ع.س.م لوسواس المرض فنيات العلاج1
ما تزال تشمل الاستراتيجيات المعرفية العلاجية في علاج وسواس المرض عددا من عيوب التفكير لابد من العمل عليها منها التفكير الاجتراري وأفكار ماذا لو؟ ومنها التشوهات أو التحيزات المعرفية، ومنها الافتراضات المعيقة والقناعات الخاصة بالصحة والمناعة والمرض -والتي لا تفيد إن لم تضر- ومنها كذلك عدم تحمل الحيرةِ أو الشك (عدم الاطمئنان المؤكد 100%)، إضافة إلى أهمية التعرف قدر الإمكان على 'قاعدة بيانات الصحة والمرض' الناقصة أو الخاطئة أيا كانت مصادرها -برامج فضائيات تلفزيونية، الإنترنت، الجرائد، الجيران الأصدقاء.. إلخ.-، فمثلا في بلد كمصر التي أعيش فيها لا يستبعد أن تجد من تظن السرطان مرضا معديا.... وتعيش وأسرتها وساوس وقهورات لسنوات دون أن يخبرها أحد بأن السرطان ليس مرضا معديا!
العمل على التحَيُّزَات (التحريفات) المعرفية
من المهم أثناء العلاج المعرفي ألا يَأْخذَ المعالج الكلمات بشكلها الظاهري، بل يجب البَحْث عن المعاني الفرديةِ الخاصة بالعميل لكلمات مثل الموت والألم والمرض...إلخ، ويمكن أن تستعمل تقنية "الاتجاه النازل Downward Arrow ” في استخراج المعاني الخاصة بالعميل مثلا: بالنسبة لك ما هو السيئ حول المَوت؟ أو ما هو السيئ حول الألمِ/المرض؟، أو بالنسبة لك ما هو السيئ حول عدم التأكد 100%؟
العمل على أسلوب تَفْكير 'ماذا لو حدث؟'.
ماذا لو كنت مصابا بـ....؟ ثم يبدأ نوع من التفكير الاجْتِراري والتساؤلات والتوقعات التي لا تنتهي، إذ يفكرُ المريض مراراً وتكراراً في المعلومات ويشك مثلا في معلومة ما بنى عليها أمرا طمأنه يوما ثم اكتشف اليوم أنه ربما سمعها خطأ وهكذا حتى أن تكرار محاولات التذكر كثيرا ما تؤدي إلى تحسبات وحسابات لا تنتهي وربما رافقتها صور عقلية مأساوية مثلا... لو كنت مصابا بفيروس سي الكبدي سأصبح مريضا جدا وينتهي بي المطاف في المستشفى وربما يعجز أهلي عن شراء الأدوية اللازمة، وأبقى في المستشفى الحكومي مرغما وربما تمنع عني الزيارات، وربما سيجبرني مرضي على التخلي عن عملي، ويرى في عقله صور العائلة في حالة الفقر والاحتياج....إلخ
كل هذا كان يمكن ألا يحدث لو أن الاستجابة الأولى لسؤال ماذا لو كنت مصابا بفيروس سي جاءت مختلفة مثلا إذا كان هذا صحيحا سأتعامل معه في وقته، ثم محاولة تخيل احتمالات أخرى أقل تهديدا فما دامت الأمور في المستقبل فهي تخمين فلماذا نتشاءم ولا نتفاءل؟ وهناك نقطة مهمة عند غالبية المسلمين في مجتمعاتنا غالبا يتطرق إليها الحديث تتعلق بكلمة "لو" وحديث "لو تفتح عمل الشيطان" لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا, ولكن قل: قدر الله, وما شاء فعل; فإن لو تفتح عمل الشيطان) صدق صلى الله عليه وسلم رواه مسلم وغيره، فإن هذا الحديث ينهى عن لو التي تتعلق بلوم النفس عند المصائب على تقصير أو اختيار كان في الماضي مع اعتقاد أن لو فعله لتغير القدر، والصحيح أن يرد ذلك إلى مشيئة الله تعالى لأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله وعليه أن لا يسرف في محاسبة نفسه على قدر مضى, أو باختصار واختزال "لو" المحرمة هي لو فعلت كذا لما حدثَ كذا! ولكن استخدام لو متعلقة بأمر في المستقبل ليس محرما إلا إذا اعتقدت في فعل يمنع القدر، وأزيد أنا إلا القلقى والموسوسين فهؤلاء قد يأخذون "لو" المتعلقة بالمستقبل أخذا بعيدا يبقيهم في حالات ودرجات شتى من الخوف والحذر المعيق ولوم النفس والترقب والاكتئاب..... وغالبا يعود الحديث مع المريض إلى السؤال عن الصور العقلية التي تضايقه أو تبكيه أثناء اجترارته الفكرية السلبية.
