من نتائج العولمة الغير متوقعة، انغلاق العقول، وضيق الأفق الذي أخذت البشرية تعاني منه، في بقاع المعمورة المبتلاة بها. وكأن ضغط العولمة قد تسبب في تشظي الموجودات، وتحويلها إلى حالات متصارعة ومندفعة لإلغاء بعضها، ويتجسد هذا السلوك في المجتمعات المتأخرة أكثر منه في المتقدمة.
ويبدو أن ضيق الأفق والتخندق، من الوسائل الدفاعية الجديدة التي انبثقت بسبب العولمة، مما دفع إلى انفصال مكونات المجتمع الإنساني إلى ألوان وصياغات وتفاعلات تتجاهل بعضها، وتنسى بأنها ذات كيان واحد ومسيرة متفاعلة على مرّ العصور، وقد أنضج ضيق الأفق مرارا في مجتمعاتنا التي اندحرت وتراجعت وتمزقت، ومضت في مسيرات انتحارية جماعية غير مسبوقة.
فما عرفت البشرية حالة من الضغط المعرفي والمعلوماتي والنفسي والعسكري والاقتصادي مثلما تعرفه اليوم، وهذا كبّد الكثيرين هزائم وخسائر فائقة وشديدة جدا.
وما يجري عندنا يؤكد ضيق الأفق، وانحدار الحياة إلى مسارات مظلمة خانقة، لا تقترب من النور. فالمجتمعات المنكوبة بالعولمة ومعطياتها الاقتصادية والثقافية والسياسية، لا تملك مهارات وقدرات الوعي والاستيعاب والمواكبة، والمرونة والمطاوعة والرؤية الوطنية الواضحة، التي تؤهلها لعمل من أجل المصلحة العامة.
ولهذا فأنها قد ناهضت مصالحها، ووضعت الحواجز والمصدّات أمام تطلعات أبنائها، وقفزت بجنون غريب إلى جحيمات الانقراض الذاتي والموضوعي، بإرادتها وطاقتها التي توظفها لتحقيق كل ما هو سلبي وأليم.
واقرأ أيضاً:
تعريفٌ بالعشق الفتان!! / إطلالة على ضفاف الأمل!! / العنوان الديمقراطي!! / نهر الحرية الدفاق!!