الواقع العربي محكوم بقانون واضح وفاعل بقوة في صناعة الأحداث والتطورات، مفاده جهل المجتمع بطبيعة وآليات إرادته وما يريده، ومعرفة خصومه به وتوظيف معارفهم لأخذه، وأسره في محاور تحقق الأهداف المعادية لوجوده والصالحة لخصمه. فما يجري في المجتمع لا يخدم مصالحه الوطنية والإنسانية والعقائدية، وإنما يناهضها ويحاربها ويدمرها، فتجد الطاقات بأكملها مسخرة لهذه الأهداف السلبية أو العدوانية على حاضره ومستقبله.
ويساهم أبناء المجتمع بالسلوك العدواني على الذات والموضوع، ولا يمكن تبرئة أية شريحة اجتماعية من هذا السلوك الفتاك، ابتداءً من السياسيين والمثقفين إلى عامة الناس. فالجميع يشارك بانفعالية عالية واندفاع شديد بتأجيج نيران الصراعات الداخلية، والتفاعلات التدميرية لمرتكزات الحياة المعاصرة.
وقد تم صناعة لافتة عجيبة - لتبرير آليات الإنتحار الجماعي - من مادتين أوليتين قائمتين في الأعماق البشرية، هما الدين وسفك الدماء!!
وبعد تجارب وأحداث وتفاعلات متوالية عنيفة، تم مزجهما مزجا خلاقا، بحيث اتخذ سفك الدماء آليات طقوسية وعقائدية وفئوية، لدرجة أن سكة الفناء والدمار الأكيد أصبحت سالكة وذات قدرات تشريعية فائقة.
وهذا يعني أن حدة الصراعات والاشتباكات ما بين المكونات المجتمعية ستزداد قوة وفداحة، حتى لتجد المنطقة وقد تحولت إلى ألف صيرورة وصيرورة تعادي بعضها البعض، مما يعيدنا إلى آليات الأندلسة، التي مزقت الأندلس وحولتها إلى لقمة وهدية ثمينة للخصوم، فانمحق الوجود العربي عن بكرة أبيه، وهذا ربما سيتحقق في نهاية القرن السعيد.
ومبروك لأي خصم لبيب حليم قادر راشد رشيد، فأهدافه ستتحقق حتما ولا يلومن العرب إلا أنفسهم!!
واقرأ أيضاً:
أحمد شوقي صوت النهوض الخالد!! / النفاق الديمقراطي!! / لا ديمقراطية بلا زراعة!! / طائرة عباس ابن فرناس!!