العمل المعرفي على الاستنتاجات المتسرعة Jumping to Conclusions :
ويعني الوصول أو بالأحرى القفز إلى استنتاج سريع بناء على معلومات قليلة أو ناقصة، والحقيقة أننا جميعا نتعلم هذا الأسلوب في التفكير والاستنتاج منذ نعومة أظافرنا، وربما نمارسه بدرجات متفاوتة لكن هناك فرقا بين من يفعلون ذلك وهم واعون به وبالتالي يسمحون باستنتاجات أخرى وبين من يفعلونه دون وعي ويسلكون سلوكا ما بناء على ذلك الاستنتاج المتسرع وهو السلوك الذي غالبا ما يكون سلبيا فيؤدي إلى نتائج سيئة.
وهناك طريقتان للتفكير تقودان للوقوع في هذا النوع من تشوهات التفكير (McK et al., 2007) في الأولى يفترض الشخص معرفته بالنوايا الحقيقية للآخرين أو ما يسمى بقراءة العقول Mind Reading حيث يعطي الشخص استجابة متسرعة لسلوك شخص آخر بناء على استنتاجه المبني على معرفته بالنوايا (غالبا السلبية) للآخر، وتنتمي الأفكار هنا إلى النوع الزوراني ويظهر هذا النوع في مرضى وسواس المرض بشكل أقل من النوع الثاني لكنه أحيانا يكون موجودا ومؤثرا مثل من يشك في نتيجة فحص ما لأنه يعرف أن زوجته ربما غيرت نتيجة الفحص حفاظا على حالته النفسية؛
وأما الطريقة الثانية فهي عندما يقفز شخص ما إلى نتيجة سلبية بسبب قناعة لا أساس لها بأن الأمور ستنتهي بشكل سيئ أو سلبي، ففي حالات وسواس المرض مثلا عندما يلاحظ المريض كتلا صغيرة تحت فكه فإنه يستنتج مباشرة أن لديه سرطانا قاتلا، أو يفكر هكذا: "أنا أَتعرّقُ أكثر مِما يَجِبُ أَنْ أعرق في هذه الموجةِ الحارةِ، أنا لابد أن أكُونَ مريضا" ويعرف هذا النوع من تشوهات التفكير بقراءة الغيب Fortune Telling ... ويذكرنا هذا برد الإنسان العادي في مجتمعنا عندما يسرف أحدهم في توقع حدث أو نتيجة سيئة "وهل كنت عرفت الغيب يا أخي!"... فيرد الآخر العادي أستغفر الله وينتهي الأمر، أما مريض وسواس المرض (المتشائم الذي يتوقع السوء) فيرد: أستغفر الله .. والله عارف لكن لا أستطيع منع نفسي!
ومن المهم أن يحاول المعالج معرفة سبب اتصاف العميل بهذا الميل فكثيرا ما ينتج الميل للاستنتاج المتسرع من إحساس متضخم بالوعي والدراية أو الحدس حيث يعتقد المتصفون به أنهم قادرون على اتخاذ القرارات الصحيحة بناء على أقل معلومات وبعضهم ربما يعتبره نوعا من سرعة البديهة!، وبعض من يقرؤون الغيب يستنتجون التطابق بين حدثين بناء على خبرات سابقة لمجرد التشابه الجزئي بينما يؤمن من يقرؤون العقول بأنهم ذوي قدرات خاصة في الحدس، لكن ليس هذا فقط ففي بعض الحالات ينتج الاستنتاج المتسرع عن خبرات حياتية سيئة -خاصة تلك المتعلقة بالصحة والمرض- أو التعرض للخيانة وبالتالي يستشعر الشخص الخطر من كل اتجاه بسبب الخبرات السيئة المتكررة (McK et al., 2007).
