في صباي تولعت بالكاتب المصري عباس محمود العقاد، فقرأت ما تواجد من كتبه في مكتبة سامراء العامة، وجمعت جميع كتبه فيما بعد.
ومن كتبه التي شدّتني كثيرا كتاب (التفكير فريضة إسلامية)، وقد قرأته أكثر من مرّة، لأنه قد أرشدني إلى ضرورة التفكير، وكان جامعا للكثير من الآيات التي تحث على التفكير والتبصر والتعقل، وإعمال العقل في الأمور، والتفكر بالكلمات القرآنية ومعانيها ودلالات الآيات، وغيرها من المفردات المتصلة بوجوب التفكير عند الإنسان المسلم.
"حين يكون العمل بالعقل أمرا من أوامر الخالق، يمتنع على المخلوق أن يعطل عقلة مرضاة لمخلوق مثله، أو خوفا منه، ولو كان هذا المخلوق جمهرة من الخلق تحيط بالجماعات وتتعاقب مع الأجيال..."
فأول ما أنزل من السور، بدأت بكلمة "إقرأ"، وفيها ربط واضح ما بين القراءة والكتابة، ومضيت في تساؤلات منبثقة من التفكّر فيهما، فكيف نقرأ ونكتب ونرى ونبصر ونتصور، ومن أين تأتي الأفكار، ولماذا علينا أن نفكر، وما هو دور العقل في حياتنا، وأين العقل في واقعنا، وما يدور في عالمنا المعاصر.
تساؤلات تطورت ومضت تتوالد وتنمو مع الأيام.
فلا أدري كيف تذكرت هذا الكتاب بعد أن دارت العقود، ورحت أبحث عنه وأشتاق إليه، وأريد أن أقرأه من جديد، لكي أدرك ما لم أدركه حين كنت أقرأه.
ربما لأن ما يبدو في واقع الآثار والشواهد الإسلامية غير ما يُقال ويُحكى، فالذي يبدو أن الإسلام بقادته الأوائل كان ثورة فكرية، ونهضة معرفية توهجت وسطعت وتدفقت أنوارها من عيون الشمس والقمر.
فكلما أقف أمام معالم الأجداد، أقول لنفسي: "إنهم كانوا يتفكرون"!
وما يتحقق في زمننا المعاصر عبارة عن أمية وتجهيل مروّع بالدين، فالإسلام دين عقل ومعرفة، ولم يكن يوما دين أمية وتبعية وضيق أفق، وانغلاق في زوايا حادة، ذلك أنه يستوعب البشرية ويحتويها في بودقته الإنسانية المتسعة المطلقة الآفاق.
وبما أن الإسلام دين عقل وتفكير، فإنه لا يتفق مع أي سلوك وتصور ينافي العقل، ولا يقترب من المنطق وآليات التفاعل الحضاري الرحيم الذي يكفل حرية العقل والرأي والنظر.
ولا يمكن للإسلام أن يلغي الآخر أيا كان توجهه واتجاهه ومعتقده، وإنما هو دين الحكمة والموعظة الحسنة.
وعندما تبرز كلمة تكفير، فإنها لا يمكنها أن تكون ذات أصول إسلامية، ولا يُعقل أنها من الإسلام بصلة، إلا في رؤوس الجهلة التي تم برمجتها وفقا لغايات مضرة بالدين!!
"كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته"
"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"
" أوَ لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق"
فهل نعيش بعقل أم بغير عقل؟!!
ولماذا تم قلب مفردة تفكير إلى تكفير؟!!
علينا أن نفكر ونتفكر ونتدبر القرآن!!
واقرأ أيضاً:
مَنطِق اللا مَنطِق !! / طه حسين الروح التي أثمرت!! / سلوك الشكر!! / الشعوب تصنع سعادتها أو تعاستها!!
التعليق: معني كلمة الكفر عن طريق داعية: هي إنكار الملة. فالكافر هو منكر للإسلام وده واقع وحقيقة وإلا فلماذا غير المسلم هو غير مسلم؟ لأنه ينكر ملة الإسلام، فهو كافر.
بالفعل، أنا أقول الذي يرضي ربي وأكون أمة لله، مش أحاول زي ما بنقول في مصر "ألحس نعال" البعض علشان يرضوا عني.
وعلى المسلم إنه يكون مستقيما في كلامه بلا ادعاءات وربي وربك وديني ودينك والكلام ده.
الله سبحانه وتعالي ذكر في القرآن الكريم "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا (1) قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا (2) ماكثين فيه أبدا (3) وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا (4) ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا (5)"الكهف.
"لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار (72)"المائدة.
"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم (73)"المائدة.