القانون الكوني المتحكم بالوجود، يتلخص بالجريان، أي أن كل طاقة حاصلة في أي مكان، أيا كان، عليها أن تجري وتنساب وتستوعب مداها المكاني والزماني. فالطاقات وجدت للتفاعل والانسياب في دائرة الأكوان المغلقة المفرغة، السرمدية الحركة والدوران حول جوهر المطلق ونواة البرهان.
وكل طاقة مهما كبرت أو صغرت، إن لم تجرِ فإنها تتسبب في انبعاجات واضطرابات لا تحصى. ولا تشذ عن هذا القانون الطاقات النفسية، التي عليها أن تجري وتتفاعل وتستوعب مداها، وتملأ آفاق ذاتها وموضوعها. وأي انحباس لهذه الطاقة سيؤدي إلى انبعاجات سلوكية وانفجارات تعصف بكل ما له علاقة بها.
وفي واقعنا العربي نعاني من الاختناق النفسي، لغياب المنافذ اللازمة لانطلاق الطاقات الكامنة في الإنسان، وعلى رأسها الطاقات النفسية المتولدة من القوى المحبوسة في الأعماق العربية، خصوصا أعماق الشباب والمتطلعين نحو مستقبل يتفق ما في دنيا الأجيال من طاقات، لم تتمكن الأمة من استثمارها وتوظيفها لصالحها الحضاري والإنساني.
وقد نجم عن هذا الانحباس المنضغط الشديد الحرارة والقدرات، العديد من التداعيات والانبعاجات والثورات البركانية، التي ألقت بحجمها على دروب المسيرة فغطت السبل كلها وتصاعد الدخان، الذي أدى إلى انعدام الرؤية وتخبط الناس في دوامة الحيرة والعجب.
وبانسكاب الطاقات من بيداء وجودها، فإنها مضت كالسيل العارم، الذي يحفر مجراه وفقا للحالة البيئية والجغرافية، التي يمرق بكل ما أوتي من قوة فيها، ويحفرها حفرا شديدا لكي تتمكن من استيعاب مياهه المتدفقة، المتزايدة الوثابة نحو تحقيق إرادتها في العطاء والنماء.
ولعدم وجود خارطة واضحة لتوظيف الطاقات العربية المتفجرة، فإن الفيضانات ستطغى وتبقى عارمة في أرجاء البلاد، حتى تتمكن من هندسة الممرات والمجاري اللازمة للاستيعاب والاستثمار.
فلماذا لا نشق أنهار وجودنا بسواعدنا ورؤيتنا الوطنية الإنسانية المعاصرة؟
واقرأ أيضاً:
ليكن عام محبة!! / وعلى الأرض السلام!! / الميزان!! / لنحاور أنفسنا قبل أن نتحاور؟!!