الصفر اختراع عربي أصيل أسهم في تسهيل إجراءات الحساب والعلوم الرياضية، وقد أوجدته الأمة عندما كانت صفرا على اليمين، أي قوة مؤثرة بأصفارها التي تضاعف القيمة والقوة الحسابية والحضارية.
ومضت على مدى قرون تضيف أصفارا تلو أصفار على يمين الرقم الحضاري الإنساني.
لكن هذه الأمة المؤزرة بالأصفار، تحولت إلى صفر على يسار الحياة المعاصرة، ومضت تضيف أصفارا بعد أصفار لا تجدي ولا تنفع.
ولم يكن ذلك صدفة، وإنما قد نجم عن آليات تفاعلت وتواصلت، لتدفع بأصفار وجودنا من اليمين إلى اليسار.
وفي مقدمتها الإمعان بالتصفير، أي تفريغ ما فينا من طاقات إبداعية ابتكارية ذات علاقة حية بزمانها ومكانها، وهذا التصفير الخلاق، قد ترادف مع عوامل ذات قدرات على تحويل أي رقم عربي، مهما كانت قيمته إلى صفر على اليسار، بعد إدخاله في طاحونة التحريف والتضليل والإفك والتكذيب الخلاق.
وحتى وجدتنا أمة تجلس في بيداءٍ بلا رموز سامقة وأنوار ساطعة، فاستطاع الحندس أن يتسيّد، والظلام أن يتوطن النفوس والآفاق، حتى انعدمت الرؤية، وتم تغييب الأجيال في مستنقعات التصفير الذاتي والموضوعي.
وأصبحنا اليوم أعباءً على أي رقم حضاري، يريد الاستقواء بأصفارنا التي أنكرناها، وأفرغناها من طاقات الإضافة النوعية، والقدرة اللازمة للتفاعل مع إرادة العصر ومنطلقات الغد الأقوى.
فالصفر هو الصفر، لكن مهارات تبوئه للمكان تحدد قيمته وأهميته، ودوره وثقله وتأثيره .
فهل سندرك أصفارنا ونمنع تصفيرنا؟!
واقرأ أيضاً:
تأجيل وتعجيل؟!! / ماندلا وما عندنا؟!! / تعريف اللاتعريف!! / السياسة هوايتنا!!