هو الذي لا يعرف إلا أن يلعن الظلام، وعندما تسأله هل أوقدت شمعة أو نطقت بكلمة طيبة، فإنه سيحدّق بوجهك ويحسبك عدوه ومن المناهضين للديمقراطية!!
وبسببه وأمثاله، تجدنا غارقين بإبداع "لعنة الظلام"، والعمل على ترسيخ ما يتصل بالظلمة من سلوك ومواقف ورؤى وتصورات، حتى صارت النفوس والأرواح والقلوب والعقول دامسة ظلماء. فأنى تولي وجهك فثمة حندس فتاك، وقدرات ومجهودات لإطفاء أي بصيص نور أو شمعة تسعى لمطاردة الظلام!
هذا واقع يسود وتجني ثماره المجتمعات التي صارت في محنة الكرسي الديمقراطي الأعوج المعايير والتطلعات والغايات، مما تسبب في إنحراف المسار الديمقراطي، وتحوله من حق إلى باطل، ومن ربح إلى خسارة، ومن بناء إلى خراب، ومن وحدة وطنية، إلى تمزق وتفتت واحتراب داخلي، ومن احترام للرأي إلى تجريم بالرأي، ومن انتماء لوطن وقيم إنسانية عليا، إلى إنتماءٍ لصغائر المسميات والتصنيفات التفريقية والقيم الوضيعة المضللة.
ذلك أن الديمقراطية تتطلب أناسا يمتلكون رغبة وقدرة الإنارة الفكرية والنفسية والثقافية والروحية، فالديمقراطية تفاعل أنوار، وتنمية للخير والمحبة والألفة والأخوة الإنسانية، بعيدا عن أي المسميات الأخرى، لأنها حق إنساني يعلو ولا يُعلى عليها.
الديمقراطية إنسكاب لطاقات العدل والمساواة والحقوق والاحترام والتقدير للرأي والمعتقد والاجتهاد، وعدم انتهاك قيمة وإنسانية البشر.
وما يتجسد في مجتمعاتنا من وحي كل ديمقراطي أعوج، يحسب الديمقراطية حصانا يركبه للوصول إلى أطماعه الأنانية وأهدافه الضيقة، المبنية على أسس عاطفية وانفعالية وأمية، في أمدها البعيد تقضي عليه وعلى موضوعه، وهو في سكرة الاغتنام المبيد!
ولا يمكن لمجتمع أن يصنع حياة ديمقراطية، وينطلق بأجياله نحو مستقبل مشرق، إذا أذعن وأسلم أمره لكل ديمقراطي أعوج في كل ما يمت بصلة إليه.
ولا يمكن تقويم الاعوجاج الديمقراطي إلا بيقظة الشعوب، ووعيها ومعرفتها بحقوقها وواجباتها وقيمتها ودورها ومسؤوليتها!
فهل سنستقيم لكي يغادرنا المعوجّون؟!!
واقرأ أيضاً:
الميزان!! / الاختناق العربي!! / أوعية الشعوب المثقوبة!! / طابت ديمقراطياتكم!!