يبدو أننا نعرّف الأشياء كما يحلو لنا، لا كما هيّ عليه!!
وهذا خلل فكري وحضاري عربي دامغ ومروّع، استهلك الأجيال ودحرجها نحو مهاوي الضياع والنسيان!
وعلة ذلك إلقاء ما فينا من مُدركات سلبية خاطئة على ما حولنا من مواقف وتحديات وموجودات متفاعلة، وتدفع لهذا السلوك العواطف والانفعالات المتراكمة فينا على مرّ العصور!
فمداركنا مصابة بتشوهات متنوعة، ومواقفنا متمترسة خلف ثوابت بالية، وتصورات متأسنة، ومعتقدات ذات أضرار فادحة، تعزز فينا استلطاف التظلم ودور الضحية، وكأن فينا توقا شديدا لذرف الدموع ونزف الدماء وإلغاء ما عندنا من طاقات الإبداع والحياة الأبهى.
والأمثلة كثيرة، وآخرها تعريفنا للديمقراطية، وسلوكنا الناجم عنه، حيث عفرنا أسمى المثل والقيم والمعاني الإنسانية، بأقبح الأفعال والأعمال المخزية السقيمة الخالية من قدرات بناء الحاضر والتطلع لمستقبل أفضل وأجمل.
ولا تزال تعريفاتنا متعارضة ومناهضة لجوهر فكرة الديمقراطية، لكننا نحسب تعريفنا الناسف لها هو الديمقراطية التي علينا أن نجسدها ونعمل على تحقيقها، حتى ولو دمرنا البلاد والعباد.
ومن الأمثلة الأخرى، تعريفنا للوطن والوطنية والمواطنة، التي لا تزال مجردة من تعريف ثابت معلوم تتوارثه الأجيال، فكل نظام حكم يأتينا بتعريفاته ومنطلقاته التي تخدم مصالحه الضيقة، ويتجنب الخوض في ممارسات ذات نتائج تعزز سلوك المصالح الوطنية المشتركة.
ويبدو أن مسيرة الأجيال ستمضي في هذه الدائرة المفرغة من التداعيات، إن لم تنهض عقول الأمة النابهة المنورة، وتتحدى بمنطقها وعملها الفكري الريادي، لصناعة التعريف الواقعي الحقيقي للكثير من المنطلقات والمسميات، التي أسهمت في إيقاد مراجل التداعيات والخسران على مرّ العقود.
إن الأمم والمجتمعات لا تكون من غير منطلقات حضارية واضحة، وقابلة للأخذ بالطاقات الإنسانية إلى آفاق التحقيق والتأثير الإيجابي في الحياة، ولهذا كان للفلاسفة والمثقفين دور فعّال في صياغة خارطة الانطلاق الحضاري، المؤيدة بتفاعل وتواصل الأجيال الواعدة بالعطاء والإبداع الفياض.
فهل لدينا قدرات التعريف، أم أننا منهمكين بالتحريفات والتخريفات التي جلبت علينا من السوء أسوءه؟!!
واقرأ أيضاً:
العيوب والشعوب!! / تأجيل وتعجيل؟!! / ماندلا وما عندنا؟!! / الصفر يا أمة الصفر!!