لا شك أن غراميات قصر الإليزيه هذا الأسبوع أشبه بفيلم عاطفي من بطولة فرانسوا هولاند الشهير بكونه الرئيس الفرنسي الأقل شعبية في العصر الحديث. أما البطولة النسائية لهذا الفيلم الغرامي فهي مجرد أدوار مساعدة لا بطولية ولا أظن أن أي منهن سيتم ترشيحها إلى جائزة كان للأفلام السينمائية.
الشعب الفرنسي خاصة وجميع غرب أوربا لا تبالي بغراميات رجال السياسة على عكس بريطانيا والولايات المتحدة حيث ترى هذا الأمر يقترب إلى كونه حالة مرضية. ربما يعود السبب إلى فضيحة بروفيمو وزير الدفاع البريطاني في الستينيات وعشيقته كريستين كيلر التي كانت على علاقة بالسوفييت أيامها. أشهر ما يمكن أن تتذكره عن هذا الغرام هو مقولة كريستين الشهيرة حين أنكر الوزير العلاقة قائلة: "سيقول هذا... أليس كذلك؟" " He would say that ..would n’t he?” أصبحت هذه المقولة أشبه بالمثل الشعبي لإنكار الحقيقة الواضحة.
هناك أسطورة عن الشعب الفرنسي والحب والغرام في ضواحي باريس والإليزيه لا تخلو من الغلو. هذه القصص والروايات مليئة بالخيال عن الرقة الفرنسية وروعة المرأة الفرنسية في أناقتها وجمالها وغرامها يصعب إثباتها. ترى هذا الخيال والأساطير دخلت حتى في الفولكلور العراقي الشعبي تتعلق بزيارة الفنان الراحل حضيري أبو عزيز إلى باريس. يتداول أهل بغداد هذه الرواية والمثل الشعبي المشتق منها بل ويحلفون بأغلظ الأيمان عن استماعهم لحديث حضيري أبو عزيز أثناء مقابلة تلفزيونية. بصراحة لا أصدق الرواية وأظنها من صنع الراوية بعد الآخر.
سلوك من ترأس فرنسا ودخل قصر الإليزيه لا يخلو من العجب والأساطير. المسيو شيراك وغرامياته لا تختلف تماماً عن غراميات بعض الشعراء والمشاهير التي دونها صاحب الأغاني. تصور هذه الأساطير القوة الجنسية الهائلة لهؤلاء الرجال ولا شك لو كان صاحب الأغاني بيننا لدون غراميات شيراك. أما ميتران فكان يجمع بين امرأتين في القصر علانية وتعجب أهل الصحافة الفرنسية لفضول صحفي بريطاني وتفاهته في سؤال الرئيس عن هذا الأمر في قاعة المؤتمرات المزينة بثمانية ثريات رائعة منذ عام 1869. غير أن ميتران كان شخصية في غاية التعقيد ويستحق مقالة لوحده. كان أقرب إلى كلبه الوفي من أي مخلوق آخر.
أما ساركوزي فقد كانت شريكته الإيطالية كارلا الشبه فنانة مشهورة ببذخها. كانت تصرف ما يقارب 60 ألف دولار شهريا ويشمل ذلك رواتب حاشيتها. أما عشيقة هولاند Ms Trierweiler فلا تصرف أكثر من 20 ألف يورو شهريا. أصيبت مدام تريويلر بالهستيريا ولا تطلب سوى أن تكون سيدة الإليزيه الأولى وستسامح الشقي فرانسوا على علاقته بمدام كايت Ms Gayet.
صعد فرانسوا إلى زعامة الحزب الاشتراكي على أكتاف شريكته الأولى سيكولين رويال التي خسرت الانتخابات ضد ساركوزي. تميزت المدام رويال بأناقتها وذكائها وصدقها الحديث على عكس المسيو هولاند. افترق عن المدام رويال وباشر برئاسة الحزب الاشتراكي ووصل السلطة مع وعوده الخيالية في الاستمرار ببذخ الدولة المالي وأدى ذلك إلى وضع فرنسا في حضيض أوربا اقتصاديا وأدرك الرئيس عدم قدرته على التنفيذ بوعود لا يمكن تحقيقها.
لم تنفعه سياسته الخارجية في كسب التأييد الجماهيري ولجأ إلى فضح نفسه خلال أقل من 24 ساعة من ليلة ساخنة تصور الكثير بأنه كان في حاجة لها بعد زيارته للسعودية. لكن الشعب الفرنسي لم يبالي كثير بهستيريا هولاند ولا هستيريا شريكته في القصر ولا موقف عشيقته الجديدة وإن سألتهم عن هذه الغراميات لأجابوا Banal أو عادي.
سأل الصحفيون يوم أمس 32 سؤالاً 28 منها عن الاقتصاد و4 عن الغرام.
أدرك الآن أنه لا سبيل إلى إصلاح الاقتصاد دون تخفيض الضرائب على الأعمال الحرة بمقدار 30 بليون يورو وتخفيض البذخ الحكومي والذي غايته الأولى أصلاً كسب الأصوات. أعلن ذلك وبصراحة لا أحد يبالي من ستكون سيدة الإليزيه الأولى قبل شد الرحيل للقاء أوباما الشهر المقبل.