الخطوة الأولى في تجنب الوقوع في هذا النوع من التشوه المعرفي هي أن يفهمه المريض أي أن يفهم كيف ولماذا يحدث لديه هذا النوع من الاستنتاج ثم أن يتعلم الانتباه إليه حين يحدث، كذلك يقوم المعالج بتبصير المريض بكم الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها أو ارتكبها بالفعل بسبب هذا النوع من الاستنتاج... ثم يبدأ التدريب بعد ذلك على تعلم مهارة النظرة الكلية للأحداث واعتياد محاولة الإحاطة بتأثيرات العوامل المختلفة في حدث ما قبل التسرع في الاستنتاج، فعليه مثلا عند توقع نتيجة حدث ما أن يأخذ في اعتباره إمكانية حدوث النتيجة الإيجابية والنتيجة المتعادلة والنتيجة قليلة السلبية وليس فقط فائقة السلبية، وأن يذكر نفسه بأن ارتباط حدث ما بنتيجة سيئة في الماضي لا يعني أنه كذلك دائما أبدا.
العمل على التفكير الكارثي Catastrophizing
ينقسم التفكير الكارثي إلى جزئين الأول هو التنبؤ بنتيجة سيئة أو إعطاء تفسير سيئ والثاني هو الاستنتاج المتسرع أن النتيجة السيئة لو حدثت (أو التفسير لو صح) فستكون كارثية الوقع، فمثلا عند اكتشاف كتلة ما تحت الجلد يتنبأ مرضى وسواس المرض بأنها لابد تكون علامة سرطان ولو صح ذلك فلا لا أحد يشفى من السرطان، ونجد كذلك كلا من التهويل لوقع النتيجة السيئة (السرطان) والتهوين لقدرة المريض على المجابهة والسيطرة على السرطان.
ومن أساليب العمل المعرفي على هذا النوع من التشوهات المعرفية ما يسمى "بتقنية ماذا لو؟" أو أسئلة "السيناريو الأسوأ" مثلا ماذا لو حدث أنك أصبت فعلا بالسرطان ماذا ستفعل أو كيف ستكون؟ ثم يستمر الاكتشاف الموجه بعد ذلك لجعل رؤية المريض واقعية حتى يجيب على السؤال بشكل يوضح لا ما يخشى هو منه وإنما ما يمكن واقعيا أن يحدث إذا صحت مخاوفه.
العمل على التَفْكير الثنائي Dichotomous thinking أو ”بالأبيض والأسود“:
يمكن أن نجد مثل هذه الطريقة في التفكير "إذا لم أكن خاليا تماما من الأعراض فلابد أنني مريض“ أو ”يجب دائما أن أكون مطمئنا إلى أن كل أجهزتي على ما يرام“ بمثابة المحرك المعرفي الشعوري الذي يدفع المريض للدوران في حلقات إدامة وسواس المرض، فلا قبول يكاد يكون حتى لمجرد الأعراض البسيطة العابرة لأن عدم السواء 100% يساوي المرض العضال، ومثل هذا التفكير شائع في الكماليين من الأشخاص ولعله أهم ما يهيؤهم للإصابة بالاكتئاب ذلك أنه كلما زادت الأفكار تطرفا زادت المشاعر حدة وزادت بالتالي التهيأة للاكتئاب.
لابد من الاتفاق أولا على عدم إنسانية المعايير الكمالية التي غالبا ما تصاحب هذا التشوه المعرفي، ولابد من الاستعداد لقبول الخطأ والتقصير، ومن أساليب العمل المعرفي على هذا النوع من التشوهات المعرفية "التدريج Scaling " أو التدريب على القياس بحيث يتم تحويل الثنائيات الحدية إلى متصل مسلسل، من خلال الانتباه إلى استخدام الشخص لكلمات مثل (أبداً، دائماً، مطلقاً، نهائياً، كل مرة،...).. ثم المناقشة في سبب استخدامها وبيان عدم مطابقة ذلك للواقع، بعدها يتم التدرب على السماح بالأخطاء والهفوات الصغيرة... إلى أن يتمكن الشخص من رؤية المعاني والمواقف والحالات كنقاط مختلفة على متصل فهناك الأفضل والأسوأ وبينهما درجات متعددة.
