الديمقراطية أما أن تكون جنة أو جحيما!
ولا توسط ما بين الحالتين!
ولكي تكون جنة غناء، تتطلب وعيا ديمقراطيا وإدراكا جماعيا لعناصرها.
وتفاعلات واضحة لدعاتها، تؤسس لسلوك القدوة، اللازمة لبناء المجتمع الديمقراطي، بنظامه ومنطلقاته الإنسانية.
ولكي تكون جحيما، تستدعي جهلا، وإقحاما للعقائد والمدارس والمذاهب والأحزاب المنغلقة فيها، وفقا لما تملكه من أحادية وصلابة، وتمترس في أجندتها، التي ترسخت في أعماقها، وما عادت قادرة على مناقشتها وتجديدها أو تعريضها لأنوار عصرها.
وعندما تغيب الثقافة الديمقراطية، فهذا يعني انتفاؤها كنظام، فكيف يتم العمل بشيء مجهول؟
وما يجري في واقعنا المتداعي الأليم.
أن هذه المسكينة القتيلة الأسيرة، المعلقة على أعواد التصورات، والرغبات والرؤى والتمنيات، تبدو كالسراب، فالجميع يلاحقها ولا يدركها، فيتوهمها ولا يعرفها.
وعليه فأن حقيقة ما يجري هو حالة البحث عنها، وليس العمل بها.
فجميع الحكومات تتكلم باسمها، وما أظهرت خطوات تشير لدورها وملامحها، وقوتها وقدرتها على صناعة الحياة الأفضل، للمجتمع الذي يريدها ولا يريدها.
ولهذا فإن المحنة الحقيقة، تكمن في آليات التفكير المتفاعلة في واقعنا، ذلك أنها تخلو من قدرات الوعي والفهم الديمقراطي. وإنما تعمل بذات الآليات العتيقة، لكنها تلبس قناع الديمقراطية، وتحاول المخادعة والتضليل والتخريب والتدمير والإفساد، وهي ترفع راياتها. فأية ديمقراطية هذي التي تنزف الشعوب دماءها وبناءها باسمها.
إن الديمقراطية تربية أخلاقية وسلوكية ومعرفة، ووعي فكري وثقافي واجتماعي وسياسي، ينشأ عليه أبناء المجتمع منذ الصغر.
ولا يمكن للكراسي أن تتعلمه في الكِبَر، وذلك أمرٌ فيه أوجاع الخطر!
واقرأ أيضاً:
الديمقراطية بين الفشل والفرصة!! / الاندماجية!! / سبائك الشعوب والأوطان!! / التكرير الديمقراطي!!