ما أروع الديمقراطيات التي انبثقت ينابيعها الربيعية وشلالاتها الندية الزكية البهية، فجعلتنا نتغنى بالأحلام، ونرقص في احتفاليات حضارية لا مثيل لها في تأريخ المجتمعات الآدمية. فحولت بلداننا إلى واحات خضراء، ورسمت الابتسامات على الوجوه، وأزالت البؤس والحزن والحرمان، وأبعدت القهر والألم والمعاناة عن الموجودات في بلادٍ تمتد من الخليج إلى المحيط، وتمتلك خزائن الدنيا الاقتصادية والفكرية والثقافية والحضارية والعقائدية.
وفيها من كل الألوان والرؤى والتصورات، وتتفاعل بإشراقٍ وتوهج معاصر في مرجل الصيرورات المتصاعدة الإبداع والابتكار والنماء.
الديمقراطيات التي جاءت إلينا كالنسيم العليل الذي تحمله رياح المحبة والحرية، والتعبير الأصدق عن المعاني الفكرية الثقافية، فراح يهامس الأزهار والأشجار والرياحين، بأبجديات الروعة والخيال.
آهٍ من الديمقراطيات القادمة من خلف أسوار العصور، والمعفرة بأسباب الجنون والهذيان، والمحررة للبشر من أوطانهم، وقيمهم وأخلاقهم ومعتقداتهم وأديانهم وبشريتهم، والآخذة بهم إلى حيث يتقهقرون ويتحولون إلى هشيم.
آهٍ من باعثة النار والدخان، وتصفية الحسابات المؤجلة والأفكار المعتقة في بطون الأجداث، والساعية إلى تحويل الأخوة إلى أعداء، والوطن إلى ويلات عقائدية ومذهبية وعائلية، والداعية لإقامة دولة بئر النفط، ودولة الشارع والدربونة والحارة.
آهٍ من التي أعمت البصائر والعيون، وأتخمت البطون بالعلقم والمرارات، فجعلت الناس يترنحون فيتقيئون ما فيهم من مرتكزات حضارية وطاقات حياة، حتى صارت الأوطان مواقد جحيم تحيل كل ما فيها إلى عجل حنيذ.
وإلى الوراء استدر، وتدحرج نحو قيعان الخسران، أيها الإنسان، وعاشت ديمقراطية أمّارة السوء التي فينا، أو توافينا!!
واقرأ أيضاً:
أوعية الشعوب المثقوبة!! / الديمقراطي الأعوج!! / الديمقراطية لا تلدها الأنظمة الدكتاتورية؟!!