العمل المعرفي لتغيير القناعات Questioning Beliefs إعادة عزو الأعراض :
كما ذكرنا من قبل يميل مرضى المراق بشكل خاص إلى إساءة تفسير المعلومات الصحية ذات الصلة، ويجدون فيها تهديدا أكثر مما تحتمل واقعيا، كما يميلون أيضا للانتباه الانتقائي، وإساءة التفسير، للمعلومات أو الأعراض التي تؤكد قناعاتهم أو تؤجج مخاوفهم، ويميلون دائما إلى إغفال أو استبعاد الأسباب غير الخطيرة أو الشائعة لأعراضهم الجسدية، أو التي تنافي قناعاتهم، وبالتالي فإنهم يقعون في فخ استبعاد كل الاحتمالات الطيبة، ومن أجل ذلك فإن عملية إعادة عزو الأعراض هي حجر الزاوية الرئيسي في العلاج.
وتنجز إعادة العزو معرفيا من خلال طرق وأساليب عديدة منها: إعادة التعليل الشفويةِ وجَمع الأدلّة للفرضياتِ البديلةِ من خلال التجارب السلوكة وتَعديل الافتراضاتِ/والقناعات، ومنها سجلات أفكارِ قلقِ الصحةِ ومناقشة الاحتمالات، ومنها أيضًا لوحات الفطائر Pie Charts وتقنية الهرم المقلوب Inverted Pyramid Technique ، وأيضًا تعديل التخيلات Imagery Modification والعمل على الصور العقلية بحيث يتم في النهاية الوصول بالاكتشاف الموجه إلى تفسير أكثر واقعية وأقل كارثية لأعراض المريض (Salkovskis, et al., 2003) .
لوحات الفطائر في قلق الصحة
تعتبر تقنية لوحات الفطائر من وسائل العلاج المعرفي المفيدة جدا في علاج مرضى وسواس المرض، فإذا كان العرض المقلق للمريض هو ألم في الصدر يفسره هو بالذبحة الصدرية ويعتقد في صحة ذلك بقوة حوالي 90% فإن المعالج يناقشه ويسأله ليصلا معا إلى كتابة قائمة للأسباب المحتملة لألم الصدر بما فيها الذبحة الصدرية بل بداية بها باعتبارها التفسير الأكثر كارثية وإخافة للمريض، ثم ينتقلان إلى ما يليها من أسباب لألم الصدر حتى ينتهيا من إعداد القائمة ثم يبدأ المعالج في رسم الفطيرة ومن ثم تقسيمها بسؤال المريض عن النسبة المئوية التي يمكن أن يشارك كل سبب محتمل بها في إحداث الألم في الصدر مبتدئين من أسفل القائمة، وهو ما يعني أن التفسير الكارثي سيبقى له جزء أضأل كثيرا مما كان يشعر المريض مثلا:
يتم التعرف أولا على القناعة الخاطئة: ولتكن "الحمى القلاعية ==== إسهال + ارتفاع درجة الحرارة أي أن إسهال + ارتفاع درجة الحرارة ==== حمى قلاعية، وتسجل قوة اعتقاد المريض بها مثلا قوة الاعتقاد = 90%، ثم يطلب من المريض كتابة قائمة بكل أسباب الإسهال مع السخونة –هذا الصيف- مبتدئين بالحمى القلاعية وعندما تكتمل القائمة يتم ملء لوحة الفطيرة بالنسب المئوية مبتدئين من أسفل القائمة ثم يتم السؤال عن قوة الاعتقاد في أن "إسهال + ارتفاع درجة الحرارة ==== حمى قلاعية" فنجد أنه هبط إلى حوالي 40%.
أو مثلا : قناع بأن "الورم في المخ ==== صداع شديد مع زغللة" أي أن وجود صداع شديد مع زغللة عند المريض ==== أن لديه ورما في المخ... وقوة الاعتقاد في ذلك حوالي 90% ، فيطلب من المريض كتابة قائمة بكل أسباب الصداع الشديد مع زغللة في هذا الوقت من العام مبتدئين بورم في المخ، وعندما تكتمل القائمة يتم ملء لوحة الفطيرة بالنسب المئوية مبتدئين من أسفل القائمة وحين السؤال مرة أخرى عن قوة الاعتقاد = نجده أصبح أقل من 50 % (Salkovskis, et al., 2003) .
