الديمقراطية العمل، ولا ديمقراطية بغير فرص عمل متواكبة. فالبطالة السائدة معوق ديمقراطي كبير، ومؤثر في تحقيق التفاعلات السلبية والتداعيات الفاسدة. والمجتمعات التي ابتكرت أنظمتها الديمقراطية، أدركت بأنها حاجة حضارية أساسية لتحقيق إرادة العمل.
ذلك أن الديمقراطية قد ترافقت مع الثورة الصناعية التي فتحت أبوابَ آفاقٍ مطلقة، وأوجدت آليات لفرص العمل المتنامية مع زيادة عدد السكان، وأصبحت الإنتاجية ونوعية الإنتاج من الثوابت الجوهرية لصناعة الحرية. فالحرية في العمل.
والديمقراطية التي نتحدث عنها، إنما هي على مقاسات المجتمعات الصناعية المؤهلة للعمل والإنتاج والابتكار، ولكي يتم تطبيق ذات الحالة على مجتمعات غير صناعية، يتطلب الأمر إدراكا لعناصر وعوامل متعددة، وابتكارا لآليات فاعلة وصالحة.
ولغياب ذلك، فإن الديمقراطية موضوعة على مشرحة الطب العدلي العربي، فهي مقتولة، وذنبها أنها يُراد لها أن تكون في بيئة لا تتفق وما تحتاجه من قدرات ومناهج وأساسيات للبقاء والنماء.
وحَسِبت مجتمعاتنا أن الديمقراطية عبارة عن ذهاب إلى صناديق الانتخاب، وتم اختصارها بهذه الفعالية لا غير، وهذه خطيئة ارتكِبت بحقها. فكيف نحقق ديمقراطية، ونحن بلا قدرة على ابتكار فرص العمل، ولا آلية قانونية ودستورية لإعلاء قيمة العمل والجد والاجتهاد؟
إن ما نقوم به لا يمت بصلة للديمقراطية، وإنما يهينها ويعذبها ويذيقها ألوان الشقاء، في زنزانة الجهل والتجاهل والاندحار في صناديق التعتيق والإتلاف والخمود، مما أدى إلى التعفن وانطلاق رائحة الفساد الكريهة، التي طغت، فأصابت الجميع بالغثيان والهوان!!
واقرأ أيضاً:
اتحاد الأفكار والعقول!! / الدولة النائمة والدولة القائمة!! / مفاهيمنا العتيقة!! / العروبة الموجوعة بنا يا عرب!!