العيوب ليست في الشعوب، ولكن بمن يقودها!!
البشر ومنذ انطلاق المجتمعات وتأسيس الحواضر والدول والإمبراطوريات، هو ذاته، بهيأته وجيناته الوراثية، وسلوكياته الناجمة عن التفاعل بينه وبين محيطه.
والبشر مهما كان أصله ونوعه وثقافته يتفاعل مع الواقع الذي هو فيه، حفاظا على نوعه وتواصل نمائه الفكري والثقافي والإبداعي. وبرغم ضعف وسائل الاتصال في الأزمان السابقة، لكن التواصل ما بين المجتمعات قائم وفقا لمعطيات تلك الأيام.
ومن الواضح في مسيرات البشرية، أن القادة هم الذين يصنعون الحالة السائدة في المجتمعات، ويرسمون معايير السلوك والتفاعلات، ولا توجد حالة واحدة تألقت من غير قائد استطاع أن يستوعبها ويستثمرها لتجسيد رؤيته وتطلعاته. والتأريخ يحتشد بالشواهد والأدلة الدامغة والرموز، التي أنارت مسارات الناس في بلدانها.
والقائد الوطني هو الذي يجسد الروح الوطنية، ويجمع أبناء وطنه تحت راية واحدة، ويكون النموذج الواضح، ويقوم بالدور الأمثل لتأكيد ذلك. وعندما تعجز المجتمعات عن إنجاب قادتها الوطنيين، فإنها لا تستطيع أن تكون وطنية السلوك والتفاعل، مهما تصورت أو توهمت.
وفي هذه الأيام، أخذنا نقرأ مقالات غريبة، تتهم الشعب بأنه لا يمكنه أن يكون قادرا على العيش في وطن، والتعبير عن السلوك الوطني، وفي هذه المقالات تنزيه كامل للقادة السياسيين، وكأنهم الأنبياء والأتقياء، والعيب في الشعب الذي لا يريد الوطن والوطنية، وإنما يتمترس في خنادق ووديان، ويسعى إلى الانتحار الحضاري الخلاق.
هذا تحليل ضعيف، واقتراب بائس، وربما تعبير عن إرادة ذات غايات! فلا يوجد شعب على هذه الأرض قد صنع نفسه بلا قائد!!
الشعوب مواد أولية، أو خامات وطنية بحاجة إلى قيادة ذكية واعية، تمتلك مهارات تصنيعها وإلهامها وتهذيب سلوكها، وتحرير طاقاتها بما هو نافع وصالح. فالدول الوطنية، صنعها قادتها، وما فيها يزيد عما فينا من التناقضات والتباينات، ومجتمعات البلدان المتقدمة، أشد اختلافا من أي مجتمع في الدنيا، لأنها تضم جميع أصناف البشر الذي يعيش فوق الأرض، لكنها، تعزز السلوك الوطني المتآلف والمحكوم بدساتير وقوانين إنبثقت من رؤية قادتها المتراكمة على مرّ الأجيال. فليس صحيحا أن نتهم الشعب بأنه مُعاب، وننسى القول بأن العيب الأساسي والكبير في الكراسي المكسورة، وبمن يحسبون أنفسهم ساسة وقادة، وهم لا يصلحون إلا للخراب والفساد، وذر الرماد في العيون!!
فهل سنتعلم كيف ننصف شعوبنا ونحاسب حكامنا؟!!
واقرأ أيضاً:
الشعوب تصنع سعادتها أو تعاستها!! / الانسكاب الحضاري!! / اعرف طريقك!! / تأجيل وتعجيل؟!!