تقنية الهرم المقلوب
وتستخدم هذه التقنية لبيان الإدراك المفرط للخطر الذي يميز مريض وسواس المرض وغيره من مرضى القلق عموما، وفي حالات وسواس المرض يطلب من المريض تخمين: عدد الأشخاص الذين يمكن أن يعانوا من عرض معين، في يوم ما ثم عدد الأشخاص الذين يستمر العرض لديهم وعدد الذين يستشيرون الأطباء بخصوص ذلك العرض ثم عدد الذين يطلب منهم الأطباء فحوصا لأنهم اقتنعوا بخطورة الأعراض، ثم عدد الذين تقيم حالاتهم من قبل الأطباء بعد الفحوص بأنها خطيرة؟ وأخيرا عدد الذين لا يستجيبون للعلاج؟.... ويمكن بعد تدريب المريض على هذه التقنية أن يمارسها وحده بين الجلسات سواء على أعراض حدثت بالفعل وانتهت أو على أعراض آنية أو مخشية في المستقبل ( Salkovskis, et al., 2003 ).
العمل على الصور العقلية:
تعتبر الصور العقلية أكثر ارتباطا بالعاطفة من الأفكار اللفظية، وعادة ما تكون الصور المرتبطة بالمخاوف الصحية عامة وفي مرضى وسواس المرض خاصة صورا قوية ومقنعة للمريض، وكثيرا ما ينظر إليها باعتبارها صورا تنبؤية بما يمكن أن يحدث أو بما سيحدث، وكاستجابة دفاعية كثيرا ما تتوقف الصور مباشرة قبل أو عند نقطة كارثية، ففي محاولة لقمع الصور العقلية المؤلمة عادة ما يمنع المرضى الصور قبل أن تصل إلى أسوأ نقطة، إلا أن هذه الاستجابة الدفاعية كثيرا ما تكون سببا في استمرار القلق والتوجس والقناعة بالخطر.
ومن أمثلة الصور: صور أوعية دموية تنفجر، صور الشلل والسرطان وغيرها، صور لأفراد العائلة في جنازة الشخص، صور لأشكال الهوان تلحق بالابن اليتيم....إلخ.... وكثيرا ما ترتبط صور أو سيناريوهات معينة بمخاوف معينة كما يبين الجدول التالي، ومن المهم باستخدام تقنية السهم النازل معرفة المعاني المرتبطة بالصور بالنسبة للمريض، مثل "أن تكون ميتا يعني أن تكون وحيدا واعيا بنفسك كجثة، وتراقب محنة الأهل من حولك" ومثل "أن تكون ميتا يعني أن تكون وحيدا مسجونا في جسمك إلى الأبد" أو "أن تكون منسيا تماما، حتى من قبل أقرب المقربين" و"أن تكون مريضًا يعني أنك ستودع في المستشفى غصبا وتمنع عنك الزيارة أو ربما يتخلى عنك الأقارب" أو "يعني أنك ستكون عاجزا فقيرا"...إلخ
وللعمل على ذلك يطلب من المرضى أثناء الجلسة التعرف على صورهم العقلية والأفكار الاجترارية ووصفها بصوت عالٍ مع إغماض العينين والحكي، ثم يتم تقييم تأثير ذلك على الحالة المزاجية والوعي بالأعراض، والاقتناع بالمرض، وأخيرا يسأل المريض "ما رأيك في ذلك؟" وما مزايا وما عيوب هذا الاجترار للأفكار والصور؟
الأفكار والقناعات أو المخاوف | الصورة أو السيناريو المتخيل |
لدي مرض في القلب | الذات: جثة متعفنة والأهل في حداد |
ربما عندي الإيدز | صورة الميت والقعيد، والعاجز |
هذا قد يكون سرطانا | صورة الابن والزوج من بعدها سعداء وقد نسياها |
أنا مريض جدا وسينتهي بي المطاف في المستشفى | أبقى في المستشفى مرغما وتمنع عني الزيارات |
سيجبرني مرضي على التخلي عن عملي | صور العائلة في حالة الفقر والاحتياج |
