رأيت حصانا متمحنا في حظيرة العثرات، ومنهمكا باجترار أسباب الويلات، وقد أنهكته الليالي المعبّأة بالمفزعات.
فقلت له: كيف الحال يا حصان الأزمات؟!
فصهل صهلة مدوية، أرجعتني خطوات إلى الوراء، وكأنه اغتال أفكاري، ومحى أسئلتي، وألقاني في مستنقع كان.
لكنني لملمت ما عندي من وهم اقتدار وسألته ثانية، عن رأيه بالأحوال، وما يدور في أروقة الزوال.
فنظرني الحصان مندهشا وهو يقول: وهل يحتاج هذا لسؤال؟!
قلت: بلى...، إني أتساءل، وقد أرسلني إلى جنابكم حمار تعب من حمل رأسه فصار يجلس عليه!!
صهل الحصان برفق...
وقال: لقد أجابك الحمار!
قلت: لكن الحصان أحرى بالجواب!
وفي حركة سريعة، استدارت مؤخرته نحوي، وإذا به يركلني بساقيه الخلفيتين، ركلة حطمت سور حظيرته، ولا أعرف كيف، أمسكت بحبل النجاة، من ضربته القاضية العنيفة الغاضبة؟!!
فهربت بعيدا عن الحصان!
وأدركت أن الحياة لا يمكنها أن تُدرك من خلف الأسوار، وما دامت هناك حواجز، فإن النفوس ستتخندق، وتتمترس وتقاتل!
قلت للحصان من بعيد: لقد تحطمت أسوار حظيرتك، وستداهمك الوحوش الآكلات.
لم يسمعْ الحصان، وراح يحث التراب بحوافره المنفعلة، فتحول المكان إلى زوبعة تنعدم فيها رؤية ما خلف سور الحظيرة، التي أخذت تزدحم بألف حصان وحصان معتوه سقيم!
فنظرتُ نحو الأفق، فكانت الشمس تذرف دموع الغروب الحمراء، فتهت في مساءات الوجيع، أبحث عن وطنٍ يُطاق!!
واقرأ أيضاً:
العنوان الديمقراطي!! / العولمة وضيق الأفق!! / نهر الحرية الدفاق!! / اتحاد الأفكار والعقول!!