العرب عليهم أن يكتشفوا نظام الحكم الصالح لحياتهم بحاضرها ومستقبلها.
وأن يبتكروا دساتيرهم وقوانينهم ومناهج صيرورتهم وآليات تحققهم.
وذلك يتطلب جهدا وسعيا واعيا وقدرات معرفية وبحثية، لإنتاج العقول اللازمة لصناعة أعمدة الحياة الرئيسية، القادرة على استثمار الطاقات وإطلاق القدرات الحضارية الإنسانية الكامنة فيهم.
والمطلوب التحرر من قيود الاستهلاكية، ورؤية أنوار الإبداع والإنتاج والاختراع والابتكار وتصنيع الأفكار.
فالعقلية والنفسية الاستهلاكية، وما يرافقها من تفاعلات سلوكية، قد أذهبت العقل وميّعت الإرادة وقتلت الطموح.
وهذا واضح في آليات الاستهلاك الديمقراطي، حيث تحولت الديمقراطية إلى بضاعة مستوردة وحسب.
مما أدى إلى تجاهل الخصائص الواقعية والحاجات الأساسية الضرورية المتفقة معها.
وأصبحت انتخاب وتصويت لا غير، وهذا السلوك لا يتفق وطبعنا، لأنه يؤدي إلى انشقاقات وصراعات وتفاعلات سلبية دامية.
وما حققت أية انتخابات في مجتمعاتنا حالة أفضل من التي سبقتها، ذلك أن تداول السلطة من المحرمات عندنا، وكأنه العار والشنار، فيفضل الجالس على كرسي الحكم، الموت على التنازل، أو أن يسمح لغيره بالحلول مكانه.
بل أن الجالس على الكرسي يدمر الوطن وينقضُ على الشعب، الذي يريده أن يغادر موقعه.
وتلك علة مزمنة وخيمة متأصلة في أعماقنا، وعبر الأجيال والعصور، فما غادر حاكم أو سلطان أو ملك موقعه، إلا بالقتل أو الموت أو الإجبار.
وتلك طبيعة لا تتفق مع المعاني الديمقراطية التي جيء بها إلينا.
ومن هنا فإن مجتمعاتنا بحاجة لطرح فكري ونظريات تؤسس لوجودنا الديمقراطي، قبل أن نتوهم بأننا نسعى إليها، لأنها ستتحول إلى قناع وخدعة لا أكثر.
فالنظام عندنا ديدنة الفردية والاستبداد والفئوية والتحزبية والعقائدية، والجمود النظري والفكري والتقوقع والانزواء.
ولا يمكن لهكذا حالة أن تُلقى بغتة في نهر الوجود الجاري، وتتفاعل مع المستجدات، وإنما تحتاج لمؤهلات وتأهيل ثقافي سلوكي تتوارثه الأجيال.
فهل من قدرة على صناعة الديمقراطية وليس استيرادها؟!
واقرأ أيضاً:
الترحاب والترهاب!! / الفردية تحكمنا!! / تَناطح الأفكار!! / الطبائع الغابية!!