ولتعديل الصور يشرح المعالج للمريض كيف يحافظ القمع على الأهمية العاطفية للصورة بمعنى أن إيقاف السيناريو المصور مباشرة قبل النقطة الكارثية أو عندها دون استكمال هو نوع من التحاشي الذي يساعد على استمرار المشكلة ويطلب من المريض بعد ذلك يحاول تركها تستمر، وعند هذه النقطة يمكن مناقشة الأدلة والاحتمالات والبدائل المختلفة لمسار نفس السيناريو، كذلك يفيد إدراج معلومات جديدة في الصورة أو السيناريو بحث تقلل محتوى التهديد المستقبلي مثلا: صورة مستنسخة للذات واضحة وسليمة من كل الأمراض بعد 10 أعوام مع الأسرة، أو صورة مع العروس في حفل الزفاف بعد عدة سنوات....إلخ
ومن المهم في المرحلة الأولى للعمل المعرفي السلوكي لإعادة عزو الأعراض أن يقوم المعالج بمساعدة المريض على تحديد أخطاء التفكير لدي في تفسيره للأحاسيس الجسدية والمعلومات الصحية. وتشمل الأخطاء الأكثر شيوعا الاستنتاجات المتسرعة أو القفز إلى استنتاجات، والتهويل والتفسير الكارثي.
ويفترض أن تؤدي هذه المرحلة عند نجاحها إلى توليد التفسيرات البديلة، كتفسيرات أقل تهديدا، ويتم ذلك من خلال الأسئلة النموذجية مثل "ما هو الدليل لدي لهذا الاعتقاد؟" "هل من تفسيرات بديلة يمكن أن تكون موجودة؟" و"ما هي مزايا وعيوب التفكير بهذه الطريقة؟" وعلى المعالج التأكد من أن المريض يستطيع أن يولد التفسيرات البديلة، كاستجابة عقلانية، وأنه يستمر في استخدام تقنيات إعادة العزو بنفسه بين جلسات العلاج، ومن المهم للمعالج ألا يسرف في إعادة العزو لكل عرض وأي عرض يذكره المريض وإلا فإن إعادة العزو في حد ذاتها يمكن أن تتطور مع المريض إلى نوع من إدمان طلب الطمأنة، وأخيرا يفضل دائما أن ينظر إلى الاستجابة العقلانية كفرضية، ليتم اختبارها في التجارب السلوكية، والتي تشمل التحدي المباشر بالتجريب العملي، كما تشمل تناوب المراقبة / عدم المراقبة وأيضًا إجراء المسوح Surveys
وتهدف التجارب السلوكية إلى مساعدة الشخص ليكتشف أن ما يخشاه لن يحدث من خلال اختبار التوقعات، ولاستكشاف "الحقيقة" حول القناعات وترسيخ القناعة بأسباب غير مرضية للأعراض، فضلا عن مساعدته على اكتشاف دور عوامل الإدامة كما بينا من قبل، وأيضًا لمساعدته على اكتشاف دور التفكير السلبي في زيادة الأعراض بشكل عام وأخيرا مساعدته على معرفة ما إذا كان استخدام استراتيجية بديلة سيكون مفيدا.
وفي المناقشات أثناء الجلسة يجب الربط والتشبيك بين المناقشة والتقنيات اللفظية وبين التجارب السلوكية، لمساعدة المريض على الاستفادة من خبراته الماضية وفهم التفسير البديل الذي تظهره التجارب والذي هو بصدده، كذلك تستخدم التجارب السلوكية لجمع معلومات جديدة لتغذية المناقشة، وعلى المعالج دائما أن يرسخ قاعدة "لا تثق بي، واختبر بنفسك" من أجل تطوير القدرة على المجابهة الذاتية لوسواس المرض.
المراجع:
يتبع>>>>>>>: ع.س.م لوسواس المرض منع الانتكاس
واقرأ أيضاً
طيف الوسواس OCDSD اضطراب قلق المرض : وسواس المرض Hypochondriasis