصريين للدخول في الحرب الأهلية من أجل نصرة الانقلاب ! اللهم أنر البصائر والضمائر! وأخيرا نسأل الله في رمضان ضالعين أن يحفظ مصر وأهلها وأملنا بعد الله في ذكاء الشعب المصري وفطنته..... الدعوة أيها المصريين كالنظارة سوداء ألا هل بلغت اللهم فاشهد!